الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوقت من أعظم نعم الله ويجب على المسلم ألا يفرط فيه

الوقت من أعظم نعم الله ويجب على المسلم ألا يفرط فيه
8 يونيو 2012
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم:«نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ»، (أخرجه البخاري)، هذا حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب الرقاق - باب ما جاء في الرقاق، وأنْ لا عيش إلا عيش الآخرة. إن نعمة الوقت من أعظم نعم الله على ابن آدم، لذلك يجب على المسلم أن يستفيد من كل وقته، وألا يفرط فيه، فالوقت هو العمر، والعمر هو الفرصة الغالية التي ينبغي عدم التفريط فيها. إن الواجب على المسلم أن يحرص على اغتنام أوقاف الفراغ فيما يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والنفع، فخير الناس أنفعهم للناس، وأحبهم إلى الله سبحانه وتعالى أنفعهم لعباده، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: “اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك”، (أخرجه البيهقي). ومن المعلوم أن الوقت هو الحياة فمن أضاع الوقت فقد أضاع حياته، لذلك فقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً في حسن تنظيم الوقت واستغلاله فيما ينفع الفرد والمجتمع، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من أجل هدف سامٍ هو عبادته سبحانه وتعالى، وطاعته، والسير على طريق الحق والخير: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، “سورة الذاريات، الآية 56”، إذاً فالواجب علينا أن نغتنم كل لحظة ودقيقة في كسب رضوان الله قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال. مشكلة الفراغ إن مشكلة الفراغ في العصر الحديث من أهم أسباب الانحراف والفساد، فالذي لا يشغل نفسه بالحق، يشغله بالباطل، لذلك ينبغي العناية بالوقت وملئه بالعمل الصالح حتى لا يوجد فراغ، فالوقت نعمة وأمانة يضيعها كثير من الناس، وعندما نقرأ القرآن الكريم، فإننا نجد توجيه القرآن الكريم للمسلمين بالإعراض عن اللغو، وهذا تقدير عميق لقيمة الوقت، ورسالة لاستغلال وقت الفراغ، ينبغي أن يلتفت إليها المسلمون، ونحن هذه الأيام يتمتع أكثرنا بنعمة الفراغ، وبعض الناس يفرّط تفريطاً عظيماً بهذه النعمة، حيث إن بعض الناس يستغل هذه النعمة وللأسف الشديد بما يعود وبالاً عليه والعياذ بالله في الدنيا والآخرة. وعلينا أنْ نعلم أنّ من أعظم الأمور التي تجعل هذا الفراغ وسيلة لجلب الأجور العظيمة والحسنات الكثيرة بإذن الله تعالى هو الإقبال على كتاب الله عز وجل، فلا بد أن يكون لكتاب الله نصيب في جدول أعمالك اليومي، لا بد من تخصيص وقت حتى ولو كان يسيراً لكتاب الله، وخير ما تقضى به الأوقات هو كتاب الله جل جلاله، فبعض الناس يخصص جزءاً من وقته لقراءة مجلة أو جريدة، أو لمشاهدة مسلسل أو مباراة، ولكن وللأسف لا تجد للقرآن الكريم في وقته نصيباً. اغتنام الإجازة لذلك فإننا نتوجه لأولياء الأمور بضرورة اغتنام الإجازة الصيفية لإرسال أبنائهم وبناتهم ليلتحقوا بمراكز تحفيظ القرآن الكريم، هذه المراكز التي تعم أرجاء دولة الإمارات العربية المتحدة ولله الحمد، وكذلك للالتحاق بالمراكز الثقافية، والدورات العلمية التي تقيمها المؤسسات الخيرية كتعلم الكمبيوتر، والرياضة، والإسعافات الأولية، والأعمال النسائية. إن عمر الإنسان قصيرٌ مهما طال، فأعمار الأمة الإسلامية ما بين الستين والسبعين والقليل من يتجاوز، والإنسان لا يعلم ماذا سيحدث له غداً كما قال تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، “سورة لقمان، الآية 34”. إن التاريخ لم يعرف أمة قدس دستورها الزمن، كأمتنا الإسلامية، التي حدثها الله سبحانه وتعالى دائماً عن نفسه، وعن خلقة بكل دقة. ? لقد حدث الله عن خلق السموات والأرض فقال: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيام)، “سورة الحديد، الآية 4”. ? وحدث عن أمره وإرادته فذكر أن ذلك يتم في غير زمان (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، “سورة يس، الآية 82”. ? وحدث عن علمه بالخلق وأحوالهم فبين أن ذلك يتناول أدق الأمور: (اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)، “سورة الرعد، الآية 8”. ? وحدث عن تسجيل أعمال الخلائق فبين أن ذلك يشمل القليل والكثير: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلا أَحْصَاهَا)، “سورة الكهف، الآية 49”. الراية الإسلامية وحدث سبحانه عن حسابه للخلق فذكر أن ذلك يتم بميزان دقيق: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)، “سورة الأنبياء، الآية 47”. كما وأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد اغتنم كل لحظة من حياته، وعلم أصحابه ذلك، فما مضى قرن من الزمان حتى رأينا الرايات الإسلامية ترفرف فوق مساحات شاسعة من قارات العالم بفضل الله أولاً، ثم بجهدهم وعملهم وإخلاصهم. الأمم الراقية إنَّ الأمم الراقية تستغل وقتها أحسن الاستغلال في الخير، وفي المخترعات العلمية التي تعود بالخير على البشرية، وفي سبيل النهوض بحياة الأمم والشعوب، ومن المعلوم أن المسلمين الأوائل قد استغلوا أعمارهم في الخير، فكانوا العلماء النابغين الأفذاذ الذين طأطأ لهم الشرق والغرب إجلالاً واحتراماً في شتى المجالات، بينما نرى الأمة العربية والإسلامية اليوم في ذيل البشرية، في العالم الثالث. وعند قراءتنا وتدُّبرنا لآيات القرآن الكريم نجد حديثاً قرآنياً عن آلاء الله المبذولة لسكان الأرض كلهم، وعند تأملنا في هذه الخيرات المشاعة نجد أنَّ التأخر العلمي والمادي قد قلَّل حظوظ المسلمين منها، وكأنّما خلق الله الأرض لغيرهم!! إنَّ الدول العربية والإسلامية زاخرة بنعم الله سبحانه وتعالى التي لا تُعَد ولا تحصى، فلو أنَّ الأمة استغلت طاقاتها في الخير لاستفادت وأفادت الآخرين، وشجَّعت العلماء والمخترعين، كما أن الفرد كذلك مطالب باستغلال الوقت في طاعة الله، فالصلوات موزعة على خمسة أوقات، والصوم، والحج، والزكاة، مقسمة على شهور السنة، ونحن مسؤولون عن أعمارنا فلماذا نضيعها سدى هكذا؟! الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©