الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام دين حضارة

2 سبتمبر 2010 21:55
من فضل الله تعالى على الإنسان أن وهبه العقل واختصه به، إذ به سمت أخلاقه واستقامت سلوكه وصلح عمله وكان له شرف خلافة الله في الأرض وبه استطاع أن يكتشف ما أمكن له من سنن الخلق في نفسه وفيما يحيط به، وبالعقل كان الإنسان إنساناً فعمر الكون وأنشأ الحضارات وركزها وطورها، وبه نال التفضيل والتكريم، فقال عز وجل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) «الإسراء» وبهذه الميزة عقل الإنسان وتعلم وأبدع وبها حمل الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال وبها كان منطلقه في تحصيل العلم وتحقيق الإيمان والنهوض بالتكاليف فكان لحياته غاية ومقصد ولأعماله حساب وجزاء، فكان هذا الإنسان منذ أن خلقه الله تعالى مجبولاً على الطموح إلى المعالي والسؤدد والكمال والسعي نحو الأفضل والأحسن تحقيقاً لحياة كريمة يهنأ فيها برغد العيش وطيبه ونعيمه. ولهذا، انطلق الإنسان منذ القدم يحقق التقدم ويتحدى الصعاب ويسهم في بناء الحضارة الكونية ويتعاون مع غيره من الشعوب غايته من كل ذلك أن يجلب الخير والنفع له ولمن يحيط به من بني البشر ولقد سارت الأديان والحضارات في موكب واحد ترسم للبشرية طريقها نحو حياة أرقى وعيش أرغد، وكان الإسلام واحداً من أكبر تلك القمم يدعو إلى أسس الحياة السعيدة الفاضلة، حاثاً على طلب العلم النافع وتحكيم العقل الناضج وإشاعة روح المحبة والتسامح ونشر الأمان والطمأنينة وتقديس قيمة العمل. والتنمية تعني في جملة ما تعنيه العمل على بذل الجهد لتحسين الإنتاج وتطويره كماً وكيفاً تحقيقاً للتقدم والازدهار وخروجاً من الجهل والتخلف، فإن الإسلام يعتبر رائداً في هذه المجالات كلها، وهو الذي يدعو إلى العمل والاعتماد على الذات وحسن التصرف وحثه على الإتقان، إلى جانب أنه دين يقوم على الانفتاح على كل الحضارات والثقافات والعلوم، وهو لا يعرف الانغلاق ولا يهاب ما لدى الآخرين من فكر وعلم فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها. وإذا كان من سنن الله في الكون سنة التطور الدائم والتجدد المتواصل والتغير الذي لا يتوقف، فإننا نرى العلم يشهد اليوم بالخصوص حركية دائبة وتطوراً سريعاً، إذ في كل يوم يخترع شيء جديد وتكتشف عوالم كانت مجهولة وتبعاً لذلك تغيرت اليوم الحياة وأساليبها مما يجعل المسلمين في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى علماء مجتهدين يستنبطون من الأحكام ما يساير العصر ويواكب التطور ويراعي المصالح العامة ويدفع إلى التقدم والرقي، غايتهم الكبرى وهدفهم الأسمى أن يبصروا بالإسلام الحق المستنير الخالص من شوائب التحجر والتزمت والانغلاق، إذ هو دين الحياة والحضارة الذي أراده الله إصلاحا للإنسان وبناء للمستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©