الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأفغان يتناولون إفطاراً متعدد النكهات

الأفغان يتناولون إفطاراً متعدد النكهات
2 سبتمبر 2010 21:59
يصوم الناس في أفغانستان حسب ظهور الهلال في إحدى الدول الإسلامية، لصعوبة استطلاع الهلال في أفغانستان لطبيعتها الجغرافية الصعبة، ويُعتبَر اللحم والأرز والحليب من أشهر الوجبات الرمضانية الأفغانية، وتجعل التركيبة الإسلامية للشعب الأفغاني رمضان في أفغانستان شهرا مختلفا عن غيره، إذا ما قورن استقبالهم للشهر الكريم باستقبال المسلمين على مستوى العالم الإسلامي لرمضان، فهو شهر له مذاق خاص، ومكانة خاصة في قلوب الأفغان على مستوى الطعام والعبادة. قبل قدوم رمضان يذهب الجميع إلى الأسواق لشراء حاجاتهم ومستلزماتهم الضرورية، وقبل دخول رمضان بيوم واحد يجتمع الأهالي في ساحات المساجد ويتناولون إفطارا جماعيا وهو نوع من الترحيب بشهر رمضان المبارك، فيجتمع الرجال قبل أذان المغرب بنصف ساعة في ساحات المساجد من أجل الإفطار الجماعي، ولهذا عدة فوائد منها خلق روح المحبة والمودة، بالإضافة إلى أن الذي لا يقدر على توفير طعام الإفطار لنفسه ولأسرته تكون هذه فرصة له للإفطار دون إحراج ومن ثم معرفة الأسر المحتاجة ومساعدتها. ?مؤثرات آسيوية وعربية كغيرهم من الكثير من الشعوب يفطرون على الماء والفواكه والشوربة والفطائر، ثم ينصرفون إلى صلاة المغرب والعشاء والتراويح، ثم يعودون لأكل العشاء الذي يضم اللحم والأرز وغيره من طيب الطعام، ?ويكثر أهل أفغانستان من إقامة الختمات في رمضان، والختمة عندهم يحتفون بها حيث يطبعون البطاقات المزخرفة كبطاقات الأعراس ويدعون لها بعض الناس وليس جميعهم. والواضح أن المطبخ الأفغاني استفاد من وجود بلاد تقع عند تقاطع ثقافات متعددة، ثقافة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وشبه القارة الهندية والشرق الأقصى، فالتأثير الهندي والباكستاني على التوابل وأطباق الأرز هو السائد في أفغانستان، فخليط بهارات “الغارام ماسالا” هو الطريقة الشعبية في التتبيل وذلك بإضافة الزعفران والقرفة والقرنفل والفلفل والفليفلة الحارة التي تعكس كلها نفس التأثير الهندي الباكستاني، أما الهيل والشبث والنعناع والكمون والكزبرة، فتعكس التأثير العربي والإيراني. ويظهر التأثير المغولي في أطباق الشعيرية مثل فطاير الكراث المسلوقة بصلصة اللبن واللحم، والمعكرونة مع البقوليات واللحم واللبن، رغم أن أي بلد منتج للحبوب يمكنه أن يتوصل إلى الشعيرية دون أي تأثير خارجي، و”الموست” جزء هام من الطبخ الأفغاني، وغالبا ما يصفّى لإنتاج مادة كثيفة شبيهة بالجبنة القشدية تسمى “الشاكاه”، واللبن يصفّى ويجفف ليصنع منه جبنة تسمى “الكوروت” التي تذاب ثانية بالماء لإعادة صنعها. أشهر الأطباق الأفغانية أنواع الخبز الأفغاني مماثلة للخبز الباكستاني والهندي والإيراني، رغم أن تحضيرها يختلف قليلا عنها، فالخبز الكامل “الناون” يشبه خبز “النان البنجابي” شمال الهند وخبز “اللاواش المرقوق” يشبه خبز “النانه لافاش” الإيراني، و”التشاولا والبالاو” الأفغانيان مشابهان لطبقي الأرز في كل من إيران والهند وباكستان، والأرز البسمتي يستعمل في أفغانستان رغم أن نوعا آخر من الأرز الطويل الجيد يمكن استعماله مكانه، والقورما (صلصة اللحم) لها ما يوازيها في القورما الهندية، رغم أنها ليست كثيرة التوابل مثلها، و”القوريش قورما سابزي” تشابه طبقا إيرانيا، وهنا يبرز تشابه آخر، فالسابزي الإيراني يشير إلى الأعشاب الخضراء بينما السابزي الأفغاني يشير إلى السبانخ، والسابزي الهندي والباكستاني إلى تشكيلة من الخضر. وتستخدم تشكيلة واسعة من الخضر في المطبخ الأفغاني، ويعتبر الكراث أكثرها شيوعا بإضافة الفليفلة الحارة إليه، واستعماله كحشوة للعجين المغلي أو المقلي وكثيرا ما تضاف الخضر إلى اللحم لتحضير القورما مع السبانخ واللفت أو السلجم والبطاطا والجزر، وغالبا ما تستعمل فلقات الباسلاّ الصفراء المقشورة لتكثيف الصلصات والشوربا، تماماً كما تستعمل في إيران. أما الشاي الأفغاني (التشوي) دائم الحضور، ويقدم عادة أسود ثقيلا وأحيانا منكهاً بالهيل، ويمكن تناوله مع السكر أو بدونه، يشتهر الأفغانيون بكرمهم، فعندما يقدمون الشاي للضيف، غالبا ما يقدمون له كميات كبيرة من السكر، فإذا وجدت الشاي حلو المذاق كثيراً ، فيمكن أن يعتبر المرء نفسه ضيفا عزيزا حقا، ويقدم الشاي عادة في نهاية الوجبة ويقدم لكل فرد إناء الشاي والفنجان والزبدية لوضع أوراق الشاي المستهلكة، أما الشاي بالحليب فيقدم في المناسبات الرسمية. طقوس المائدة الأفغانية يقدم الطعام في صحون وأوان كبيرة، ويوضع فوق قماش مفروش على سجادة أو حصيرة، وأحيانا تقدم الصحون والزبادي للأفراد، ولكن ذلك يختلف باختلاف المكان إن كان منزلا أم خيمة، وتقدم الوسائد للجلوس، وتستعمل أصابع اليد اليمنى لتناول الطعام بعد غسلها، ويقدم أرز التشالا أو البالا وبصورة عامة، غالبا ما يقدم مع القورما، كما يمكن تقديم الكباب والدجاج (الأوشاق) بالإضافة إلى الشوربة في الولائم، ويمتاز الأفغانيون بتقديم كميات كبيرة من الطعام، كما تقدم دائما الخضر والسلطة والمخللات واللبن والخبز، ويستعمل الخبز لتناول الأطعمة اللينة، ويقدم اللبن الرائب أو المخيض دائماً كشراب على المائدة، والفواكه جيدة ووفيرة، وتقدم دائماً كجزء من الوجبة، ويعقب الوجبة تناول الحلويات، كما يقدم الشاي بعد الوجبة بفترة طويلة. ويؤكد العارفين بأسرار الطهي الأفغاني على مميزات طبق الباجة الأفغانية فهي غنية بالبهارات والخضراوات، (الباجة كلمة عراقية من أصل فارسي وتعني لحم الرأس والكوارع والكرش التي تطبخ معا) وهي وصفة مفيدة للجسم وتعزز العمليات الكيميائية الحيوية فيه، وهي تطبخ في خلال ساعتين أو ثلاث ساعات فقط، بخلاف لحوم البلدان الأخرى التي تستغرق وقتا طويلا لتحضير هذه مثل الوصفة، لأن المواشي الأفغانية تتربى على الأعلاف الطبيعية بين الجبال والصحارى، كما تتميز الباجة الأفغانية أيضا بقوة علاجية، فهي تقوي الخلايا وتعطي الطاقة، وتزيد الخصوبة وتزيد مقاومة الجسم للأمراض والالتهابات. سر الفاكهة المجففة الفواكه في أفغانستان لذيذة الطعم بشكل لا يضاهى، ولا يمكن للمرء أن يذوق عنبا أو تينا أو برتقالا قط أكثر حلاوة من تلك التي تنبت في أفغانستان، ولأهل مزار الشريف وشمال أفغانستان عموما خبرة في تجفيف الفواكه يحرصون على إخفاء سرها عن الآخرين، كما أن المنطقة تشتهر بنوع من الشمام يسمونه “الخربوزة” لا يعدل عذوبة طعمه أي شمام آخر، يأكلونه عذبا صيفا ويجففونه ليستخدم شتاء كالعنب الذي يصير زبيبا يسمونه “الكشمش” ويدخل في إعداد الكثير من الأطباق.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©