الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشباح الماضي والحروب الدينية.. تلوح في العراق

أشباح الماضي والحروب الدينية.. تلوح في العراق
23 يونيو 2014 23:27
جيمس ستافيريديس عميد كلية القانون والدبلوماسية بجامعة تافتس بينما يمزق السنة والشيعة مجتمعاتهم في أجزاء كبيرة من العالم العربي، تلوح الأشباح القديمة من شرق البحر المتوسط والشام في شمال الخليج العربي. ونحن نرقب في رعب غير مصدقين بينما تحمل العناصر المتطرفة، من كلا جانبي الصراع، الأسلحة في العراق وسوريا على نحو يزداد ضراوة. لكننا في الغرب سبق أن شاهدنا هذا يحدث في العقيدة المسيحية، وخلال حروب الإصلاح. في مطلع القرن السادس عشر وحتى منتصف القرن السابع عشر، قام البروتستانت والكاثوليك بتمزيق أوروبا، وقتلوا تقريباً ثلث الشعب في أجزاء من ألمانيا وهولندا وبلجيكا، مع معدلات وحشية للإصابات في أجزاء أخرى عديدة من القارة والجزر البريطانية. ومن قبيل الصدفة أن هذه الأحداث وقعت عندما كان عمر الديانة المسيحية 1500 عام، وهي تقريباً نفس الفترة منذ ظهور الإسلام وحتى وقتنا هذا. وفي ذلك الوقت، وكما هو الحال الآن، لم تكن هذه الصراعات خالصة من أجل الدين.ففي أوروبا، كانت إصلاحات «مارتن لوثر» تنتشر بسرعة في جميع أنحاء القارة، مما أدى إلى وقوع حروب تحمل أسماء كثيرة في هذه الفترة: حرب الثمانين عاماً، وحرب الثلاثين عاماً، وحروب الممالك الثلاث، وحروب فرنسا الدينية، والعديد غيرها من الحروب المريرة. وفي إنجلترا، ظهرت بدايات التعصب الديني عندما سعى الملك «هنري الثامن» إلى إبطال زواجه من الأميرة الإسبانية الكاثوليكية «كاترين» من مملكة «أراجون». وقد اصطدمت الحماسة الدينية في هذه الفترة مع رغبة المملكة الإسبانية الكاثوليكية في الحفاظ على هيمنتها في أجزاء من وسط أوروبا. أما في العالمين العربي والفارسي اليوم، فإن الجغرافيا السياسية والاقتصاد يشكلان عاملين مهمين كذلك. فإيران تسعى للهيمنة على أكبر قدر من الشرق الأوسط، وهي على استعداد لتوظيف الصراع السني- الشيعي ليجعلها صوتاً مهيمناً في العراق وسوريا ولبنان. وعلى الجانب السني، فإن هناك جهات قامت على نحو أهوج بدعم الجماعات السنية المتطرفة، ما أدى إلى نشوء ليس فقط تنظيم «القاعدة» وفروعه، ولكن أيضاً ظهور جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) السنية الإرهابية. وكما كان الحال في الحروب الأوروبية من أجل الإصلاح، فإن هناك احتمالات كبيرة لانتشار مثل هذه الحروب، بينما تتدنى احتمالات القدرة على إخمادها. وهذا في الواقع مزيج سيئ. فإذا ما تجذر استخدام الغضب الديني والحروب الطاحنة وارتبط بالطاقة وموارد الجغرافيا السياسية والاقتصاد، يكون من الصعب القضاء عليه. فما الذي يمكننا فعله؟ أولا؛ المشاركة. علينا أن ندرك أن هذا في الواقع مزج قاتل للدين والسياسة وأن نفعل ما بوسعنا لتحقيق الاستقرار في الأوضاع. وببساطة، تجنب أن يتسبب ذلك في نهاية الأمر في حدوث آثار رهيبة في الولايات المتحدة وأوروبا. لكن في نفس الوقت، يجب أن ندرك أن هذه في الأساس ليست مشكلتنا لكي نقوم بحلها. فالحلول النهائية يجب أن تنبع من الإسلام ومن المنطقة. وهذا يعني العمل مع الأنظمة الأكثر اعتدالاً والدفع نحو تحقيق التوازن في التعامل مع السنة والشيعة. وفي حالة العراق على وجه الخصوص، علينا دفع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لبناء نظام أكثر شمولاً، ووقف الملاحقة السياسية الفجة للسياسيين من السنّة، وقيادة الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة للعودة للعمل مع قيادات السنّة. هذا إلى جانب تقديم مساعدات عسكرية سريعة، بما في ذلك مستشارو المخابرات، والأسلحة والمروحيات والذخيرة والدعم الإلكتروني، وربما مستشارون من القوات الخاصة. وكل هذا وذاك قد يعني العمل مع إيران -وهي شراكة ستكون غريبة- لكنها قد تحمل نتائج إيجابية. ثانياً؛ علينا الاعتراف بأن هذا على الأرجح تحدٍّ طويل المدى. وفي حين أن بإمكاننا أن نأمل في تجنب مئة سنة أخرى من الحروب ذات تأثير طويل وبطيء، على غرار حروب الإصلاح الأوروبي، فمن الواضح أن هذا ليس تحدياً خاطفاً. فالولايات المتحدة عليها الانخراط في لعبة طويلة هنا، وهذا يعني صياغة استراتيجية واسعة النطاق للمنطقة وللتعامل مع كل من الجوانب الدينية والجيوسياسية لهذا التحدي. وهناك جانب آخر بالغ الأهمية ألا وهو محاولة فصل الجغرافيا السياسية (إيران مقابل المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال) عن الدينية (الشيعة مقابل السنة). فالقيام بذلك يمثل تحدياً، لكن خلق قضية مشتركة ضد جماعات عنيفة ومتطرفة مثل «داعش» قد يجعل الأمر أكثر سهولة. وقد تكون هناك فرص مع إيران في هذا الصدد، وذلك من خلال الدفاع الفوري عن حكومة العراق الهشة، وكذلك نظام الحكم. وهناك نهج رابع هو محاولة إشراك محاورين في الدول ذات الأغلبية المسلمة، مثل تركيا وإندونيسيا، كنماذج للدور الإيجابي، ممن يعملون بشكل جيد إلى حد معقول لإيجاد توازن بين القوى الجيوسياسية والقوى الدينية. ويجب أن ينطوي ذلك على تشجيع القيادات الدينية في الإسلام للتحدث عن التسامح إلى جانب العمل مع المنظمات الإقليمية (مثل جامعة الدول العربية)، وإشراك الأمم المتحدة. لقد استمرت حروب الإصلاح الديني في أوروبا أكثر من مئة عام، ولا تزال تظهر آثارها بشكل مأساوي اليوم في إيرلندا الشمالية المقسمة. وسيتطلب الأمر جهداً عميقاً داخل العالم الإسلامي لدرء المزيد من التسييس لهذه العقيدة العالمية. كما أن وجود قيادة من الرجال والنساء من ذوي النوايا الطيبة سيكون عاملاً حيوياً لكسر دورة العنف الناشئة. وفي مواجهة التحديات الضاغطة الآن علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لتطويق العنف بجميع أنواعه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©