الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان وأميركا: التجاوز الممكن

8 يونيو 2013 22:50
روبرت تشيس المدير التنفيذي لمنظمة «إنترسيكشنز إنترناشيونال» في نيويورك سافرْت الشهر الماضي مع وفد من القادة الدينيين الأميركيين، ضمن التجمع الأميركي الباكستاني متعدد الديانات، لمقابلة نظراء لنا باكستانيين في إسلام آباد ولاهور. وقد اكتشفتُ أثناء وجودنا في باكستان تحوّلاً نحو الحلول المرنة القائمة على التنمية الإنسانية، بدلاً من الحلول الخشنة للمشكلات الأمنية، وتحسين نوعية الحياة من حيث التعليم والرعاية الصحية والحوكمة الجيدة، ضمن مقاربة جديدة أرى أنها أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف المنشودة، وبناء علاقات أميركية باكستانية أفضل. وخلال الاجتماعات كانت تتم إثارة تحدٍّ واحد مرة بعد أخرى، ما المنجز الذي يمكن للقادة الدينيين تحقيقه فعلياً في دولة تُؤرقها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العميقة والمزمنة مثل الفقر والبطالة ونظام تعليم غير فعال وعنف متطرف، وحيث يعتبر سوء فهم الدين أحياناً كثيرة هو السبب في المشكلات، إضافة إلى وجود انعدام ثقة عميق في قدرة الحكومة على تصحيح المسار. وكل هذه مشاكل باكستانية مطروحة، كما أخبرنا نظراؤنا الباكستانيون، ولذا فإن الخيار الأفضل هو تركها للباكستانيين أنفسهم للتعامل معها. ولكن من خلال الاستثمار في الأمن بتكثيف جهود التنمية الإنسانية، وجدْنا أرضية مشتركة وأموراً نبحثها مع مضيفينا الباكستانيين. وقد أخبرونا بأن مقاربة الأمن الإنساني هذه موضوع جديد وجدير بدعم واهتمام الأميركيين. كما بحثنا كثيراً من القضايا الاجتماعية التي تواجه باكستان ويتردد صداها كذلك عبر الولايات المتحدة، مثل تفاوت الدخل والبطالة واهتمامات حقوق الإنسان ومشكلات أداء الحكومة وانعدام مجالات بناءة للشباب، وهي جميعها قضايا مشتركة لكلا الشعبين. وعلى رغم وجود فروق واضحة في الثقافة والحوكمة والاستقرار الاقتصادي، هناك أيضاً أمور نستطيع أن نتعلّمها من بعضنا بعضاً للمساعدة على مداواة الجروح الاجتماعية في دولنا؟ وهنا يثور سؤال: هل يعتبر العمل من أجل العدالة الاجتماعية مساحة يمكن أن نجد فيها أرضية مشتركة؟ كان الجواب في حواراتنا «نعم» بامتياز في الناحيتين. لقد عرفنا، على سبيل المثال، من نظرائنا الباكستانيين أن تفشي البطالة في المجتمع والتهميش يجعلان الناس عرضة للتأثر بخطر القوى المتطرفة القادرة على توفير خدمات اجتماعية حيوية. وهذا يقتضي سد مثل هذه الثغرة في وجه جماعات التطرف، بتوفير الخدمات وفرص العمل. وفي هذا السياق قال الدكتور ماسوم ياسينزاي، رئيس الجامعة الإسلامية العالمية إنه: «بغض النظر عما إذا كنا مسلمين أو مسيحيين أو يهوداً، أو باكستانيين أو أميركيين، فإننا نرغب جميعاً في أن نجعل هذا العالم مكاناً أفضل، أكثر سلاماً ومساواة وتجاوباً مع مطالب العدالة والمساواة، وأكثر تسامحاً ورحمة، وفوق ذلك كله، يرتكز على سياسات أخلاقية وليس على سياسات تديرها الرغبة في استعجال وارتجال السياسة». وأضاف قائلاً: «يتحدّث القادة الدينيون من منطلق منبر الضمير وليس من صندوق اقتراع السياسيين، ولذا فإن لهم مصداقية أوسع -في بناء العلاقات الأميركية الباكستانية- أكثر من نظرائهم في قطاعات أخرى من المجتمع، عندما يتكلمون عن قضايا ذات اهتمام عام، بغض النظر عما إذا كانت داخلية أو أجنبية». وعلى العموم فقد اكتشفنا انفتاحاً مثيراً للإعجاب، بل ورغبة كبيرة في الحوار عند مقابلة الزعماء الدينيين والمجتمعيين، والأساتذة والطلبة الناشطين. وقضينا معاً وقتاً طويلاً نصغي، وسمعنا وجهة نظر ملتزمة بشكل مماثل بإيجاد تعاون في مقاومة المشاكل الاجتماعية في مجتمعينا، على رغم كونها ناقدة بشكل حاد لسياسة الولايات المتحدة الخارجية أيضاً (وكذلك لسياسة باكستان). وكانت أجندة عملنا واسعة بحيث عبرت عن الالتزام بالاستمرار في اللقاء، مستخدمين المؤسسات التعليمية التي نمثلها (4 مؤسسات باكستانية و4 أميركية) كمنصات انطلاق لتبادل بناء بين بلدينا. واتفقنا كذلك على بذل جهد مشترك لإعادة بناء حياة من تأثروا بضربات الطائرات من دون طيار، وهي قضية تعتبر مصدر قلق كبيراً في أذهان الباكستانيين كلما تعلق الأمر بالعلاقات الأميركية الباكستانية. ولكن، أخيراً، هل ستثمر هذه الجهود؟ سيحكم الزمن. إلا أن روح التعاون والانفتاح التي لمسناها عند الباكستانيين تعتبر مؤشراً مفعماً بالأمل على تجاوز ممكن في علاقات الجانبين نحو أشكال أقوى وأعمق من التعاون والتفاهم. وقد تسلّمنا رسالة إلكترونية لدى عودتنا، من الدكتور ممتاز أحمد، مدير معهد إقبال العالمي للبحوث والحوار في الجامعة الإسلامية العالمية، يقول فيها: «أخبرني الجميع تقريباً بأنهم رأوا وجهاً جديداً لأميركا: وجه مجتمع متدين بعمق ورحيم ومتواضع ومستعد للإصغاء باحترام وصبر. لا تستطيعون ببساطة يا أصدقائي تصوّر أهمية رحلتكم إلى باكستان. كانت تلك هي المرة الأولى التي عرف كثيرون منا أن كسب القلوب والعقول له معنى حقيقي». ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©