الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقوبات الغربية.. وتحديث الجيش الروسي

27 يناير 2017 21:24
في أعقاب العقوبات التي فرضت على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، واجه الكرملين بعض الخيارات الصعبة، حيث عرّضت تلك العقوبات برنامج تحديث الجيش الروسي للخطر، بعد أن حالت بينه وبين الحصول على بعض المعدات العسكرية الغربية ذات التقنية المتقدمة مثل المجسّات العسكرية، والبرمجيات، ومحركات السفن، وغير ذلك من المعدات المهمة للغاية لإخراج آلة الحرب الروسية التي كادت توشك على الانهيار في وقت ما، من الوضع الذي وجدت نفسها فيه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. ومع ذلك، ووفقاً لبعض المسؤولين والخبراء العسكريين الغربيين، الملمين بالطريقة الروسية في الحرب، فقد تمكنت موسكو، حتى مع احتمال إعفائها من العقوبات تحت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، من إنجاز بعض الالتفافات المبتكرة، التي قد تتحول إلى دائمة، والتي يمكن أن تجعلها أكثر قابلية للتأقلم مع أي عقوبات تفرض عليها في المدى الطويل، بل ومكنتها بالفعل، من كسب بعض الأموال. ومن بين أكثر العقوبات التي فرضت على موسكو دراماتيكية، القرار الفرنسي بإلغاء تزويدها بحاملتي طائرات هليكوبتر من نوع «مسترال». وعلى رغم أن هذا القرار قد مثل إحراجاً علنياً لروسيا، إلا أنها نجحت في الالتفاف عليه، وتحقيق بعض المكاسب المالية من ورائه. فروسيا لم تسترد فقط المليار دولار الذي كانت قد دفعته مقدماً لفرنسا لشراء الحاملتين، بل عملت كذلك على الاستفادة من الإلغاء، من خلال بيع خمسين طائرة هليكوبتر من طراز كي آيه -52، التي كانت قد أنتجت لوضعها على ظهر الحاملة المذكورة في الأصل، إلى مصر بعد أن اشترت الحاملتين من فرنسا. ووفقاً لمسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية، فإن موسكو، بشكل عام، لم تشعر بالتأثير الكامل للعقوبات، بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية من جانب الولايات المتحدة، والدول الأوروبية. ويرى هذا المسؤول أن أميركا وأوروبا، كان يجب أن تذهبا إلى مدى أبعد مما ذهبتا إليه، للحيلولة دون حصول الجيش الروسي على احتياجاته من المعدات العسكرية، وأن الروس كانوا يلجؤون عندما يتم إغلاق باب استيراد معدات حيوية، مثل تلك التي كانوا يحتاجونها لتحديث أسطولهم، إلى جهات أخرى للحصول على ما يحتاجونه. فعندما امتنعت ألمانيا عن إرسال المحركات اللازمة لتشغيل السفن الروسية المتوقفة في موانئها، سرعان ما وجد الروس مورداً آخر هو الصين، التي كانت قد اشترت مثل هذه المعدات قبل سنوات، وقامت بتقليدها في مصانعها. وعلى رغم أن الماكينات التي حصل عليها الروس من الصين لم تكن بنفس درجة جودة نظيرتها الألمانية، إلا أنها أوفت بالغرض، ونجحت في إخراج السفن الروسية المتوقفة، التي كادت تصدأ، إلى البحار المختلفة. وعندما كان الأمر يتعلق ببعض المكونات الإلكترونية الحساسة، التي كان الروس يشترونها عادة من الغرب، لاستخدامها في صناعتي الفضاء والصواريخ، كانت موسكو تسعى للحصول على مثل تلك المواد من دول مثل كوريا الجنوبية وغيرها من دول جنوب شرق آسيا، غير المتماشية مع العقوبات الغربية. وحتى لو تم رفع العقوبات المطبقة حالياً، كما ألمح الرئيس ترامب أنه سيفعل في إطار جهد لعقد صفقة أوسع نطاقاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن الأمر المتوقع أن الانقطاع الذي حدث بين روسيا، وصناعة الدفاع الأوروبية، سيكون دائما على الأرجح. وقال مسؤول الدفاع الأميركي المشار إليه، إن الروس ينتظرون بصبر منذ أن جرى فرض العقوبات عليهم، وأن الأمر المؤكد هو أن بوتين، يقدر أنه تحت إدارة ترامب -وبعد الانتخابات الألمانية والفرنسية المقبلة، التي يتوقع أن تكتسب فيها الأحزاب الموالية لموسكو بعض الزخم- سيتم إلغاء العقوبات، وأنه من الأفضل له بناء على ذلك «أن ينحني أمام العاصفة» في الوقت الراهن. وبالإضافة إلى استمرار موسكو في بناء قدراتها العسكرية، على رغم العقوبات المفروضة عليها، فقد حرصت في السنوات الأخيرة، على استعراض قوتها العسكرية التي تمكنت من تطويرها. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، نجحت موسكو في نشر حاملة الطائرات «الأدميرال كوزينتسوف» في أول مهمة قتالية خارجية، حيث رست قبالة الساحل السوري، وانطلقت منها طائرات لتنفيذ طلعات جوية، لضرب أهداف في سوريا لعدة أسابيع. وخلال نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت موسكو عن اتفافية توصلت إليها مع دمشق لاستخدام قواعد بحرية سورية، مدتها خمسون عاماً، يتم بمقتضاها السماح للسفن البحرية الروسية باستخدام ميناء طرطوس السوري، وهو ما سيعطي روسيا قدرة على القيام بعمليات عسكرية أطول مدى، ودعم تواجدها العسكري في الشرق الأوسط يشار إلى أنه على رغم العقوبات، فإن روسيا لا زالت تحصل على بعض المساعدة من الدول الغربية، غير المتماشية مع نظام العقوبات. ومما يذكر في هذا الصدد، أن شركة «إيفيكو» الإيطالية ما زالت مستمرة في توريد عرباتها المدرعة الخفيفة من طراز «لينكس» إلى الجيش الروسي الذي قام بدوره بنشرها في سوريا. وهناك أيضاً صفقات أخرى متعلقة بالأسلحة. فشركة Motor Sich الأوكرانية لتصنيع المحركات، ما زالت تبيع المئات من محركات طائرات الهليكوبتر لموسكو كل عام، وذلك نظراً لعدم قدرتها على إيقاف اعتمادها على واحد من أكبر زبائنها على الإطلاق (روسيا). ولكن موسكو التي ترى الكتابات المعادية لها على الجدران في أوكرانيا، تحرص في الوقت الراهن على بناء قدراتها الخاصة في صنع المحركات بحيث تتمكن في نهاية المطاف -بعد عدة سنوات- من استبدال محركات الشركة الأوكرانية، لكي تصبح بعدها غير مضطرة للبحث عن احتياجاتها من مثل تلك المحركات وغيرها خارج حدودها. * كاتب أميركي متخصص في شؤون الدفاع والأمن القومي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©