الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوسط الكروي يتفاعل مع سلوكيات الجمهور الياباني في مدرجات البرازيل

الوسط الكروي يتفاعل مع سلوكيات الجمهور الياباني في مدرجات البرازيل
24 يونيو 2014 02:12
علي الزعابي (أبوظبي) لا تقدم كأس العالم دروساً في كرة القدم فقط، ولا في «التكتيكات» الفنية، والذكاء التدريبي، إنما أصبحت أكثر من ذلك بكثير، فهي تمنح المجتهد حقه، وتنتصر للمخلصين، وترسي القيم، وتقدم دروساً في التحضر والرقي، وفي مونديال البرازيل قدم جمهور اليابان درساً رائعاً في السلوكيات الراقية، كما شاركه الآخرون نفس المشهد، ليؤكدوا أن االأمر هو ثقافة عامة قبل كل شيء. فبعد المباراة الأولى التي لعبها أمام كوت ديفوار، وبرغم خسارته، قام الجمهور بتحية فريقه، ثم قام بجمع المخلفات في المدرجات لتنظيف المكان قبل الخروج، وفي المقابل ذهب لاعبو المنتخب الياباني إلى الجمهور وانحنوا أمامه ليقدموا الاعتذار لهم على الخسارة برغم أنهم بذلوا أقصى ما يمكن بذله في اللقاء. وعلى لاعبينا وجماهيرنا أن يتعلموا من تلك الدروس حتى تكون الرياضة مجالاً لبناء القيمة الجميلة، والسلوكيات الراقية، وهو ما تفاعل الوسط الكروي المحلي، من أجل تقليد هذه السلوكيات الرائعة، فكانت لبعض الشخصيات آراء مهمة في هذه الظاهرة، التي لا يجب ألا تمر علينا مرور الكرام. فقد أخذت مبادرة الجمهور الياباني هذه المبادرة حيزاً كبيراً في الإعلام العالمي، للتحدث عن الثقافه التي وصل إليها هذا الشعب حتى في وقت خسارته، فالمشجع الياباني أثناء حضوره للمباراة، يعلم جيداً أن المنتخب لديه ثلاثة احتمالات سيحققها، الفوز أو التعادل أو الخسارة، ولكنه يثق تماماً بأن المخلفات التي سيخلفها لابد من تنظيفها وإزالتها بعد اللقاء مهما كانت النتيجة، وفي ذلك احتمال وحيد لا يقبل التغيير. إن ثقافة التشجيع في اليابان ليست بالشيء الجديد، فالمظاهر الجيدة في المدرجات في بلاد «الساموراي» دائماً تتجلى في المناسبات المهمة، كما حدث في البطولة الآسيوية، والمشجعون هناك لا يتوقفون عن التشجيع في حالة الفوز أو الخسارة، فالفرد عندما يتجه إلى المدرجات غالباً، فهو يتوجه لتشجيع الفريق، لا لتشجيع فوزه فقط، والبقاء بجانبه في «الحلوة والمرة» وقد وصل صدى هذه اللفتة التي قامت بها الجماهير هناك في البرازيل، إلى العالم العربي، وتحديداً عندما بادر جمهور الوحدات الأردني قبل أيام خلال مباراة نهائي كأس الأردن أمام البقعة بتنظيف مدرجاتهم بعد انتهاء المباراة، في مبادرة تؤكد استيعاب الدرس الياباني جيداً من قبل الجماهير. وبالإشارة إلى هذه الظاهرة يقول أحمد يعقوب، مدير العلاقات العامة في اتحاد كرة القدم: «إن العمل الذي قام به الجمهور الياباني يعد رسالة واضحة لجماهير العالم كله، وأيضاً للاعبين، مؤكداً أن كرة القدم يجب أن تكون حالة في الروح الرياضية والثقافة والتشجيع الحضاري، وبطبيعة الحال فإن جماهير الإمارات واعية لأبعد الحدود، وأن بعض التصرفات التي نلاحظها في ملاعبنا تعد تصرفات فردية ولا تعمم على الجميع». وقال: «المجتمع الياباني مثالي وحضاري في كل شيء، ولابد أن نتعلم من هذه الرسائل التي يرسلها إلينا، فهذه الأمور لا تشمل كرة القدم فحسب، وإنما تنطلق لآفاق أخرى، وتستهدف جميع فئات المجتمع اللاعب والمدرب والجمهور، والأخير يعد اللاعب رقم واحد في ملاعبنا، فالجماهير تضم بينها الطبيب والمهندس والمحامي، وإذا ما شاهدنا هذه الأمثلة، فإن هؤلاء يعلمون جيداً قيمة التشجيع الحضاري في المدرجات، سواء بتشجيع الأندية أو حتى المنتخبات الوطنية، لكي تنعكس الصورة الحضارية عن الجماهير الإماراتية في أرجاء العالم». وأضاف يعقوب: «البطولة في البرازيل ممتعة، ومليئة بالإثارة والحماس، ويتعلم منها الجميع على مستوى اللاعبين والمدربين والجماهير، وليس في الإمارات أو العالم العربي فحسب، بل في جميع دول العالم التي تتابع هذه المباريات بشغف، لكي يتلقوا الاستفادة القصوى من كرة القدم في سبيل التطوير والتقدم في المجالات الرياضية». ويؤكد ناصر اليماحي، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، أن الجمهور الياباني أطلق رسالة حضارية لابد من الوقوف أمامها، فهي مبادرة لابد أن تعمم على جميع الجماهير في الإمارات والدول الأخرى، ورغم أن الشعب الإماراتي بادر بذلك في احتفالات اليوم الوطني لدولة الإمارات، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المؤسسات المختلفة، عندما تخلصوا من جميع المخلفات، التي تركوها وراءهم أثناء الاحتفال وفي المسيرات الكرنفالية المختلفة. وأضاف: «مثل هذه المبادرات لابد أن نشجعها وندعمها في كل مكان، ولتبادر المؤسسات بذلك في تفعيل هذه السلوكيات، إضافة إلى دور روابط الأندية على تفعيل تلك الظاهرة داخل ملاعبنا، فهي في نهاية الأمر معنية بنظافة المدرجات بسبب وجودها الدائم هناك، ولأصدق القول فإن مدرجاتنا بعد نهاية كل مباراة نشاهد المخلفات التي تتركها الجماهير وتبدو كمخلفات الحرب العالمية! ولا أقصد في هذا الأمر التجاوزات، التي نشاهدها أحياناً كتكسير الكراسي والعبث بالممتلكات العامة، وإنما بترك المخلفات الكثيرة، والتي يصعب أحياناً إزالتها وتنظيفها». واستطرد: «مثل هذه الأمور تتطلب بعض الجهد، وفي النهاية يعتبر الأمر خدمة للمجتمع، ودليل تحضر، ولابد أن يكون هناك دور من الأندية نفسها لتشجيع هذه الظاهرة، فبالعمل التطوعي ينعكس الأمر كله على حياة الفرد في المجتمع وفي بيته أيضاً، وسيعمل على غرس هذه القيم في عقول أبنائنا منذ الصغر، لكي لا تبقى راسخة في أذهانهم». وعلى نفس الجانب اعترف سيف الرميثي رئيس المجلس الجماهيري «الجزراوي» أن مثل هذه الأمور تنبع في المقام الأول من الأسرة نفسها، في البيت وفي المدرسة، وقبل التفكير في نظافة المدرجات لابد لنا أيضاً من الإبقاء على جميع المرافق العامة نظيفة كالحدائق والمنتزهات العامة في دولة الإمارات، فالمبادرة التي قام بها الجمهور الياباني، تعكس تحضر هذا المجتمع المتميز في كل شيء، ولا أشك بأن الأماكن العامة المختلفة في اليابان حالها كحال مدرجاتهم أيضاً، فمثل هذه الأمور لابد أن تعلم من الصغر، وهذا ما نود أن نحققه في المستقبل. وقال: «نحن بكل تأكيد نبادر، ونهتم بمثل هذه الأمور، ولكن أهم شرط لتطبيق مثل هذه المبادرات هو الاقتناع بهذا العمل وزراعة مفهوم النظافة وترك اللا مبالاة جانباً، فبعض الجماهير ربما تبادر في هذا العمل لمباراة ثم تعود للوضع الطبيعي، لأنها في هذه الحالة ليست مقتنعة بالكامل». وأضاف: «لدينا أيضاً جانب آخر بالحديث عن المدرجات، فهذه المسؤولية لا تنطبق فقط على الجماهير فحسب، ولابد للأندية أن تبادر أيضاً، وبأقل تقدير في تنظيف مدرجاتها، فالجماهير تأتي أحياناً لتصطدم بعدم نظافة المدرجات، ويؤدي ذلك إلى تلويث الملابس، فكيف تنتظر من الجماهير المحافظة على نظافة المدرجات بعد انتهاء المباراة إذا لم تكن بالأصل معدة بالشكل المطلوب لاستقبالهم؟». وفي الختام طالب الرميثي بوقفة حقيقية مع مثل هذه المبادرات وتطبيقها بكل جدية، وعمل حملة إعلانية ودعائية من أجل التجاوب معها من قبل الجماهير والوعي بأهمية النظافة من أجل الجميع، والاهتمام بها بوضع شعار خاص، وتبنيها من إحدى الجهات الرسمية بعمل مخطط كامل لكي لا تختفي هذه الظاهرة بعد ذلك، ونراها في كل مدرجاتنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©