الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حصة الفلاسي: أول حلقة من «الشارة» هي الأصعب.. والتحدي مذهبي

حصة الفلاسي: أول حلقة من «الشارة» هي الأصعب.. والتحدي مذهبي
3 سبتمبر 2010 22:40
يختصر المكان عمر حياة وتاريخ أسسته أجيال سابقة غزلت من ثوب النجاح والكفاح بساطاً تستريح عليه أجيال جديدة يتوجب عليها معرفة تاريخيها وماضيها لتروي عروقها الضاربة في عمق أرض سقتها عروق الأجداد، مكان يسافر بالمتلقي مسافات في الماضي، يؤرخ ويذكر ويربط الحاضر بالماضي، هذا ما يوحي به الاستوديو الذي تنطلق منه “الشارة”، الذي يعيش على ثلاثية “الماضي والحاضر والمستقبل”، وهو برنامج تلفزيوني برعاية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، يعمد إلى توزيع جوائز على الفائزين في المسابقة، من بينها “إبل ونوق يصل سعر الواحدة منها إلى مليون ونصف المليون درهم”، ليكون أول برنامج في العالم يقدم هذه الجائزة، وتتميز الهجن، المقرر تقديمها للمشاهدين، بأنها من نسل الجمل “جبار”، وهو أشهر وأقوى جمل إماراتي، إذ يحطم الأرقام القياسية في أي سباق يخوضه. ”الشارة” أُقيم على “استديو خمسة” بقناة أبوظبي ـ الإمارات، الذي تبلغ مساحته 300 متر مربع، ويمثل بيئة حقيقية لأجيال وصناعات وحرف يدوية إماراتية، بيئة مصغرة لمجتمع متكامل، تنقله 8 كاميرات على شاشة قناة أبوظبي ـ الإمارات على مدى ساعة ونصف الساعة وبشكل مباشر تتخلله عدة فقرات، من بينها سؤال “بنات جبار” وتخلله فقرات “وين الغلط”، ومن المقرر أن يقدم البرنامج على مدى 33 حلقة، وقد يمتد إلى 37 حلقة إرضاء لطموح ورغبة الجمهور، حسب مقدمة البرنامج حصة الفلاسي، ويعرف مشاركة من جميع الإمارات ومن جميع دول مجلس التعاون وبعض البلدان العربية. حفر في عمق الهوية عن هذا البرنامج، يقول عيسى الميل مدير قناة أبوظبي ـ الإمارات: يتداول الناس مقولة بسيطة من كلمتين فيقولون: “اللي ماله أول ماله تالي”، هذه الجملة لها أهمية قصوى في حياة الأجيال والمجتمعات، هي بمثابة قانون متكامل للحفاظ على الهوية. ويضيف الميل متسائلاً: فهل الهوية شجرة عتيقة في الفريج؟ أم هي بيت من الشعر الشعبي مجهولٌ قائله؟ وهل هي عادات وتقاليد وأمكنة مرت عليها أجيال وأجيال؟ أم هي ذكرى عطرة لأشخاص تركوا بيننا أثرهم الطيب ورحلوا؟ ويجيب عيسى ويقول: إنها كل ذلك وأكثر.. بل هي اللهجة التي سمعناها منذ طفولة المهد، وهي المفردات ذات الدلالات والمعاني التي غطتها أتربة النسيان، وهي كذلك جوهرة المعنى الموجودة في قاع البحر الاجتماعي والثقافي تنتظر غواصها المغامر لتعيد إلى الحياة ألقها المضاء بخصوصية الناس والبلاد. أصعب حلقة أما حصة الفلاسي مقدمة “الشارة”، فإنها تقول عن البرنامج وعن بعض الصعوبات التي تواجهها، وعن أول حلقة وعن حياتها المهنية: تمرست في عملي حتى كدت أدرك ما يجب فعله وما يجب تركه، وما يجب تداركه بأقصى سرعة.. وبشكل مختصر، أصبحت لي القدرة على مواجهة الصعوبات خاصة في البث على الهواء. وأجابت الفلاسي عن سؤال حول صعوبة المباشر خاصة أن عمر البرنامج ساعة ونصف الساعة، وقالت: أعشق العمل المباشر، حيث أختبر قدراتي المهنية، ولا أنكر أنها تواجهني بعض الصعوبات، لكن حصيلة خبراتي وتجاربي الإعلامية جعلتني أركب الصعب، بل أغوص في أعماقه دون خوف ولا وجل، هكذا أستطيع تحدي نفسي خلال البث المباشر، وأستطيع فك شفرات الصعاب وأتجاوزها، أكيد أن كل صعوبة لا تشبه أختها؛ لهذا أجعل نفسي في حالة تأهب خلال البرنامج. وتضيف الفلاسي في السياق نفسه: لكوني عملت على “الشارة” من البداية ومنذ طرح الفكرة من خلال آلية البرنامج سواء من حيث “الجرافيكس” أو “السوفتروير”، أو الديكور أو الإنتاج، فإني أعلم بكل جزئياته التي لامست تفاصيلها قبل ثلاثة أشهر من بث “الشارة”، وتضيف الفلاسي: إنني أكره البرامج التسجيلية، وأنا إنسانة بطبعي أكره الفشل، وإذا عزمت على شيء، رسمت طرقات نجاحه ومشيت فيها رغم دروبها الوعرة، وإذا أردت شيئاً أن ينجح فإني أعطيه كل جهدي وكل وقتي، وأسهر عليه، فمثلاً في برنامج “الشارة” فإنني رابطت في عين المكان 3 أيام قبل بدء البث، وكان أكلي وشربي هناك، دون كلل ولا ملل، بحيث كان ينتابني خوف كبير من فشل الحلقة الأولى التي كانت أصعب حلقة، ودائماً الحلقة الأولى في أي برنامج تشكل المدخل لحلقات البرنامج الكلية، وأي فشل -لا سمح الله- فإن الحلقات الأخرى ستهتز، وهكذا فإن الخطأ غير مسموح به تماماً، وهذا ما كان يجعلني أعمل ليل نهار حتى لا تهتز ثقة الجمهور في البرنامج ويحكمون على حلقة من حلقاته بالفشل؛ لأنهم يرون أن نجاح أي برنامج يتحدد من أولى حلقاته. وتوضح الفلاسي: إن الحلقات ستطرح أسئلة مستوحاة من تراث الإمارات والخليج، مثل الصيد واللؤلؤ، والشعر، وأشهر الشعراء، وقصائدهم، العادات والتقاليد والشخصيات التاريخية المؤثرة وأبرز المهن والصناعات اليدوية الإماراتية، كما قالت إنها ستطرح سؤالاً أسبوعياً على المشاهدين في مختلف دول العالم، ومن يجيب عنه، سيحصل على الجمل في الحال، متوقعة أن تشهد الفكرة إقبالاً كبيراً من قبل أبناء الإمارات والخليج. النجاح متكامل كما قالت الفلاسي إن النجاح ليس جزئياً في مثل هذه البرامج التي لا تعترف بالنجاح الجزئي، والجمهور لا يتسامح أبداً في حالة الخطأ؛ لأنه دائماً يصبو إلى الكمال، خاصة أن البرنامج أُحيط بهالة إعلامية كبيرة فكان كل الخوف من اهتزاز الحلقة الأولى، وتضيف: لكن -الحمد لله- حققت الحلقة نجاحاً وحددت مسار بقية الحلقات، حيث حقق “الشارة” نسبة مشاهدة عالية، كما أن البرنامج كان من المقرر أن يبث خلال 33 حلقة، لكن تحت رغبة وإلحاح المشاهدين سيمتد عمره إلى 37 حلقة. وعن الصعوبات التي واجهتها الفلاسي خلال بث البرنامج، تقول: قبل بث إحدى الحلقات بنصف ساعة التوت رجلي، فلم أعد أقو على المشي، وصاحب الالتواء ألم شديد، وكان يستحيل تأخير حلقة البرنامج؛ ولذا قدمته على كرسي بدل الوقوف، كما في حالاته المعتادة، وثاني يوم قدمته وأنا أعرج. أما عن مواصفات المذيعة الناجحة، فقالت: هذا حكم للجمهور وليس ملك نفسي، وكل ما أعرفه أنني لا أحب الفشل، بل أكرهه، كما أنني أعمل على تقديم عملي بكل أمانة حتى أرضي نفسي وأرضي من وضع ثقته في قدراتي، وأقول إنني سعيدة بعملي، ومرتاحة فيه والحمد لله. أما عن أهدافها في الحياة وفي عملها، فقالت: كل ما أحدد هدفاً وأصل إلى مداه، فإنني أبحث عن هدف أكبر منه، وأقول إن الصعود للقمة صعب، والحفاظ على بقائك في القمة أصعب، وهكذا يجب أن أظل في المستوى نفسه وأحافظ على التألق والنجاح نفسيهما، لذا أسعى وأعطي كل ما في وسعي لأنجح كل عمل أوكل إلي، وأود أن أقول إن ما يصلنا عن “الشارة” من ارتسامات إيجابية ومن إقبال جماهيري كبير، فإنه ليس نجاحي وحدي وإنما نجاح طاقم كامل معهم جنود الخفاء الذين يعملون في الظل لإظهار هذا البرنامج في أحسن صورة. رؤية “ الشارة” أما مؤيد الشيباني معد حلقات “الشارة”، فقال عن البرنامج: إن الأجيال بشكل عام، ابتعدت عن تراثها بسبب موجة الحداثة وسطوتها الآلية من إنترنت وموبايل ومفردات الحياة التي تغيرت، وهذا فيه شق إيجابي، ولكن يمثل جناحاً واحداً، أما الجناح الثاني فهو التراث لكي يطير بهما الإنسان إلى عالم المستقبل، وليس في ذلك أدنى شك أو مغالطة.. ومن هنا وبتوجيهات سعادة محمد خلف المزروعي ودعمه المستمر للتراث واهتمام إدارة قناة أبوظبي ـ الإمارات ممثلة بالإعلامي عيسى الميل تمت بلورة برنامج تراثي يعتمد على استنباط المفردات البحرية والبرية من ماضي الإمارات من خلال برنامج “الشارة”. و”الشارة” تعني الجائزة الكبرى باللهجة المحلية حين يفوز المتسابق في سباق الهجن أو سباقات الخيول، فإنه يحصل على الشارة، وهي تجمع المعنيين المادي والمعنوي. والبرنامج يتوزع على أيام رمضان المبارك والعيد، وقد يزيد، وقد حقق البرنامج نجاحاً مذهلاً، حيث إن المشاهدين يجتمعون حول موعد البرنامج في المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية وعُمان والبحرين وغيرها من البلدان الأخرى. والكل معجب بالمضمون، هذا المضمون الذي شكل نقطة ضوء في الفضائيات المحلية والعربية، وهو تذكير الأجيال بتراثها، وهناك حس فني أثناء لحظة الكتابة، بحيث يرى الكاتب الصورة قبل أن تحدث، وخلال إعداد الحلقات وقبل أكثر من سنة كانت الفكرة أن ينفذ البرنامج في الهواء الطلق، عندما يكون الطقس بارداً ومناسباً، لكن خارج أيام رمضان؛ ولأن هذا الشهر المبارك له نهكة خاصة مناسبة لمثل هذه البرامج؛ ولأن أيامه صيف وحر فإنه تقرر تنفيذ الشارة داخل الأستوديو، ولهذا تنازلنا عن جوانب من طموحاتنا في العمل، خاصة أنه كان سيشمل مسابقات ميدانية وألعاباً شعبية، وعوضنا ذلك بإيجاد مسابقات ذات أهمية كبرى مثل مسابقة “بنات جبار” التي ستكون جوائزها وللمرة الأولى سلالة من الهجن العربية الأصيلة قدمها للبرنامج مختبر الأبحاث البيطرية، وهي عبارة عن 5 نوق، وهي بتوجيهات سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني دعماً للبرنامج وتجسيداً للاهتمام الكبير بالتراث، كما أوجدنا زاوية “وين الغلط” داخل البرنامج، وهو عبارة عن مشاهدة تمثيلية تتضمن خطأً مقصوداً وعلى المشاهد أن يكتشف هذا الخطأ. طموح برنامج في حين تحدث بدر ثاني المنصوري المخرج والمشرف الفني والمنتج المنفذ، وهو مخرج دانات والمقناص سابقاً، وقال: إن الفكرة طرحت قبل سنتين، وكانت ستنفذ في البداية في الهواء الطلق والفكرة نبعت من رؤية سعادة خلف المزروعي، وهو برنامج يتعلق بتراث الإمارات، وكان مقرراً أن يعمل بطريقة تليماتش أي المسابقات الحركية والأسئلة الشفهية والفرق تتنافس للوصول إلى الشارة، ولكونه طرح في رمضان فإن الطقس الخارجي لم يكن مناسباً، وهكذا عملنا على إنشاء بيئة إماراتية داخل الاستوديو، وهو برنامج يداع على الهواء مباشرة. والهدف الأساسي من البرنامج تحقيق تواصل الأجيال مع تراثها، إذ أصبحت هناك مصطلحات دخيلة على الإمارات، كما أن هذه الأجيال لا تدخل البحر، كما كان في السابق ومصطلحاته مجهولة بالنسبة لهم. وعن مقاييس نجاح البرنامج يقول بدر ثاني: من خلال استبيانات الشركات المختصة ومن خلال اتصالات الجمهور، فإن البرنامج يتابع بشكل فردي وجماعي، حيث استطاع أن يجمع الناس وقت بثه في جماعات. تدعيم الهوية الوطنية يتحدث سعيد بن كراز المهيري، معد ومشرف برنامج “الشارة” ويقول إن هذا البرنامج وجد لتدعيم الهوية الوطنية، وتعميقها لدى المواطن الإماراتي، ويؤكد أن البرنامج سيؤدي مهمته في توعية المواطن وتقريبه من تراثه وربطه بحاضره، ويضيف ابن كراز في السياق نفسه: البرنامج يمثل البيئات المختلفة في الدولة، والمفردات متغيرة من مكان لآخر، هكذا يجب تعريف الناس بمفردات بلدهم ومناطقها الممتدة على امتداد مساحتها الجغرافية، والبرنامج حقق نجاحاً كبيراً، وهذا قسناه بما يصل إلينا من رسائل إلكترونية يومياً، بحيث تصل إلينا يومياً من 1200 إلى 3000 sms، وهذا يعتبر مقياساً كبيراً من مقاييس النجاح، وهو تفاعل الجمهور؛ لأن المتلقي له الكلمة في مثل هذه الأعمال. ثلاثية «الماضي يوضح عيسى الميل: إن الحداثة لا تعني البناء الجديد فقط، بل تعني أن نأخذ من الماضي ونبني حياتنا الجديدة لكي نحافظ على معنى الوجود على أساس ثلاثية “الماضي والحاضر و المستقبل”، وبذلك نحفر عميقاً في لون الهوية لكي نسلمها إلى الأجيال اللاحقة سليمة معافاة من أمراض التغريب والضياع، وبذلك أيضاً يكبر البناء وتضاف لبنة إلى أخرى، ولتحقيق هذه الرسالة النبيلة لا بد أن نفهم تراثنا أولاً، وهذه هي الخطوة الأكثر أهمية في التواصل الحيوي، وهذه الرسالة لا تعني إقامة الحدود الضيقة والانعزال عن العالم، بل تعني الخروج إلى فضاء العالم بما نملك من أدوات أساسية للتعريف بمخزوننا التراثي وأجيالنا السابقة وتعني أيضاً وفاء لأولئك الذين بنوا وأسسوا بفطرتهم وإمكاناتهم المتوافرة في أزمنة ما قبل النفط والكهرباء. وعن هدف “الشارة”، يقول عيسى الميل: هدف البرنامج ليس الربح بقدر فتح نافذة على معلومات المتسابقين حول التراث ومدى درايتهم بحياة الماضي من أسماء وأمكنة وعادات وتقاليد ومعطيات أخرى، وهو الأمر الذي يسهم في تكريس الهوية الوطنية وتعويد الناس على فهم التراث وتذكيرهم بمفرداته التي تمثل بحراً واسعاً من فئاته وتفاصيله المعنوية والمادية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©