الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موائد الرحمن في مصر تتراجع لمصلحة «شنطة» رمضان

موائد الرحمن في مصر تتراجع لمصلحة «شنطة» رمضان
3 سبتمبر 2010 22:53
شهدت رمضان الحالي تراجع أعداد موائد الطعام المجانية التي عرفها المصريون باسم “موائد الرحمن” وشيوع ظاهرة “شنطة رمضان” وهي عبارة عن حقيبة فيها نحو 10 كيلو جرامات من الأغذية المعلبة والجافة واللحوم والدقيق والزيت يتم توزيعها مجاناً على الفقراء في بيوتهم وهي الفكرة التي دعا إليها عدد من الجمعيات الخيرية مؤخراً وتلقى قبولاً كبيراً من رجال الأعمال والجهات الرسمية التي ارتأت فيهابديلاً عصرياً مناسباً لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة بدلاً من عشوائيات الموائد التي قد يقصدها الغني والفقير. شهد رمضان هذا العام اختفاء موائد شهيرة من شوارع القاهرة بعد أن ظلت سنوات من معالم القاهرة وأبرزها مائدة فتحي سرور، رئيس البرلمان، وأحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم ورجل الأعمال محمد أبوالعينين، والفنانين فيفي عبده ودينا ومحمد هنيدي وأحمد السقا وإلهام شاهين وقد اتجه أصحاب هذه الموائد لاسيما الطامحين إلى خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في شهر نوفمبر المقبل إلى توزيع “شنطة” رمضان على الناخبين بهدف كسب تأييدهم. وسيلة عصرية اختفت أعداد أخرى من الموائد التي كانت تقيمها هيئات وجمعيات أبرزها الموائد التي كان يشرف عليها بنك ناصر الاجتماعي حيث اتجهت إدارة البنك وفقاً لتعليمات وزارة التضامن الاجتماعي إلى توزيع الحقائب وأعلن الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي أن الوزارة والجهات التابعة لها وزعت نحو 3 ملايين حقيبة رمضانية على الفقراء خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل وان الوزارة اتجهت الى الاستعاضة عن الموائد بالحقائب لأنها وسيلة عصرية مناسبة لإيصال الطعام لمستحقيه في بيوتهم والمتعففين الذين يخشون التعرض للحرج المتمثل في الجلوس على طاولة على رصيف احد الشوارع إلى جانب أن الحقائب تحد من الفوضى والارتباك المروري الذي تسببه موائد الرحمن في الشوارع. وهناك سبب آخر لتراجع إقامة موائد الرحمن هو تعذر حصول بعض الراغبين في إقامتها على الموافقات اللازمة. وقال عماد محمود (53 سنة)، أحد الحريصين على إقامة مائدة رحمن منذ 12 عاما، إن الجهات التنفيذية في القاهرة والجيزة وحلوان وأكتوبر والقليوبية وضعت في الأسبوع الأخير من شهر شعبان عدة ضوابط وشروط مشددة يجب على من يرغب في إقامة مائدة الالتزام بها وإلا وقع تحت طائلة القانون في حال وقوع حادث وهي ضمان نظافة الموائد وسلامة الأغذية المقدمة لروادها والحرص على أمنهم وسلامتهم بتوفير وسائل الأمان من طفايات وخراطيم للحريق وعدم تعطيل سرادقات الموائد لحركة المرور وهي المعايير التي تعذر على البعض توفيرها مما اسهم في تراجع أعداد موائد الرحمن من 20 ألف مائدة في السنوات السابقة إلى 13500 في رمضان الجاري. ويشير تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري إلى أن تكلفة تلك الموائد تصل لنحو 516 مليون جنيه، وأن من يتردد عليها يوميا يبلغ في المتوسط نحو 1.9 مليون شخص خلال شهر رمضان وأن متوسط تكلفة المائدة الواحدة 1269 جنيها ومتوسط تكلفة الوجبة للفرد الواحد تسعة جنيهات يومياً. تبذير وتفاخر علماء الدين في مصر اختلفوا في تقييم ظاهرة تراجع موائد الرحمن وذيوع ظاهرة “شنط الطعام” حيث يرى الداعية الإسلامي يوسف البدري أن ظاهرة الشنط طيبة للغاية لكن تلك الموائد كانت بدعة وهي ليست من الإسلام في شيء وإنما كانت عنواناً بارزاً للإسراف والتبذير والتفاخر والإسلام يحرم كل هذا. ويقول إن سعي بعض من كونوا ثروات بطرق غير مشروعة كالاتجار في المخدرات والرقص وغيرها من الأعمال المحرمة إلى تحسين صورتهم أمام الناس بإقامة تلك الموائد وإطعام الناس حرام. ويضيف البدري “هناك أوجه كثيرة لفعل الخير والتصدق على الفقراء سواء في شهر رمضان أو غيره بشرط أن تتم سرا بلا تفاخر كحقيبة المواد الغذائية الجافة التي يتم توزيعها على الفقراء في بيوتهم أو إعطاء الفقير ما لا يعينه على مواجهة متطلبات الحياة، فالمصاعب ليست كلها في تدبير الطعام والشراب وإنما هناك الفقير الذي بحاجة إلى ملابس والأخر الذي يسعى لتدبير مصروفات المدرسة لأبنائه وأمور أخرى كرعاية الأيتام وكلها سبل متاحة لفعل الخير وابتغاء رضا الله وهي أفضل كثيرا من تلك الموائد”. ويرى المفكر الإسلامي جمال البنا أن موائد الرحمن هي الأسلوب الأمثل لتقديم الصدقات للفقراء خلال الشهر الكريم حيث يتلاقى الجميع بمختلف مستوياتهم على مائدة إفطار واحدة ويتشاركون في الطعام وهي لحظة تدخل السعادة على النفوس ولها فرحة وبهجة خاصة أن هناك من الميسورين من يحب أن يرى أثر نعمة الله عليه من حيث تمكنه من إقامة مثل هذه الموائد وإقبال عابري السبيل والفقراء عليها، داعياً إلى ضرورة استمرار موائد الرحمن إلى جانب حقيبة رمضان لأن حقيبة الطعام هي الأخرى فكرة حسنة لاسيما وأنها تصل للفقراء في منازلهم وتغنيهم عن الحرج الذي قد يستشعره البعض من الذهاب لموائد الطعام. من جهته، يؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية أن حقيبة الطعام فكرة نبيلة لفعل الخير والتصدق في شهر رمضان وإذا تكاتف الجميع وراءها في السنوات المقبلة فسوف تحقق النتائج المرجوة منها وتكون سنداً قوياً للفقراء على مواجهه أعباء الحياة في رمضان وغيره من شهور العام، مشيراً إلى أن شنطة الطعام ليس من الضروري لنجاحها وتعميمها أن تلغى موائد الرحمن أو أن تتشدد أجهزة الدولة في التصريح بإقامتها. ويؤكد أنه من الأفضل للمجتمع الإسلامي استمرار المائدة والحقيبة، مشدداً على أن الإسلام يحرص على تشجيع الميسورين على إطعام الفقراء لوجه الله وهو ما يتجلى في ظاهرة موائد الإفطار المجانية طول شهر رمضان. ابن طولون أول من أقام موائد الرحمن بمصر ترجع معرفة المصريين بموائد الرحمن إلى نحو 1200 عام مضت وتحديدا في زمن أحمد بن طولون الذي أقام طوال شهر رمضان في السنة الرابعة لولايته موائد مجانية في شوارع الفسطاط والقطائع ودعا الفقراء والمحرومين إلى الإفطار عليها، وحذا التجار والأغنياء حذو ابن طولون واستمر هذا التقليد من يومها كنوع من التكافل الاجتماعي بين أغنياء مصر وفقرائها طوال شهر رمضان وفي العصر الحديث، ومنذ عام 1967 تولى بنك ناصر الاجتماعي الإشراف على موائد الرحمن من أموال الزكاة إلى أن أقدم البنك على استبدالها هذا العام بحقيبة رمضان.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©