الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خريطة جديدة للتجارة الداخلية في مصر لمواجهة الغش والتقليد

خريطة جديدة للتجارة الداخلية في مصر لمواجهة الغش والتقليد
17 يناير 2012
(القاهرة) - بدأت وزارة التجارة المصرية، إعادة رسم خريطة حركة التجارة الداخلية، وذلك مع دخول التعديلات الأخيرة على قانون ضريبة المبيعات في مصر حيز التنفيذ، لمواجهة الغش والتقليد للعديد من السلع والمنتجات التي يجري تداولها في السوق وعمليات تهريب السلع والتي لا تخضع لأي نوع من الرسوم والضرائب، إلى جانب أن عدداً كبيراً منها غير مطابق للمواصفات القياسية الصناعية المصرية وضار بالمستهلك صحيا. وتتضمن الخطة الحكومية إلزام جميع المصانع المنتجة للسلع محليا وشركات الاستيراد بوضع علامات مائية ونظم “الباركود” على كافة السلع لتسهيل التعرف على مصادرها وضمان حقوق المستهلك وامكانية إجراء رصد حقيقي وواقعي للمنتجات الخاصة بكل مصنع أو مستورد وتسهيل المحاسبة والرقابة الحكومية على الأسواق . وتأتي هذه الخطة استنادا لتقارير تشير إلى ارتفاع معدلات تداول السلع المهربة والمجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات في السوق المصرية في كافة المجالات خاصة في مجالات السلع الغذائية والأدوات المنزلية ومنتجات العناية الشخصية والملابس وبعض أنواع الأدوية وقطع غيار السيارات. وقدرت هذه التقارير حجم حركة التجارة غير المشروعة في هذه السلع بنحو 50 مليار جنيه سنويا تخسر بسببها الخزينة العامة نحو عشرة مليارات جنيه في شكل رسوم وضرائب مباشرة وغير مباشرة كان يتعين سدادها سنويا الا أن عمليات التهريب وانتعاش الاقتصاد السري تحول دون إخضاع هذه التجارة للآليات القانونية . ويرى خبراء اقتصاديون أن تعديلات ضريبة المبيعات واعلان الحكومة عن اجراءات رقابية جديدة لحركة التجارة الداخلية تسهم في ضبط حركة الأسواق ومواجهة ظواهر سلبية عديدة لاتقف عند السلع المهربة أو المغشوشة بل تتعدى ذلك الى الانفلات غير المسبوق وغير المبرر في أسعار كافة السلع المتداولة في السوق المصرية وظهور قوى احتكارية جديدة تتحكم في شبكات التوزيع وكميات السلع المتاحة في الأسواق وفرض أسعار احتكارية على المستهلكين وخلق أزمات توزيع ونقص في السلع تمارس من خلالها هذه القوى الاحتكارية ضغوطا على الحكومة تدفعها لرصد مزيد من الأموال لدعم السلع وبالتالي يزداد عجز الموازنة بينما تصب هذه الأموال في صالح القوى الاحتكارية. ويعتقد هؤلاء أن الاجراءات الأخيرة بداية جيدة لدعم دور الدولة في الأسواق المحلية وفرض آليات رقابية حازمة على حركة التجارة الداخلية ما يصب في صالح المستهلكين لاسيما الفئات الفقيرة التي يطحنها الغلاء. ويؤكد محمد المصري ،نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، أن التحرك الحكومي الجاد في الملف الاقتصادي خلال الأسابيع الأخيرة يبعث برسالة ثقة واطمئنان للمستثمر المحلي أو الأجنبي وجاءت الخطوات الخاصة لضريبة المبيعات كمدخل جيد للتعامل مع ظاهرة السلع المهربة والمغشوشة لتمثل اجراءات رادعة وبداية جيدة لاحكام السيطرة على انفلات السوق سعرا وجودة مما يصب في صالح المستهلك والتاجر الشريف. وقال “إن تعديلات ضريبة المبيعات كانت مطلبا مهما للصناعيين المصريين أو للتجار لأن الضريبة لاتطبق بنظام سليم وبها العديد من الثغرات ومن مصلحة المصانع المحلية الالتزام بالباركود والعلامات المائية لمواجهة طوفان السلع المهربة من الخارج والتي تضرب استثمارات هذه المصانع “. وأضاف :أن القائمين على تهريب هذه السلع يحققون أرباحاً كبيرة وغير قانونية وذلك على حساب المستثمر الجاد الذي أقام مصنعا واتاح آلاف فرص العمل ويلتزم بسداد الضرائب والرسوم وغيرها ويمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. وطالب بمساندة هذا المستثمر الجاد لأن كل بلاد العالم تمنح حوافز متنوعة له وبالتالي يعتبر التصدي للسلع المهربة نوعا من الحوافز للمستثمر الجاد مما يدفعه للتوسع المستقبلي وضخ استثمارات جديدة. ويشير عمر بسيسو ، الرئيس التنفيذي لاحدى الشركات الصناعية، إلى أن عمليات التهريب التي تشهدها السوق المصرية لبعض أنواع السلع خاصة السجائر بكافة أنواعها تهدد استثمارات ضخمة وتحرم الخزانة العامة من مواردها المشروعة، بينما تتيح لمافيا التهريب تحقيق أرباح ضخمة بالمخالفة للقانون الأمر الذي كان يستوجب تحركا حكومياً جاداً لمواجهة تداعيات هذه القضية. وقال “إن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد المصري جراء اتساع نطاق السلع المهربة والمغشوشة في السوق المصرية في الشهور الأخيرة ضخمة للغاية وبلغت عدة مليارات من الجنيهات”، ما يعكس الحجم الكبير لهذه السلع وسهولة تداولها وبيعها للمستهلك رغم أن هذه السلع في كثير من الأحيان ضارة بالصحة العامة وتحتوي على مواد مسرطنة مثل السجائر المهربة والمواجهة ضرورية ليس بهدف زيادة حصيلة ضريبة المبيعات فقط بل وللتصدي لهذه الظاهرة التي تضر بالمستثمر الجاد والمستهلك. إلى ذلك ، كشفت التقارير عن تنامي حجم ونوعية حركة التجارة غير الرسمية في السلع والبضائع المهربة والمسروقة بعد ثورة 25 يناير مما يهدد حصيلة الضريبة العامة على المبيعات والتي تعتمد عليها الحكومة في توفير موارد مالية سيادية للخزانة العامة حيث ارتفعت معدلات التهرب الجمركي 40 % والبضائع غير المطابقـة للمواصفات بنسبة 30% وتركزت السلع المهربة في الشهور الأخيرة في السجائر والعطور وقطع غيار السيارات والأدوية والمنشطات وغيرها من سلع الاستخدام السريع. ويأتي التحرك الحكومي الأخير نتيجة تضرر عدد كبير من المصانع المصرية سواء تابعة للقطاع العام أو لشركات استثمارية خاصة من تقليد منتجاتها بصورة دقيقة ودخول منتجات منافسة لمنتجات هذه المصانع مهربة من خارج البلاد وبكميات كبيرة أدت إلى غراق الأسواق بهذه السلع خاصة وأنها تباع بأسعار أقل من السلع المنافسة المنتجة محلياً نتيجة عدم تحملها رسوما جمركية أو ضريبة مبيعات الى جانب أن المتعاملين في هذه السلع غير خاضعين لأي تنظيم قانوني لنشاطهم ويمارسون أنشطة التهريب والتقليد بشكل فردي فهم ليسوا شركات يمكن محاسبتها. وكان عدد كبير من مصانع الملابس والسجائر والأدوية قد تقدم بشكاوى في الفترة الأخيرة للحكومة من انتشار وتنامي السلع المهربة في السوق المحلية، مما يهدد استثمارات هذه المصانع البالغة عشرات المليارات من الجنيهات وتدفع بعض أصحاب الاستثمارات من الأجانب الى تصفية أنشطتهم ومغادرة السوق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©