الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع في أميركا بين التسامح والتطرف من أجل جوهرة العالم الجديد

صراع في أميركا بين التسامح والتطرف من أجل جوهرة العالم الجديد
3 سبتمبر 2010 22:59
قبل ألف عام تقريبا جسدت قرطبة العاصمة الإسلامية في الأندلس التسامح في فضاء الحضارة العربية الإسلامية عندما احتضنت الفيلسوف اليهودي ابن ميمون إلى جوار الفيلسوف المسلم ابن رشد، وفيها أيضا تم إحياء اللغة العبرية بعد اندثار، كانت قرطبة تسمى في ذلك الزمان في الأدب الغربي بجوهرة العالم، لقد كانت منارة يشع منها النور في زمن كانت فيه أوروبا غارقة في الظلام، يجتمع على أرضها بشر من مختلف الأعراق والأجناس وبها تعايش المسلمون والمسيحيون واليهود، لدرجة أنهم اجتمعوا وأقاموا واحة من الفنون والثقافة والعلوم في حاضرة العالم في ذلك الزمان. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مسجد في نيويورك قريب من منطقة «جرواند زيرو» التي انهار فيها مركز التجارة العالمي بسبب إرهاب غير مبرر في ذلك اليوم المشؤوم من شهر سبتمبر عام 2001، وهو ما اصطلح البعض على تسميته بغزوة نيويورك. ذكرى ذلك الإرهاب أو تلك الغزوة التي تصادف الحادي عشر من سبتمبر تحل علينا هذا العام في عيد الفطر، وهو ما قد يثير قلقا من تنامي العداء ضد الإسلام وأتباعه في نيويورك بشكل خاص والولايات المتحدة بشكل عام. غير أن المدينة العالمية تسعى لأن تنسى الغزوة والقصة برمتها وتقدم نفسها كمدينة للتسامح راسلة رسالة سلام إلى العالم وللمسلمين بشكل خاص ولتقدم نفسها على أنها جوهرة العالم الجديد، حيث يعم الازدهار والنور والتعايش السلمي بين جميع سكان كوكب الأرض بدون فروقات عرقية أو دينية أو طائفية. إنه تحد جديد أمام سكان نيويورك، هل سيتمكنون من قبول الفكرة التي يدافع عنها بشراسة عمدة المدينة مايكل بلومبرغ رافضا بشدة دعوات لتغيير موقع المركز الإسلامي الذي يضم المسجد؟ المسالة أثارت جدلا واسعا في الولايات المتحدة وجعلت الرئيس الأميركي باراك أوباما يتراجع عن تأييده للفكرة، غير أن علامات الانقسام بدأت تتزايد خصوصا أن نحو ثلثي الأميركيين يعارضونه بحسب الاستطلاعات، إضافة إلى انقسامات في المجتمع الأميركي بشكل عام وبداخل المؤسسة السياسية بشكل خاص. وهذا أمر يثر العجب لأنه يحدث في نيويورك، في المدينة التي تعتبر عاصمة كونية لكل البشر، لقد أحببت تلك المدينة وأحببت منهاتن ولا زالت ذاكرتي تحتفظ بذكرى تلك الأيام الجميلة التي عشتها هناك، وتحتفظ بطعم المغامرة في ضواحيها وشوارعها وأركانها، إنها مدينة تعشق الحياة وتعشق الأمل. ولذلك، فإن مثل هذه المبادرة تعتبر محاولة لتضميد الجراح ونسيان الماضي، بل إنها فرصة لبناء جسور الثقة بين الأديان، وإلى تعزيز التفاهم بين أتباع كل الديانات في العالم لمواجهة التطرف، لأن المعركة الحقيقية هي بين الاعتدال والتطرف وليس بين المسلمين وغير المسلمين. هذا الجدل المشتد في الأوساط الأميركية يضع البلاد أمام خيار حاسم، فهي عليها أن تختار بين غزوة نيويورك أو مسجد نيويورك، والعاقل من يختار البناء على الهدم. فبناء مسجد قرطبة كان من المفروض أن يلقى معارضة المتطرفين الذين يرون أن العلاقة بين المسلمين وأميركا هي علاقة حرب ومواجهة لا علاقة حوار وتعايش.. ?إن ما سيحدث في هذه القضية يعتبر اختبارا للقيم الأميركية التي تعجبني وتنال إعجاب ملايين البشر حول العالم، كما أنه يحتاج إلى شجاعة للدفاع عن القناعات وعن الالتزام بالقيام بما هو صائب، وليس بما هو سهل على حد تعبير عمدة نيويورك. في حين أن معارضة المشروع تعتبر تقويضا وإخلالا بقيم الحرية ومبادئ الدستور الأميركي التي تعطي للجميع الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية. وطبقا للخطة فإنه سيتم بناء مبنى مكون من ثلاثة عشر طابقا يضم مسجدا وقاعة كبرى للمناسبات وحمام سباحة وغرف اجتماعات، وسيخلو التصميم المعماري من الزخارف الإسلامية أو المآذن أو القباب أو الأشكال الأخرى المرتبطة بالمساجد، وبحسب القائمين على المشروع فإنه سيكون مفتوحا لجميع الديانات، ويستخدم المبنى القائم حاليا في كمكان للصلاة بالفعل، وتقدر بعض الإحصائيات أن هناك نحو ثمانمائة ألف مسلم تقريبا يعيشون في نيويورك يمثلون عشرة في المائة من سكانها كما يوجد نحو مئة مسجد في المدينة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©