الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنك كابول... بداية مواجهة الفساد

3 سبتمبر 2010 23:25
استلم البنك المركزي في أفغانستان إدارة أكبر بنك خاص في البلاد يتمتع بنفوذ سياسي كبير، مطالباً رئيسه بإرجاع ما قيمته 160 مليون دولار من الفلل الفاخرة واستثمارات عقارية أخرى في الخارج، وذلك حسب مسؤولين أفغان داخل البنك، وجاء هذا التدخل من قبل البنك المركز في أفغانستان من خلال توليه الإدارة لدعم البنك الخاص وتنظيفه من الفساد والاختلالات باعتباره أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني ومنع اندلاع حالة من عدم الاستقرار تؤثر سلباً على الاقتصاد الأفغاني، فبنك كابول المعني بالأمر يتعامل مع رواتب الجنود الأفغان والشرطة والمدرسين، كما أنه يمتلك ما يناهز 3.1 مليار دولار من ودائع المواطنين العاديين، فضلاً عن سيولة تقدر بحوالي 500 مليون دولار، وكادت الأساليب الملتوية التي اتبعها البنك في عمليات الإقراض والمضاربة العقارية في الخارج، بالإضافة إلى أسابيع من الصراع المتواصل بين أصحاب الأسهم أن تهدد استقرار الاقتصاد لتمتد التداعيات إلى الحقل السياسي، فقد عبر المسؤولون الأميركيون ولفترة طويلة عن قلقهم مما يجري في بنك كابول وحذروا من أن حجم معاملاته الكبير والأساليب غير التقليدية التي يستخدمها في الاستثمار والإقراض قد تتسبب في فوضى مالية سينتج عنها وقف رواتب أفراد قوات الأمن وتهديد ودائع المواطنين المدججين بالسلاح عادة، ما قد يعرض في النهاية استراتيجية أوباما في أفغانستان للخطر. ورغم إصرار العديد من أصحاب الأسهم على سلامة البنك وقدرته على استرجاع ديونه، فإن حجم هذه الأخيرة التي استفاد منها عائلات وأصدقاء السياسيين المتنفذين غير معروف، وفي هذا السياق يرى بعض رجال الأعمال أن قرار كرزاي بالدخول في مواجهة مع بنك كابول وتحويل إدارته إلى البنك المركزي يعتبر خطوته الأولى في طريق مكافحة الفساد في أفغانستان. وقد دأب المسؤولون الأميركيون لفترة طويلة على انتقاد الفساد المستشري في محاولتهم لدفع كرزاي إلى التصدي له في دواليب الحكومة وتطهير مؤسسات الدولة من الاختلالات الكبيرة التي تعرفها بسبب نهب الأموال واستغلال النفوذ السياسي لتحقيق مكاسب مالية واقتصادية، بل إن المسؤولين الأميركيين اشتكوا في الكثير من الحالات من تدخل كرزاي لحماية أقربائه الذين تحوم حولهم شبهة الفساد، وفيما يتعلق ببنك كابول أُجبر رئيسه، شرخان فرنود، وهو أحد المقامرين المعروفين في العالم، بالإضافة إلى مديره العام إلى تقديم استقالتهما يوم الإثنين الماضي بعدما هُددا بالاعتقال من قبل الشرطة إن هما رفضا تسليم الإدارة إلى البنك المركزي، وهكذا وُضع البنك الخاص الذي يرجع جزء من ملكيته إلى أخ الرئيس الأفغاني، محمود كرزاي، بين أيدي المدير المالي بالبنك المركزي الذي تم تعيينه للغوص في حسابات البنك ورصد الاختلالات والعمليات غير القانونية التي تمت في الفترة الماضية، واستخلاص القروض غير المسجلة التي تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات. وقد قرر كرزاي التحرك ضد البنك بعدما تلقى أدلة تثبت تورطه في عمليات غير قانونية سلمه إياها، "عبد القدير فطرت"، محافظ البنك المركزي، خلال لقاء جمعهما مع الجنرال ديفيد بترايوس في الشهر الماضي، ورغم التردد الذي أبداه كرزاي في البداية أكد أشخاص من داخل البنك أنه اضطر إلى شن حملة تطهيرية داخل البنك بعد لقاء عاصف بين مدراء بنك كابول والبنك المركزي، وفي تعليق له عن هذه الحملة قال أخ الرئيس الأفغاني، محمود كرزاي، الذي يتواجد حالياً في الخارج "لقد قام أخي بالشيء الصحيح، بحيث يمكن للبنك اليوم العودة إلى الأصول العادية في التعاملات المالية"، مؤكداً أنه على بنك كابول أن "يوجه استثماراته إلى أفغانستان وليس خارجها". وكان البنك في السابق يحظى بحماية مساهميه الكبار الذين يتمتعون بنفوذ سياسي واسع في أفغانستان، فبالإضافة إلى محمود كرزاي هناك أيضا "حسين فهيم"، أخو نائب الرئيس، محمد فهيم، دون أن ننسى الدور الذي لعبه بنك كابول في تمويل حملة كرزاي خلال الانتخابات الرئاسية للسنة الماضية، ويذكر أن دور البنك المركزي اقتصر على إدارة البنك الخاص دون امتلاكه كلياً، بحيث من المتوقع أن يتولى المدير العام الجديد والمسؤول في البنك المركزي، مسعود غازي، الإشراف على المرحلة الانتقالية التي ستستمر ثلاثة أشهر حتى يتمكن البنك المركزي من تعيين إدارة خاصة، وكان البنك الخاص أحد المؤسسات المالية الرائدة في أفغانستان الذي قدم لأول مرة خدمات لم تكن معروفة في البلاد مثل نظام الصراف الآلي، والمطويات الصقيلة وتنظيم سحب على جوائز للأفغان الذين يودعون أموالهم في البنك، بل امتدت استثماراته إلى شركات الطيران ليتحول إلى رمز للرأسمالية الانتهازية التي دخلت مع الاحتلال الأميركي عام 2001، وكانت صحيفة "واشنطن بوست" أول من أشار إلى التعاملات الغامضة التي انخرط فيها بنك كابول بما فيها عمليات شراء واسعة للعقارات الفاخرة في الخارج، وقد سعى البنك المركزي في البداية إلى إبقاء خططه بشأن بنك كابول طي الكتمان حتى لا يهز ثقة الرأي العام في البنك الأكبر في أفغانستان، لكن التقارير الإعلامية سرعان ما كشفت المشاكل الداخلية للبنك، بالإضافة إلى تسريب مسؤولين في البنك لما يجري، ويسعى البنك المركزي حالياً إلى إعادة التوازن إلى حسابات البنك من خلال استرجاع الأصول في الخارج حتى بعد انخفاض قيمتها بسبب الأزمة العقارية التي تتخبط فيها العديد من دول العالم. جوشوا بارتل - كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©