إعداد - عدنان عضيمة:
لا شك أننا نقترب كل يوم من العصر الذي ستتولى فيه الأجهزة والأدوات الدقيقة كافة الأعمال التي يقوم بها البشر· وقبل بضعة عقود فحسب، كانت البوصلة هي أداة التوجه الوحيدة للسفن والطائرات، وذكر تقرير نشر أمس في الفايننشيال تايمز جاء فيه ان نظام تحديد الموقع عبر الأقمار الاصطناعية ليقتنص وظيفتها ويضعها لأول مرة في خدمة راكبي السيارات وحتى المشاة· ويقول أحد الخبراء إن نظام تحديد الموقع سوف يصبح النظام الأكثر أهمية للبشر في المستقبل·
وفي الولايات المتحدة، وحيث تشترك كل الابتكارات الضخمة بما فيها الإنترنت بأصلها العسكري، نشأ نظام تحديد الموقع بصفته استخداماً مدنياً لنظام غير آمن للمراقبة العسكرية من الفضاء، فراح يتطور بسرعة عجيبة بعد أت ادركت قطاعات الطيران والتجارة البحرية فوائده الجمّة كأداة توجيه بالغة الدقة·
وكان لا بد للأوروبيين من وضع برنامج ضخم لفك الارتباط التقني والعسكري مع الولايات المتحدة في مجال الاعتماد على نظام تحديد الموقع فوضعوا من أجل ذلك خطة لإطلاق منظومة من الأقمار الاصطناعية تحت اسم جاليليو تتكلف 3,2 مليار يورو (3,9 مليار دولار) ووصفه الخبراء بأنه سيمثل إضافات تقنية كبيرة الأهمية لهذا النظام العالمي·
وأعطي القمر الجديد اسم 'جاليليو' نسبة إلى العالم الفيزيائي الإيطالي جاليليو جاليلي (1564-1642)، وسوف يعمل بالتآزر مع الأقمار الاصطناعية الأميركية التي يربو عددها على العشرين وشبكة الأقمار الروسية التي تعمل جميعاً في خدمة النظام العالمي لتحديد الموقع· وكان أصحاب القرار السياسي في الاتحاد الأوروبي شديدي الميل لبناء أقمار تحديد الموقع الخاصة بهم بدعوى أن الاعتماد على الأقمار الأميركية وحدها يضعهم تحت تأثير ضغوط سياسية ينبغي التحرر منها بأقصى سرعة ممكنة وخاصة لأن القوات العسكرية الأوروبية تعتمد على المنظومة الأميركية لنظام تحديد الموقع· وكان الأوروبيون شرعوا في تنفيذ المشروع العام الماضي عندما أطلقوا قمراً اختبارياً من سلسلة جاليليو على متن الصاروخ الروسي 'سويوز' من قاعدة إطلاق الصواريخ في كازاخستان مجهز بساعتين ذريتين تتكفلان بإرسال الإشارات التجريبية إلى محطة المتابعة الأرضية لمدة سنتين· وتخطط وكالة الفضاء الأوروبية التي يوجد مقرها في باريس لإطلاق قمر اصطناعي اختباري ثان قبل الشروع في إطلاق سلسلة تتألف من 30 قمراً اصطناعياً لتشغيل النظام الذي ينتظر أن يبدأ تشغيله التجاري بحلول عام ·2008
ويقول الخبراء المشرفون على تطوير سلسلة أقمار 'جاليليو' إنها مصممة لخدمة الأغراض المدنية وليس العسكرية· ومن المنتظر أن تقدم تدفقاً متواصلاً من البيانات حول المواقع الأرضية تفوق في دقتها تلك التي تقدمها منظومة الأقمار الأميركية· وقيل إن المنظومة الأوروبية لنظام تحديد الموقع تسمح بتحديد أي موقع على الأرض بدقة متر واحد فيما تبلغ أقصى دقة للنظام الأميركي خمسة أمتار·
وأشار التقرير إلى أن هذا المشروع يواجه الآن عقبة كبيرة تتعلق بالتمويل؛ حيث اتضح أن الاتحاد الأوروبي لن يتمكن من رصد الأموال الكافية لتنفيذه·
عدد اليوم
