السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مافيا الخداع الإعلاني تهاجم المستهلكين

20 ابريل 2006
دبي - سامي أبوالعز:
وداعاً لمرض السرطان والايدز·· وداعاً لآلام القولون والسكر والكلى·· يمكنك أن تظل شاباً حتى خريف العمر·· الآن تستطيع أن تتحول إلى شمشمون أو عنتر بن شداد! إذا كنت رجلاً أو مارلين مونرو إذا كنت فتاة·
هذه باختصار أحلام وردية تطارد الناس صباحاً ومساء وتلقي شباكها عليهم عبر شاشات التلفزة والصحف والمجلات في كافة المجالات الحياتية·· إنها مصيدة (النصب الإعلاني) الذي اقتحم مخادعنا دون رقيب أو حسيب فالنشر من عدمه يحكمه العرض والطلب بعيداً عن المحتوى والمضمون المهم أن يدفع المعلن وتدور عجلات المطابع·
وضحايا الخداع الإعلاني يتزايدون كل يوم عن سابقه فالباحثون عن الثراء السريع بشتى الطرق يعرفون جيداً ماذا يريدون، والباحثون عن النجاة من مرض عضال يلهثون وراء إعلانات الحلول السحرية في محاولة لوضع حد لمعاناتهم·· لكنهم في النهاية يكتشفون أنهم ضحية سراب يدفعون ثمنه من أموالهم ويحصدون مزيداً من المتاعب·
ما لا يعرفه الكثيرون أن العديد من الدول وضعت ميثاقاً للشرف الإعلاني تلزم من خلاله المعلنين بالنشر عبر ضوابط محددة والتزام خطوات معينة تجبر المعلن على أن يرفق بإعلانه وثائق رسمية تفيد براءة المنتج وسلامته من قبل الجهات المعنية وفي الوقت نفسه تضمن الحق للمتضررين من استخدامه في صرف التعويضات التي تصل إلى مبالغ ضخمة·
وقد أدرك المشرع الإماراتي خطورة الإعلانات التجارية التي تمس صحة الإنسان حيث نصت المادة 83 من قانون المطبوعات والنشر رقم 15 لسنة 1980 على عدم نشر إعلانات عن الأدوية أو المستحضرات الصيدلانية إلا بإذن خاص من الجهة المختصة في وزارة الصحة حيث تم تشكيل لجنة الإعلانات الصحية في 25 اكتوبر 1998 برئاسة الدكتور عبدالكريم الزرعوني مدير إدارة الطب العلاجي ومدير إدارة المستشفيات والمراكز التخصصية، تقوم بدراسة وتقييم الإعلانات التجارية والمعلومات الطبية المتعلقة بالأدوية والمنتجات الصيدلانية والخدمات العلاجية وكل ما يتعلق بصحة الإنسان، ولها أن تصرح بنشرها أو حظرها في أي من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بالاضافة إلى مراقبة نشر الإعلانات بدون الحصول على ترخيص وإبلاغ الإدارات المختلفة بحالات النشر بدون ترخيص حيث تقوم اللجنة بدراسة الوقائع التي تشكل مخالفات ورفع تقرير بشأنها إلى وكيل وزارة الصحة وإحالتها إلى الجهات المختصة·
ضوابط ومعايير
وقد وضعت اللجنة العديد من الضوابط الخاصة بالإعلانات المتعلقة بصحة الإنسان تشترط أن يكون الإعلان سليماً من الناحية الصحية ولا يتضمن معلومات صحية خاطئة، وأن يكون موضوع الإعلان قد حصل على ترخيص بالتداول أو بالعمل من وزارة الصحة أو من البلديات أو الجهات المختصة الأخرى في الدولة·
ويؤكد الدكتور الزرعوني ضرورة أن يكون مضمون الإعلان ممثلاً للحقيقة بعيداً عن المبالغة وألا يتضمن الإعلان عبارة تسيء للمنتجات الأخرى أو تهاجمها مثل (الوحيد، الأول، فيه شفاء تام··) وألا يخالف الإعلان قيم المجتمع وعاداته وتقاليده الراسخة وألا يسبب الإعلان أي إثارة أو أي أبعاد اجتماعية أو استفزازية·
وثيقة الأخلاقيات
المشكلة التي أصبحنا نواجهها الآن أن الهجوم الإعلاني المكثف طال كل شيء في حياتنا ولم يعد مقتصراً فقط على الأمور الصحية الأمر الذي أصبح يفرض علينا حاجة ملحة لوضع ميثاق ملزم وشامل يضع معاييراً حقيقية لكل ما يعلن عنه في وسائل الإعلام المختلفة·
ويؤكد الكاتب الصحفي محمد يوسف رئيس جمعية الصحفيين أن الجمعية تقوم حالياً بإعداد وثيقة شاملة لأخلاقيات العمل الصحفي تتضمن شقين أحدهما ميثاق الشرف الذي يلزم الصحفي بأصول ومبادىء التعامل مع زملائه، والآخر يضم أخلاقيات المبادىء والأسس التي يقوم عليها العمل الصحفي في علاقاته مع المجتمع ككل من حيث متطلبات التحري والدقة والشروط الواجب توافرها فيما ينشره من حيث الصدق والحرص على عدم الاساءة إلى الآخرين موضحاً أن وثيقة الاخلاقيات يمكن أن تنجح كعمل منفرد لجميع الصحفيين حيث أنها كيان عام لكنها لا تسيطر على أمور النشر وليست لها سلطات المحاسبة·
ويوضح رئيس جمعية الصحفيين أن وثيقة أخلاقيات العمل الصحفي المتوقع إصدارها خلال العام الحالي سوف تتضمن عدم الإعلان عن مواد يكون فيها غش أو تدليس وعدم نشرها دون تمحيص ونظراً لأن الجمعية ليست سلطة إجبار فسوف تقوم بمشاركة الجهات الإعلامية داخل الدولة بمناقشة الوثيقة والتوقيع عليها حتى يلتزم الجميع بتطبيق ما تم الاتفاق عليه·
ويضيف إن بعض المؤسسات حاولت أن تضع ما يشبه قواعد العمل لكنها استعانت ببعض المواد عبر الانترنت واعتمدتها لكننا لا نريد ان ننسخ من أحد ، وقد تقدمنا بمقترحاتنا لإعداد قانون مطبوعات شامل للعمل الصحفي بعمومه بما فيه الجانب الإعلاني·
ميثاق شرف
ويتفق الإعلامي أيمن عبد الرحمن، مع هذه الرؤية، مؤكدا حاجتنا الملحة إلى ميثاق شرف صحفي متكامل، ويوضح أن مواجهة الشركات التي تقوم بخداع المستهلك بحاجة إلى قانون تجريم إعلاني ويقول إن أشكال النصب التي نراها يومياً، أكبر من رصدها وحصرها فبعضها يقول ببساطة (نحن نعالج الايدز خلال أشهر بسيطة) والآخر يقول (نشفي من الفشل الكلوي في ستة أسابيع) وغيره من الإعلانات التي يسقط ضحاياها بالآلاف نتيجة اللهفة والرغبة في الشفاء والتعلق بأمل حتى ولو كان واهناً·
ويضيف قائلاً نشرت إحدى المجلات الأسبوعية موضوعاً حول 'قاهر العفاريت' الذي يتحدى الأطباء، يتحدث عن القوة الخارقة له وصولاً لنساء ورجال تم شفائهم على يديه مؤكدين قدرته على الشفاء من أمراض مستعصية! فالقارىء هنا تم التغرير به بشكل مدروس وخاصة عندما نحصر الأمراض التي يمكن أن يحلها ويعالجها قاهر العفاريت وتبدأ بمشكلة العنوسة ولا تنتهي بخروج الجن من الابهام الأمين من القدم اليسرى من ابنة العشرين ربيعاً، وطبعاً لم ينس كاتب التحقيق الصحفي ان يكتب عنوان 'قاهر العفاريت' بالتفصيل حتى يمكن الوصول إليه·
ويبقى السؤال: من يعوض هؤلاء المتضررين من هذه الإعلانات المباشرة وغير المباشرة؟ يجيب أيمن عبدالرحمن قائلاً في معظم الأحيان نرى أن المسؤولية الأولى تقع على الصحيفة التي سمحت بنشر هذه الإعلانات فإعلانات الشفاء من الايدز في اسابيع قليلة وموافقة المسؤولين على نشر هذا الكلام لمجرد تحصيل قيمة الإعلانات يحتاج إلى بلاغ للنائب العام وليس لميثاق شرف·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©