الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آسيا تستهلك ثلث طاقة العالم

آسيا تستهلك ثلث طاقة العالم
20 ابريل 2006

أمل المهيري:
تعتبر قارة آسيا سوقاً مهمة من أسواق الطاقة العالمية؛ فقد ارتفع استهلاك الطاقة فيها بصورة كبيرة جداً خلال العقود الماضية· ويشكّل استهلاك الطاقة في آسيا نحو ثُلث الاستهلاك العالمي من الطاقة، بعدما كان يشكّل زهاء 15% منه عام ·1965 أما المناطق الآسيوية المستهلكة للنفط فتشمل جنوب غرب آسيا (الشرق الأوسط) وأستراليا الآسيوية· ووفقاً لتوقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن حصة آسيا من استهلاك الطاقة بحلول عام ،2020 ستبلغ نحو 37%· وحالياً، يتجاوز استهلاك الطاقة في آسيا نظيره في أمريكا الشمالية، كما يزيد مرة ونصفاً على الاستهلاك الأوروبي·
جاء ذلك في كتاب ' أسواق الطاقة الآسيوية الديناميات والاتجاهات'، الصادر عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، موضحاًإن آسيا مختلفة، على الرغم من تنامي أهميتها النسبية بوصفها منطقة استهلاك طاقة، وآسيا منطقة جغرافية وليست كياناً سياسياً؛ فدولها لا تشترك بمؤسسات مثل منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية أو الاتحاد الأوروبي· كذلك تتمتع دول أمريكا الشمالية وأوربا بأن لها مؤسسات سياسية متشابهة مثل الحكومات المنتخبة والأسواق المفتوحة والاقتصادات الرأسمالية المهمة· أما في آسيا، فإن لبعض الدول التزامات قديمة باقتصاد السوق، على حين تتحول الدول الأخرى في ذلك الاتجاه· ومع ذلك، فإن تنوع اقتصادها ونظمها السياسية يبقى العامل المميز لآسيا عن أمريكا الشمالية وأوربا ودول الاتحاد السوفيتي السابق·
إن مستقبل أسواق الطاقة العالمية والاستثمار في مجال الطاقة سيتأثر بشدة بكيفية تطور هذه الفروقات في آسيا في المستقبل، مع استمرار زيادة دورها على مسرح الطاقة العالمية· وقد شكّلت التجارة البينية الآسيوية عام ،2001 قسماً كبيراً من تجارة الطاقة العالمية؛ فعلى سبيل المثال، شكلت هذه التجارة ما نسبته 70% من التجارة الإقليمية البينية في مجال الغاز الطبيعي المسال، ونصف التجارة العالمية من الفحم الحجري و40% من تجارة النفط العالمية· وفي حالة النفط، تعتبر منطقة جنوب غرب آسيا منطقة رئيسية، فهي تزود بقية آسيا بنحو 70% من وارداتها من النفط و55% من استهلاكها منه· وبالمقارنة، تزود منطقة جنوب غرب آسيا بقية دول العالم بنحو 28% من وارداتها من النفط و15% فقط من استهلاكها منه· إن اعتماد بقية الدول الآسيوية على منطقة جنوب غرب آسيا ليس أحادي الاتجاه؛ فمنطقة جنوب غرب آسيا تحتاج إلى سوق الطاقة في شرق آسيا، إذ أن 60% من صادرات هذه المنطقة وجُلَّ الغاز الطبيعي المسال تقريباً يتجه شرقاً لا غرباً· وسوف يزداد الاعتماد المتبادل· وتشير توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، في دراستها المرجعية لعام ،2020 إلى أن الزيادة في استهلاك النفط في بقية الدول الآسيوية تقدر بنحو 70% من استهلاك النفط خارج منطقة جنوب غرب آسيا· مع ازدياد أهمية الأرقام الآسيوية على مسرح الطاقة العالمية، نجد أن الاتجاهات في بنية السوق الآسيوية والتعاون الدولي تسير في تلك الطريق أيضاً· وفي هذا الكتاب، يسلط المؤلفون المشاركون الضوء على تلك النواحي من مختلف الاتجاهات، بما يمكن وصفه بـ التحولات الأربعة ، التي تؤثر بشكل أو بآخر على أهم الدول الآسيوية على مسرح الطاقة· وتعتمد الكيفية التي تأثرت بها كل دولة على موقعها الذي بدأت منه· ويعتمد المكان الذي تتجه له كل منها جزئياً على الكيفية التي تتطور بها بنيتها السياسية والاقتصادية، وجزئياً على ما يحدث في المنطقة· أما السؤال المثير الذي يثار هنا فهو: كيف سيكون شكل الانســــــجام النهائي؟ أما أهم التحولات في هذا المجال فهي:
·1التحول إلى اقتصادات السوق: إن التحول الأول الذي يمس كل الدول تقريباً هو التحول في ممارسات اقتصاد السوق ومؤسساته· ويتعلق أكبر تغير في هذا المجال بالصين؛ فهذه الدولة تتحرك من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد آخر يُعترف فيه بالملكية الخاصة، وتحظى فيه المؤسسات غير الحكومية بالتشجيع إلى جانب إجازته والتسامح معه، وتجد الأسعار التي تفرضها السوق طريقها إلى قطاع الطاقة كما فعلت في العديد من الأسواق الأخرى· وهناك تحركات مماثلة بدأت في كل من الهند وإندونيسيا واليابان·
·2نمو الواردات: أما التحول الثاني فهو زيادة أهمية الواردات باعتبارها مصدراً للطاقة؛ وتعتبر الصين أيضاً نموذجاً أساسياً، بسبب تغير وضعها من كونها دولة مصدرة إلى مستوردة من عام ·1994 ويبدو أن الهند تسير في ذلك الاتجاه، وقد تنضم إندونيسيا إلى هذه الفئة في المستقبل فيما يتعلق بالنفط·
·3 زيادة استخدام الغاز: والتحول الثالث وهو تطور الغاز الطبيعي بوصفه وقوداً ليس في مجال توليد الطاقة فحسب، بل في الاستخدامات الصناعية والمنزلية أيضاً· لقد اجتمع عدد من العوامل لجعل الغاز الطبيعي شكلاً جاذباً من أشكال استهلاك الطاقة؛ ففي المدن، ينجم عن احتراق الغاز تلوث أقل مما ينجم عن حرق الفحم أو النفط· وفي مجال توليد الطاقة، تتمتع توربينات الغاز ذات الدائرة المؤتلفة بمرونة وكفاءة عاليتين تمنحانها أفضلية اقتصادية وبيئية·
·4النشاطات الدولية: وأما التحول الرابع فهو حتمية المشاركة المتنامية للدول الآسيوية في مؤسسات الطاقة الدولية وأسواقها· أما في الأسواق والمؤسسات العالمية، فإن الدول الآسيوية سيكون لها وزنها ورأيها كما ستتوافر لها الفرص للسعي وراء مصالحها· وقد يكون من الخطأ بالنسبة إلى بقية دول العالم أن تفترض أن الهياكل والبنى الحالية للتعاون الدولي سيتم توسيعها لتشمل الدول الآسيوية دون إحداث بعض التغييرات إما على الهيكل الرسمي أو 'الأجندة' العملية أو كليهما· وفيما يتعلق بالأرقام، فإن توقع أرقام الطلب على الطاقة الآسيوية ليس أمراً سهلاً؛ فهي نتاج العديد من العوامل، منها على سبيل المثال لا الحصر: المعدلات العالية للنمو في التوقعات الاقتصادية، والافتراضات المتعلقة بإنتاجية الطاقة، ودرجة انتشار الكهرباء وسرعة اختراق الشاحنات والسيارات الخاصة في قطاع المواصلات· وقد تعرض العديد من المشاركين في هذا الكتاب لهذه المشكلة؛ فقد ناقش روبرت مانينج نهاية المعجزة الآسيوية خلال فترة الازمة الاقتصادية عام ·1998 وخلص إلى أن معظم الدول الآسيوية النامية ستواصل تمتعها بمعدلات النمو الاقتصادي الذي يفوق المتوسط العالمي للنمو· أما كينيث ميدلوك الثالث، ورونالد سوليجو وآمي مايرز جاف فيناقشون محددات الطلب على الطاقة، ويلقون الضوء على الارتباط الوثيق بين ارتفاع الدخول ومستويات الكثافة، ويقدمون توقعاتهم المتعلقة بالطلب على الطاقة في الصين بموجب حالات الفاعلية العالية والمنخفضة· وتعزز لينا سريفاستافا وميجها شوكلا هذه النقطة من خلال التطرق إلى أن كثافات الطاقة العالية في السجلات الصينية والهندية تظهر مدى التطور التقني في الفاعلية· ويتطرق مانينج إلى كوريا الجنوبية باعتبارها مثالاً للكيفية التي يمكن أن يحدث فيها النمو السريع جداً في الطلب على النفط في مرحلة معينة من التطور الاقتصادي للدولة، وارتفاع الدخول يعزز الانتشار الواسع لملكية السيارات الخاصة واستخدامها·
من جهة أخرى، يوضح جيمس دوريان في اتجاهات العرض والطلب المستقبلية في سوق الطاقة الآسيوية بعض التناقضات بين الدول على مسرح الطاقة الآسيوي ويوضح بشيء من التفصيل منهج التنبؤ الذي اعتمدته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كما يظهر في التوقعات الحالية· وتتشابه توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى حد بعيد مع التوقعات التي أصدرتها وكالة الطاقة الدولية عام ·2000
تساؤلات جوهرية
إن الأرقام البعيدة الأجل الصحيحة ليست هي المهمة للسياسة العامة والاستراتيجية، وإنما التوجهات التي يعكس بعضها التغيرات الهيكلية التي بدأت تأثيراتها تأخذ مجراها، مثل التغير في موقف الصين من دولة مصدرة للنفط إلى دولة مستوردة له وللغاز· أما التوجهات الأخرى فهي ببساطة متشابهة جداً ، كما هي الحال في نمو الواردات اليابانية البطيء نسبياً· و النقاط المثيرة التي توضحها أرقام التوقعات، وإن كانت غير موثوق بها إلى حد بعيد، تشكل أربعة توجهات شائعة في معظم التوقعات، وعامة في معظم فصول هذا الكتاب:
أولاً، سوف تزداد واردات شرق آسيا وجنوبها؛ ومن ثم فإن إمدادات غرب آسيا من النفط إلى دول شمال شرقي آسيا وجنوبها ستزداد من حيث الحجم، وكذلك ستزداد حصتها في أسواق النفط في شرق آسيا وجنوبها· وبحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية لعام ،2020 سوف تستورد الدول الآسيوية المستوردة للطاقة 27 مليون برميل من النفط يومياً، مقارنة بـ 12 مليون برميل يومياً عام ·2000
ثانياً، سوف تصبح الصين الدولة الآسيوية الأساسية المستوردة للنفط· وتشير التوقعات المرجعية لوكالة الطاقة الدولية 2002 إلى أن واردات الصين ستتجاوز سبعة ملايين برميل من النفط يومياً عام ،2020 مقارنة باليابان التي ستستورد 6 ملايين برميل يومياً·
ثالثاً، يتوقع كل المؤلفين ومعظم المحللين حدوث زيادة في تجارة الغاز الطبيعي في آسيا تدعم الزيادة في الاستهلاك تقدر بنحو 280% بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية·
رابعاً، سيبلغ المجموع الكلي للحصص في سوق الغاز الجديدة ما يعادل نحو 5 ملايين برميل من النفط يومياً بحلول عام ،2020 بالإضافة إلى النمو في أسواق الغاز القائمة، وهو يقدر بنحو 4 ملايين برميل يومياً من مكافئ النفط·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©