الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتساع رقعة الولادات القيصرية يثير التساؤلات حول مدى ضرورتها الطبية

اتساع رقعة الولادات القيصرية يثير التساؤلات حول مدى ضرورتها الطبية
4 سبتمبر 2010 21:43
كشفت جهات فيدرالية صحية رسمية بأميركا مؤخراً عن بيانات هامة في محاولة منها لمعرفة سبب التزايد المهول لعدد النساء اللواتي يخضعن لعمليات قيصرية لوضع مواليدهن. فقد بينت هذه البيانات أن معدل العمليات القيصرية زاد في السنوات الأخيرة بشكل ملفت، إذ يبلغ عدد المواليد الجدد الذين يولدون نتيجة عمليات جراحية ثُلث الولادات. ولا يجادل أحد في أن التدخل الجراحي يكون ضرورياً في بعض الحالات لإنقاذ حياة المولود مثل التفاف الحبل السري حول عنق الجنين أو شرب الجنين للماء السلوي أو تلوث هذا الأخير، أو المرأة مثل ارتفاع الضغط الحاد أو النزيف الشديد أو حياتهما معاً، أو لتفادي مضاعفات صحية سيئة على أحدهما أو كليهما. غير أن عدداً من خبراء الأمراض النسائية والتوليد يعتقدون أن كثرة لجوء الأطباء إلى التدخل الجراحي وتفضيلهم هذا الخيار يُعرض بدوره صحة الأم وجنينها إلى مخاطر قد يكونان في غنى عنها، ويُطيل فترة تعافي الوالدة ويجعلها أكثر صعوبةً، ناهيك عن رفع تكلفة ولادتها التي قد تفوق عشرة أضعاف تكلفة ولادتها العادية. في هذا التحليل الجديد الذي نشرته المجلة الأميركية «علم التوليد وما قبل الولادة»، قام باحثون في المعهد الوطني لصحة الطفل والتطور البشري بتحليل بيانات جمعوها من 19 مستشفى حول 228,668 ولادةً من الولادات التي حدثت ما بين 2002 و2008، فوجدوا أن ثلث الولادات التي حصلت في هذه الفترة كان بتدخل جراحي. غير أن مفاجأة الباحثين كانت في اكتشافهم أن التدخل الجراحي لم يقتصر على النساء اللاتي اضطررن للخضوع لعمليات قيصرية بسبب تعدد ولاداتهن أو ولادتهن سابقاً بتدخل جراحي قد يجعل وضع المولود التالي أعسر عليهم، وإنما كان ينطبق أيضاً على شريحة عريضة من النساء اللاتي يلدن لأول مرة! ووصل معدل النساء حديثات العهد بالأمومة اللائي ولدن لأول مرة عن طريق التدخل الجراحي أكثر من الثلث. حقن الطلق الاصطناعية أشارت الدراسة إلى أن نصف عدد النساء اللواتي حاولن الولادة بشكل طبيعي تلقين حقن الطلق الاصطناعية. وعلاوة على ذلك، فإن نصف عدد العمليات القيصرية أُجري للأمهات اللاتي تلقين حقن الطلق الاصطناعية، لكن فتحة عنق الرحم لديهن توسعت أقل من ست سنتيمترات. وهذا يدل على أن الأطباء قد يتعجلون ويقفزون إلى مرحلة التدخل الجراحي ويحرقون المراحل الأخرى ويحرقون معها صحة الأم من خلال التدخل الجراحي المبكر الذي من المفترض أخلاقياً أن يكون بمثابة الكي الذي لا يُلجأ إليه إلا عند استنفاذ جميع الأدوية والطرق الأخرى دون جدوى. وتكمن هذه المشكلة جزئياً أيضاً في جدولة الأم والطبيب الذي يتابع حالتها وقت وضع المولود، وهو ما يصيبها بوسواس وقلق في حال تأخرت عن وضع مولودها ولو كان ذلك لبضع أيام، ولو أخبرها الطبيب بأن جنينها سليم وفي كامل عافيته. الحمل المتأخر عسير قد يكون بعض الأطباء، وليس جميعهم، اضطروا إلى إجراء هذه العمليات بسبب حاجتهم الفعلية إليها لضرورة طبية أو بسبب حدوث مشكلات في الحمل. إذ لا ننسى أن تأجيل المرأة حملها أو تأخره لسبب ما يزيد من احتمال حدوث مضاعفات أثناء الحمل وعسر الولادة. ووضع الباحثون أيضاً السمنة في قفص الاتهام، إذ إن الأمهات البدينات أكثر عرضةً من غيرهن للمضاعفات أثناء الحمل والولادة وعسر الولادة، وهو ما يدفع الأطباء إلى تفضيل وترجيح خيار التدخل الجراحي حرصاً على صحة الأم ومولودها. وسجلت هذه الدراسة أن ثلث العمليات القيصرية كانت في صفوف النساء اللائي سبق لهن أن ولدن إثر تدخل جراحي. ومن بين حالات الأمهات اللاتي حاولن الولادة بشكل طبيعي على الرغم من ولادتهن مسبقاً بعملية جراحية، لم يكن النجاح حليفهن إلا بنسبة 57%. آخر الدواء الجراحة يؤكد الباحثون على أنه لم يتسن لهم خلال هذه الدراسة تحديد عدد العمليات القيصرية التي كان من غير الضروري اللجوء إليها بالضبط، أو تعداد التدخلات الجراحية التي كان من الممكن تفاديها، إلا أنهم يُجمعون على أن هذا البحث يمثل دليلاً جديداً على أنه يمكن لمجتمع أطباء النساء وجراحي التوليد تلافي إخضاع مريضاتهن إلى عمليات جراحية، أو على الأقل محاولة توليدهن بشكل طبيعي، خصوصاً في المرة الأولى من الولادة، كما أنه يتعين على الأمهات اللواتي سبق لهن أن ولدن بعمليات قيصرية أن يحاولن الولادة بطريقة الطلق الطبيعية على الرغم من ذلك، وعلى أطبائهن إقناعهن بإمكانية ذلك وتوعيتهن بأن ولادة المرأة بعملية في المرة الأولى لا يعني بالضرورة ولادتها في المرات التالية بنفس الطريقة. ضريبة التقدم الطبي يقول بعض الأطباء إن عدم تجاوب الجنين مع حقن الطلق الاصطناعي قد يكون إشارةً منه إلى أن موعد الولادة لم يحن بعد، فوجود إمكانية الولادة بالاستعانة بهذه الحقن لا يستدعي الإسراع باللجوء إليها، وأنه يجب التمهل والتحلي بالقليل من الصبر وعدم التسرع بالتدخل الجراحي إلا عند وجود خطر واضح على صحة الأم أو الجنين. ويقول آخرون إن التقدم الطبي الحاصل وتطور الخيارات الجراحية لا يجب أن يكون على حساب صحة الأم أو جنينها، ولا ينبغي أن نستعيض عن حالات الوفاة بسبب الولادة التي كانت سائدة في السابق بعمليات قيصرية لها أيضاً مضاعفات ليست هينة على صحة الأم بالدرجة الأولى وسرعة تعافيها وعدد مرات ولادتها، داعين إلى التعامل مع الأمر باتزان وحكمة أكثر. فإذا استمرت الأمور على هذا المنوال والوتيرة، فإن هذا يعني أن التدخل الجراحي سيصبح قريباً هو القاعدة، والولادة الطبيعية هي الاستثناء. تشكيك في الأخلاقيات في استطلاع للرأي عقب هذه الدراسة، اتهم بعض الآباء والأمهات بعض الأطباء في العيادات والمستشفيات بأنهم يفضلون اللجوء إلى التدخل الجراحي لرفع أرباح العيادة أو المستشفى الخاص، بل إن بعضهم ذهب لحد التشكيك في أخلاقيات فئة من الأطباء واتهمهم بأنهم يفضلون ربح آلاف الدولارات في جراحة لا تتجاوز مدتها عشر دقائق على المكوث لمدة قد تصل ثماني ساعات لتوليد المرأة بشكل طبيعي، وهو ما يعني أن العمليات القيصرية أصبحت وسيلة أصحاب القلوب المريضة من مدراء العيادات والمستشفيات الخاصة، الذين يحرصون على مضاعفة أرباحهم من خلال توجيه الأطباء العاملين لديهم بتفضيل التدخل الجراحي، حسب قولهم. حسابات خاطئة أشارت بعض النساء إلى أن نمط الحياة المعاصر صار يدفع بعض النساء إلى التفكير في أمور قد تكون تافهة على حساب صحتهن، إذ قد تجد بعضهن يُلححن على الطبيب بإجراء العملية القيصرية من تلقاء أنفسهن بادعاء عدم قدرتهن على تحمل أوجاع الطلق، ومنهن من يفضلن التدخل الجراحي فقط لاستفادتهن من إجازة وضع تبلغ 13 أسبوعاً بدل 6 أسابيع، متغافلات فوائد الولادة الطبيعية بالمقارنة مع الولادة الجراحية، ومتناسيات أن العمليات القيصرية نفسها لا تخلو من مخاطر ومضاعفات على صحة الأم أو الجنين أو هما معاً، خاصةً في بعض الحالات الطارئة غير المتوقعة مثل عدم التجاوب مع التخدير. حدث غير جراحي تجدر الإشارة إلى أن الدول الاسكندنافية تسجل أعلى المعدلات العالمية في الصحة الإنجابية وأقل عدد الوفيات في صفوف النساء وأطفالهن بعد الولادة، ويرجع بعض ذلك إلى سيادة ثقافة صحية مختلفة لديهم تقوم على التعامل مع حدث الولادة على أنه حدث طبيعي وغير جراحي، ومن ثم عدم التدخل جراحياً إلا في حالات الضرورة القصوى. وينصح بعض الأميركيين إلى الاستفادة من تجارب الدول الاسكندنافية لنشر ثقافة وممارسات مماثلة في المستشفيات والعيادات وبين النساء والأمهات. عن «واشنطن بوست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©