الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المسجد الكبير» بالجزائر تحفة معمارية إسلامية تزهو منذ 9 قرون

«المسجد الكبير» بالجزائر تحفة معمارية إسلامية تزهو منذ 9 قرون
4 سبتمبر 2010 22:00
يعود تاريخ بناء المسجد الكبير في قلب العاصمة إلى عام 1097م بناءً على أمر من الحاكم المرابطي الشهير يوسف بن تاشفين بعد أن بسط سيطرته على مدينة الجزائر سنة 1082م، وتمَّ اختيار مكان له قرب البحر على مساحة تقدر بألف متر مربع، وحرص المرابطون كل الحرص على حسن تصميمه وإتقان بنائه وتنويع زخارفه وأطلقوا عليه اسم “المسجد الكبير”. وبعد أن أنهى المرابطون بناء المسجد، نصبوا على أحد جدرانه لوحة جميلة من الرخام وهي ذات خلفية حمراء وإطار أبيض وكتبوا فيها بالحرف المغربي الشهير تاريخ بناء المسجد وخاطبوا المصلين على لسانه، ومما جاء فيه: “قابلني بدرُ السماء وقال لي عليك سلامي أيها القمر الثاني فلا منظر يسبي نفوساً كمنظري ألا فانظروا حسني وبهجة تيجاني فزاد نصر الله حول لوائه رفيقاً له تالٍ وجيشاً له ثاني”. ولا تزال هذه اللوحة موجودة ويمكن قراءتها بكل وضوح. تصميمٌ بديع الواقع أن المسجد لا يزال يحتفظ بقدر كبير من “حسنه” الذي وصفته به اللوحة إلى حد الساعة بالرغم من مرور 9 قرون كاملة على بنائه، فتصميمه من الخارج لافت للانتباه بكثرة أقواسه ونقوشه وزخارفه وأعمدته الحجرية والرخامية ومئذنته المربَّعة ذات الطراز المغربي الأندلسي المعروف منذ قرون طويلة. وفي أعلى الأقواس المنقوشة ترتسم زخارف زرقاء ذات أشكال عديدة كما تعلوها مجموعة من الأهلة. ويمتد هذا التصميم الهندسي البديع إلى الداخل حيث يجلب انتباه أي زائر جديد بأقواسه وأعمدته المتينة، إذ يقوم على 72 سارية، وكذلك بسقوفه الخشبية القديمة وأبوابه الأربعة الواسعة ونوافذه المطلة على البحر، وكثرة الزخارف على جدرانه، ومحرابه العتيق الذي يعود إلى القرن السابع الهجري. وتقع قاعة الصلاة الرئيسية في الوسط مزودة بسجاد فاخر، وقربها قاعات جانبية تحيط بها مقصورات الأئمة ودار الوضوء. ومن السقف تتدلى عدة ثريات ومصابيح ذات أشكال عديدة، ومنها فوانيس نحاسية تعود إلى العهد العثماني، ما يعني أن الحكام العثمانيين قد افتتنوا بجمال هذا المسجد وهندسته المغربية - الأندلسية فقرروا وضع بصماتهم عليه، وتجلى ذلك أكثر من خلال استحداث ما يشبه “وسط الدار” المعروفة في القصور العثمانية بـ”القصبة” في فناء المسجد الذي أعادوا تصميمه وزودوه بنافورتي مياه للشرب والوضوء، كما زودوه بزخارف وأعمدة مرمرية وأرضية بلاطية جميلة كتلك التي تُرى في قصورهم عادة، ما زاد في جمال المسجد وبهائه. ما إن يؤذن لأية صلاة مكتوبة حتى يغص المسجد بالمصلين ويمتلئ عن آخره، ويزداد الإقبال عليه من كل حدب وصوب في صلوات الجمعة والتراويح حيث يعيش المصلون أجواء روحية خاصة في هذا المسجد العتيق الذي يستحضرون من خلاله صور السلف الصالح وأمجادهم، ويقدر إمام المسجد الشيخ محمد السعيد عددهم بألف وخمسمائة مصل على الأقل، إلا أن دوره الحضاري يمتد ليشمل مجالات عديدة ومنها تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الراغبين بذلك، وقد تخرج فيه علماءٌ وفقهاء وأئمة اكتسبوا سمعة طيبة ولعبوا دوراً في تبصير شباب البلد بأمور دينهم ومنهم الشيخ بابا عمر رحمه الله الذي كان مفتياً ضليعاًَ والشيخ عمر شوتري والشيخ شارف والشيخ مصطفى بن يلس وهم خطباء مفوّهون، ما يؤكد على الدور الحضاري الكبير لهذا المسجد العريق. تقاليد راسخة للمسجد تقاليد يحرص على ممارستها بانتظام ويسميها الشيخ محمد السعيد بـ”السنن التاريخية” ومنها قراءة حزب من القرآن ما بين آذان الظهر وإقامة الصلاة وهذا في حلقة يقيمها مشايخ يحفظون القرآن ويجوِّدونه بصوت واحد على الطريقة المغربية العريقة برواية ورش، بينما يكتفي باقي المصلين الذين لا يحفظون القرآن بالاستماع إليهم إلى أن ينهوا الحزب ويقوم الجميع إلى الصلاة، ويتكرر الأمر في صلاة العصر. وهناك أيضاً تقليد آخر ويتعلق بقراءة صحيح البخاري مرة كل عام، حيث يفتتح بداية من شهر رجب وتستمر قراءته لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في ليلة 27 رمضان بحفل كبير تنظمه وزارة الشؤون الدينية ويحضره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة وكل الوزراء والسلك الديبلوماسي العربي والإسلامي المقيم بالجزائر وتوزع خلاله جوائز تكريمية وتشجيعية لمجموعة من الحفظة الجدد للقرآن.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©