السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جاهدة وهبة تقدم صوتاً مثقفاً وغناء عميقاً لنصوص شعرية مميزة

جاهدة وهبة تقدم صوتاً مثقفاً وغناء عميقاً لنصوص شعرية مميزة
10 يونيو 2013 12:49
جهاد هديب (دبي)- أمام هذا العدد الهائل من الأصوات الغنائية التي تنبت كالفطر في أرجاء الوطن العربي بين لحظة وأخرى، هناك القليل منها ما يبقى في الذاكرة. بات الغناء العربي شبيهاً بركام هائل من الأصوات التي يصعب تمييز أحدها عن الآخر وكأنها جميعاً قد استعارت طبقة صوتية واحدة أصلها في الموسيقى المرتجلة المصاحبة والمعالجة إلكترونياً وفرعها في الصوت البشري الذي نادراً ما يستطيع أن يثبت نفسه بعيداً عن استوديوهات التسجيل. من بين هذه الندرة يبرز صوت اللبنانية جاهدة وهبة في أسطوانتها الأخيرة التي حملت عنوان: «تجليات الشعر والنغم» التي صدرت مؤخراً عن «دبي الثقافية» في عددها لشهر يونيو الماضي وتوزع منه ثلاثين ألف نسخة مجاناً كهدية للقارئ العربي مصحوبة بعددها السابع والتسعين إلى جوار رواية «مملكة الفراشة» لواسيني الأعرج وديوان «عطب الروح» لزينب الأعرج. تضمنت الأسطوانة إحدى عشرة قصيدة مغناة: يطير الحمام لمحمود درويش، ولا تلتفت إلى الوراء للألماني غونتر غراس من ترجمة أنجزتها الشاعرة العراقية أمل الجبوري، وإذا هجرت للحلاج، ويا ريت لطلال حيدر، ولندع تلاقينا لأنسي الحاج، وأنشودة المطر لبدر شاكر السيّاب، وبيروت للميعة عباس عمارة، وأين النديم لعمر الخيّام، وإن كنت لا ترهب ذمّي للجاحظ، وكلامولوجيا لجاهدة وهبة، وأيها الشحرور غرّد لجبران خليل جبران. أما التأليف الموسيقي، فأسهم فيه إلى جوار جاهدة وهبة كل من زياد بطرس وزاد الملتقى وجورج فرح. وبعيداً عن أن القصائد المغناة في «تجليات الشعر والنغم» هي مزيج من الشعر الكلاسيكي العربي والحديث والمترجم والعامي والفصيح، فإن المرء لا يشعر بكلاسيكية الغناء وفقاً لأداء جاهدة وهبة، بل على العكس تماماً يشعر أنه بإزاء صوت مدرّب ومثقف موسيقياً وغنائياً، صوت جعلت منه صاحبته أداتها الطيّعة، ما أمكن، في التعبير عن مشاعرها الخاصة وموقفها من العالم والمعرفة. لقد قدّم مغنون عرب سابقاً قصيدتي «يطير الحمام» لدرويش من بينهم اللبناني مارسيل خليفة، و«أنشودة المطر» للسيّاب من بينهم السعودي محمد عبده، على سبيل المثال لا الحصر، لكنّ خيارات جاهدة وهبة على مستوى اختيار المقاطع من هذه القصيدة وتلك مختلفة تماماً عن التجربتين الموسيقيتين وكذلك خياراتها اللحنية الموسيقية. وعلى سبيل المثال لا الحصر: «أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحدة أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشاردة وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي وأختار أيّامنا بيديّ كما اختار لي وردة المائدة فنم يا حبيبي ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ ونم يا حبيبي لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسدة ??? حبيبي، أخاف سكوت يديك فحكّ دمي كي تنام الفرس حبيبي، تطير إناث الطيور إليك فخذني أنا زوجةً أو نفس حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك ويجتثّني من خطاك الحرس حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك لأنك سطح سمائي وجسمي أرضك في الأرض جسمي مقام يطير الحمام» هذا ما تغنيه وهبة من القصيدة كلها على مقطعين متوالين فحسب. والمختلف هنا هو مقدرة المغنية على الصعود والهبوط بصوتها بين أقصى الرقة التي تكاد تبلغ الصمت وارتفاع الصوت الذي يترك صدى له في النفس، خصوصاً إذا سمعها المرء وحيداً وعاش كمتلق للأغنية بكل مكوناتها من كلمات وموسيقى وأداء في أفق من التلقي يجمعه إلى «شخص» المغنية، الذي يتحدث عن نفسه دون تورية أو استعارة على العكس من صوت الشاعر الذي يستعير صوت الأنثى وخطابها تجاه الحبيب في القصيدة. إلى جوار هذه المفارقة، هناك التأليف الموسيقي. موسيقى جاهدة وهبة هي مزيج بين الشرقي، السماعي، والغربي، الذي ينبني على الجملة الموسيقية. ربما كي يتآلف مع الصوت وطاقته وثقافته وسعته وطاقته على الارتفاع والانخفاض والبطء والسرعة بما يناسب الإحساس الخاص وبالتالي التأثير على المتلقي سواء على مستوى الأداء الموسيقي أو الأداء الصوتي الغنائي العميق. بهذا المعنى تقدم جاهدة وهبة عملا فنياً ضاغطاً على العصب الحساس، ليس في غنائها لقصيدة «يطير الحمام» أو «أنشودة المطر» وحدهما بل في الأغنيات الأخرى أيضاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©