الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش».. والتربح من آثار العراق

10 يونيو 2015 22:36
لا شك أن مسلحي «داعش» قد أثاروا احتجاجات عالمية بسبب مهاجمتهم للآثار القديمة باستخدام آلات تكسير الصخور والجرافات، بيد أنهم يقومون أيضاً بهدوء ببيع القطع الصغيرة من الآثار العراقية والسورية، ما يدر عليهم ملايين الدولارات في عملية من النهب المنظم للكنوز الوطنية. وقد دافع تنظيم «داعش» عن قيامه بتحطيم التحف الثقافية بقوله: إنها أوثان وتمثل ثقافات ما قبل الإسلام. ومن وراء الكواليس، رغم ذلك، أصبحت عمليات النهب التي يقوم بها «داعش» ممنهجة لدرجة أن التنظيم أدرج هذه الممارسة في هيكل الخلافة التي أعلنها، ومنح تراخيص بالحفر في المواقع الأثرية من خلال قسم «الموارد الثمينة». وتعكس هذه التجارة المتنامية كيف رسخ مقاتلو التنظيم أنفسهم منذ الاستيلاء على مدينة الموصل العراقية قبل عام، في توسع كبير للأراضي التي يسيطرون عليها في هذه الدولة وسوريا المجاورة. ومن ناحية أخرى، فقد ألقى استيلاء الجماعة المتطرفة مؤخراً على أنقاض مهيبة في مدينة تدمر يعود تاريخها لألفي عام، بالضوء على الخطر الذي يشكله «داعش» على التراث الثقافي الغني في المنطقة. ورغم ذلك، فهذا مجرد واحد من 4500 موقع تحت سيطرة التنظيم. يقول «قيس حسين رشيد»، نائب وزير الآثار والتراث العراقي: «إنهم يسرقون كل ما يمكنهم بيعه، وما لا يستطيعون بيعه يقومون بتدميره». وأضاف: «لاحظنا أن تهريب الآثار قد ازداد بشكل كبير منذ يونيو الماضي»، مشيراً إلى الشهر الذي استولى فيه متشددو داعش على الموصل وأجزاء كبيرة من شمال العراق. وفي هذا الوقت، استولى المتشددون أيضاً على العاصمة الآشورية القديمة نينوى. وفي فيديو بثته أنصار هذا التنظيم المتطرف، صور المقاتلون أنفسهم أثناء تدمير التماثيل في متحف الموصل، لكن الكثير من هذه التماثيل كانت في الواقع نسخة طبق الأصل من الآثار المحفوظة في بغداد، بحسب مسؤولين عراقيين. وأضافوا أن أي شيء أصلي وصغير يقوم المسلحون على الأرجح ببيعه أو تخزينه. يذكر أن العراق ظل يعاني لسنوات من نهب المواقع الأثرية، حيث استغل اللصوص عدم الاستقرار الذي عم البلاد، خاصة نهب المتحف الوطني في بغداد عقب الغزو الأميركي في 2003، ما أثار استياء العالم. وقد بدأت عمليات النهب بطريقة عشوائية عندما حصل تنظيم «داعش» على أول موطئ قدم له في سوريا، بيد أن التجارة أصبحت أكثر تنظيماً مع قيام «داعش» بغزو الأراضي والسيطرة عليها. وتمنح «داعش» تراخيص للتنقيب في المواقع الأثرية من خلال «ديوان الركاز، وهو الهيئة التي تشرف على الموارد في «دولة الخلافة». وكانت الهيئة من قبل لديها قسم للنفط والغاز والآثار، كما تكشف وثائق الجماعة. يقول أيمن التميمي، باحث في الجماعات الجهادية بمنتدى «الشرق الأوسط» ومقره بريطانيا: إن «داعش قد أدرجت نشاط الحفر في بيروقراطيتها». ومن الصعب تقدير حجم مكاسب التنظيم من التجارة في الآثار، التي يقول مسؤولون عراقيون: إنها تُعد، بالنسبة لـ «داعش» ثاني أكبر نشاط تجاري بعد مبيعات النفط، ما يدر عشرات الملايين من الدولارات على المنضوين في التنظيم. ومع كفاح «داعش» من أجل الحفاظ على عائدات النفط في أعقاب الضربات الجوية الأميركية التي دمرت بنيته التحتية، يشعر خبراء ومسؤولون بالقلق، خاصة أن التنظيم قد يركز أكثر على التنقيب غير القانوني. ويرى «مايكل دانتي»، أستاذ علم الآثار بجامعة بوسطن، أن التجارة في الآثار المنهوبة من العراق وسوريا، أدت إلى أن بعض القطع المنهوبة قد اتخذت سبيلها إلى الولايات المتحدة والأسواق الغربية الأخرى - خاصة الآثار ذات السعر المنخفض والمتوسط، مثل الأختام الحجرية والنقوش المسمارية. أما القطع الأكبر والأكثر وضوحاً، فتذهب في عملية غسيل تستغرق سنوات وتشمل تزوير الوثائق التي تشير إلى الأصل القانوني. ولكي يتم بيعها بصورة قانونية، يجب أن تكون القطع قد تم التنقيب عنها أو تصديرها قبل 1970، عندما دخلت اتفاقية اليونيسكو حيز التنفيذ لتحظر التجارة في مثل هذه الممتلكات الثقافية. بيد أن السوق يعاني سوء التنظيم، حيث يقدر معهد الآثار الأميركي أن ما يقرب من 90% من مجموعات التحف الكلاسيكية ربما تكون من الآثار المسروقة. وهناك قطع أصغر من العراق وسوريا «تغرق السوق» حالياً وتباع على نطاق واسع عبر الإنترنت، كما ذكرت «ديبورا لير»، المؤسس المشارك في «ائتلاف الآثار»، الذي يهدف إلى إنهاء «الابتزاز الثقافي». وقال العقيد «فراس حسين عابد»، قائد بالجيش العراقي الذي أشرف على التحقيق في شبكة تهريب في أبريل» من العراق: إنه يتم تهريب الآثار إلى الكويت وإسرائيل وتركيا، وكلها محاور عبور إقليمية. لوفداي موريس- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©