الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المبالغة في احتفالات التخرج «تقليعة» تصطدم بالأهداف التربوية

المبالغة في احتفالات التخرج «تقليعة» تصطدم بالأهداف التربوية
10 يونيو 2012
حفلات التخرج السنوية تضع كثيراً من إدارات المدارس في موقف لا تحسد عليه، وحيرة كبيرة في كيفية التوفيق بين رغبة كثير من الطلاب أوالطالبات وأولياء أمورهم في إقامة حفلات تخرج أبنائهم بشكل معين، وفي مكان محدد، وبصورة مبالغ فيها أحياناً، وتسابقهم لإخراج هذه الاحتفالات متوافقة و”برستيج” هذه الأسر الاجتماعي، وبين عدم قدرة بعض الأسر على الإسهام في هذه الاحتفالات بشكل مبالغ فيه، بما يمثل عبئاً مادياً سنوياً مضافاً يمكن تجنبه. ومن جانب آخر مخالفة تعليمات مجلس أبوظبي للتعليم بعدم جواز قيام أي مدرسة بتحصيل أي رسوم غير الرسوم الدراسية المعتمدة، ولأي سبب دون الحصول على موافقة مسبقة. “ ما من شك أن من حق جميع الأطراف أن تفرح، وتسعد، وتبتهج، الطلاب والطالبات، وأولياء الأمور والأسر، وإدارات المدارس والهيئات التعليمية، وكافة أفراد المجتمع. إنها فرحة كبيرة، ومن حق أبنائنا وبناتنا أن يفرحوا ويحتفلوا بتخرجهم أو الانتهاء من مرحلة دراسية معينة، ومن حق أولياء الأمور وإدارات المدارس أن تشاركهم هذه الفرحة السنوية التي ينتظرها الأبناء بفارغ الصبر، لكن يجب ألا تتحول هذه المناسبة إلى عبء مادي، أو كابوس يثقل كاهل الأسر غير القادرة، أو أن تتحول إلى “تقليعة” سنوية يترافق معها كثير من السلبيات والمشاكل التي تفسد الهدف التربوي من إقامة هذه الاحتفالات، أو أن تصبح احتفالات التخرج مناسبة “للوجاهة” الاجتماعية، والتنافس السلبي للتباهي والتفاخر بصورة مبالغ فيها، وتكرس قيماً تربوية سلبية أشبه بحفلات الأعراس التي تشهد سباقات محمومة من الإنفاق والبذخ”. .. هذه الكلمات جاءت عن إحدى الأمهات اللاتي شاركن أبناءهن في حفل تخرج من مدرسة خاصة مرموقة في أبوظبي، أقيمت في أفخر فنادق العاصمة، وصلت إسهامات أسر الطلاب فيها الى حدود الثلاثة آلاف درهم للطالب أو الطالبة، بينما تسابق كثير من أولياء الأمور في نفس المدرسة بالتبرع بأضعاف هذا المبلغ، والتمسك باقامة الحفل في مكان سياحي مرموق يليق بسمعة ومكانة المدرسة التي تتخرج منها ابنته أو ابنه، كأن الأمر أصبح من مستلزمات “البريستيج” أو الوجاهة المطلوبة. وجاهة اجتماعية دافعت مديرة إحدى المدارس الخاصة المشهورة في أبوظبي عن ما يوجه من انتقادات على البذخ والإنفاق الذي يرافق حفلات التخرج، وما تردد أن التبرعات المفروضة في حفلات التخرج المدرسي وصلت 3000 درهم، وأن المدرسة اشترطت على الطلاب سداد المبلغ المطلوب حتى يمكنهم المشاركة في الاحتفال الذي أقيم في فندق فخم بناء على رغبة الطلاب أنفسهم وأولياء أمورهم، وقالت: “ نحن لا نسعى لذلك، لكنها رغبة الطلاب وأولياء الأمور، وإخراج الحفل بالشكل الذي يريدون، وبما ينسجم ورؤيتهم ورغبتهم يحتاج إلى نفقات باهظة، فإيجار قاعة الاحتفالات فقط يتعدى 150 ألف درهم، فيما تبلغ قيمة بوفيه العشاء 200 ألف درهم تقريباً. ولا يمكنني أن أتهم الآباء بالتباهي أو التفاخر، إنها رغبتهم في الاحتفاء بأبنائهم وبالطريقة التي يريدونها، والمدرسة جهة تنفيذ وتنسيق وإشراف فقط ، فالطلاب والطالبات ينتظرون هذه المناسبة ويحرصون على تسجيلها كتاريخ وحدث مهم في حياتهم، والنظام لا يسـمح بأن نرهق الطلاب بتكاليف إضافية، ونحن لا نقر إقامة الحفلات خارج المدرسة إلا بناء على رغبة أولياء الأمور أنفسهم، مادام الأمر لا يكلف المدرسة أية أعباء إضافية”. أما حسين غالب “من أولياء الأمور، فيرى أن تنظيم مثل هذه الحفلات أمر ضروري، لكنه لا يحبذ الإنفاق فيها ببذخ، وبما يثقل كاهل غير القادرين من الأسر، ويقول:” إنها فرصة ينتظرها الأبناء بعد جهد ونجاح، وهناك من المدارس ما تبالغ في الإنفاق، وهناك من يشترط التبرع بشكل غير لائق، وهناك من يتعامل بمرونة، لكنني لا أحبذ المبالغة بشكل عام، فقد يكون من الأهمية أن يأتي الحفل منسجماً مع اسم المدرسة، وفي مكان لائق وراق، لكن دون تبذير أو بذخ. ربما الأبناء ينظرون إلى أقرانهم، وهذه طبيعة السن والمرحلة العمرية، لكن لابد أن تراعى ظروف الأسر الاقتصادية وطاقاتها ومسؤولياتها الاجتماعية”. كذلك أشارت هبة رستم “ والدة إحدى الخريجات” إلى أهمية الاحتفالات، لكنها انتقدت المدارس التي تلزم الطلاب بالتبرع، والمبالغة فيه، وتحديد مبالغ تصل 5000 درهم، وقالت:” هناك كثير من المدارس ما يجعل من المشاركة اختيارية، لكن الحقيقة ليست كذلك، لأن كل طالبة تطمح في مشاركة زميلاتها، بل ويتنافسن في ذلك، وبما يحمّل الأسرة أعباء إضافية. صحيح أن المشاركة اختيارية، لكن الأبناء يلزمون أسرهم بالمشاركة حتى لا يظهرون أقل من أقرانهم، وعادة ما تأتي هذه الحفلات وما يتبعها من حفلات عشاء مكلفة، ولاسيما إن أقيمت في أحد الفنادق الفارهة”. جانب إيجابي بادر مدير إحدى المدارس الخاصة الشهيرة في أبوظبي، لتوضيح الأمر بموضوعية، ويقول:” علينا أولا ألا ننسى الأهداف التربوية والاجتماعية التي ننشدها من إقامة حفل التخرج كل عام، باعتباره مهرجاناً للفرحة بالنجاح والتفوق وإنهاء مرحلة دراسية مهمة في حياة الطالب أو الطالبة، ويشارك فيه جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية من المدارس والأسر والطلاب، وهي مناسبة مهمة لتكريم الخريجين بشكل لائق، والاحتفاء بهم وسط ذويهم وعوائلهم وأساتذتهم، وفرصة جيدة للتواصل الإيجابي المباشر بين جميع الأطراف، من شأنه أن يعزز صلة المدرسة بأولياء الأمور، وفرصة جيدة أيضاً للتعريف بالمدرسة وإنجازاتها وبالطلاب المتفوقين فيها، وتشجيع باقي الطلاب في المراحل الصفية اللاحقة، وتوجيه الشكر لكل طرف أسهم في هذه المسيرة الطويلة”. ويضيف:”من جانبنا نؤكد أننا نميل إلى إقامة مثل هذه الاحتفالات بمقر المدرسة، وبجهود ذاتية صرفة، ونحرص على إنجازها بالاعتماد على أبنائنا الطلاب والطالبات في كافة فقرات الحفل الفنية والرياضية والثقافية وغيرها، وبما لا يحمل الطلاب أية أعباء مالية، أو تبرعات زائدة وفق تعليمات مجلس أبوظبي للتعليم، وهذا يتفق ورغبة بعض الطلاب وأولياء الأمور، لكننا نجابه موقفاً لا نحسد عليه أمام رغبة كثير من الطلاب وأسرهم لحد الضغط على إدارة المدرسة وضرورة تنظيم هذه الاحتفالات بصورة معينة، وبشكل معين، وفي مكان معين، ووجهة نظرهم أن يأتي الحفل متسقاً وسمعة ومكانة واسم المدرسة، والأمر لا يخلو من نزعات ورغبات تتعلق بالوجاهة الاجتماعية أو رغبة الأبناء الطلاب أنفسهم، وهناك كثيرون من يبادرون للتبرع المالي بما يجنب العبء على الطلاب غير القادرين، أو من يتبرع بشكل رمزي، أو من يبادر بنفسه بحجز قاعة الاحتفال في فندق معين، أو تقديم تسهيلات معينة، وجميعها تصب في اتجاه إخراج الحفل بشكل لائق ودون بذخ”. حق مكفول ويكمل :” إننا أنجزنا كل مفردات الاحتفال بالاعتماد على طلابنا، مع كل هذا أستطيع أن أؤكد أننا نتعامل مع جميع الطلاب سواسية من القادرين على وغير القادرين، ولا نلزم أي طالب بإسهامات وتبرعات إجبارية على الإطلاق، وجميع الطلاب الخريجون وذووهم شاركوا في الحفل دون استثناء، بل وقد شاركوا جميعاً في تقديم فقرات الاحتفال دون تمييز، فالهدف ليس الحفل في حد ذاته، وإنما تحقيق الأهداف التربوية التي نسعى إليها لإدخال البهجة والفرحة إلى الجميع”. لا للتبرعات جانب آخر من الظاهرة، تشير إليه بسمة سعيد الجنيبي، مديرة مدرسة النهضة الوطنية للبنات، ونائبة المدير العام، وتقول:”احتفلت مدارسنا بتخريج 370 طفلاً من قسم رياض الأطفال “الروضة الثانية” كتقليد سنوي دون أن نحمل أولياء الأمور درهماً واحداً، وحرصنا أن نقيم الحفل بالاعتماد على الجهود الذاتية تماماً، ونجحنا في تقديم فقرات مبهجة وملفتة وناجحة بحضور كافة أولياء الأمور أوالأمهات، ونالت تقديرهم واعجابهم، وجميعها من إعداد واشراف الهيئة التعليمية المعنية، وبمشاركة الأطفال أنفسهم، وفي مقر المدرسة، ودون أي عناء أو عبء على الأسر”. وأضافت نجاة مزرعاني، نائبة المديرة لقسم رياض الأطفال:” نحن نحرص على هذا التقليد السنوي بالجهود الذاتية البحتة، فالهدف الذي نسعى إليه هدف تربوي، فضلاً عن كونه مناسبة مبهجة تضفي السعادة والفرحة على الأبناء وأسرهم، وفرصة سانحة للتواصل الإيجابي معهم، ودون أن نحمل هذه الأسر أية أعباء مادية أو معنوية”. وتقول أمنية السادات، مسؤولة الأنشطة بقسم رياض الأطفال:” نحن نعلم أن هناك تفاوتا بين أسر الأطفال، وهذا العام احتفلنا بتخريج ألف طفل وطفلة، على ثلاث مراحل أو ثلاثة احتفالات، ولم نحمل الأسر درهماً واحداً، إن قيمة الحفل تكمن في مشاركة الأبناء الواسعة، وبجهود العاملين في المدرسة والروضة، وتفاني الجميع في الإسهام لإنجاح الحفل دون بذخ أو مبالغة، والسعي للاحتفاء بالمناسبة في جو أسري وتربوي لا يسبب للأسرة أعباء إضافية”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©