الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشخصية «الانسحابية» نتيجة طبيعية للتنشئة الاجتماعية المتسلطة

الشخصية «الانسحابية» نتيجة طبيعية للتنشئة الاجتماعية المتسلطة
12 يونيو 2011 19:45
يعتري الأبوين أو المربين كثير من القلق عندما يلاحظون أن طباع الطفل قد تغيرت عن ذي قبل، وأنه أصبح أكثر ميلاً للعزلة، أو أنه أصبح تلميذاً «تجنبياً»، ولا يميل إلى التقارب أو الاختلاط مع أقرانه. وقد يصفونه بالعزلة الاجتماعية، أو الانطواء على الذات، أو الانسحاب الاجتماعي. وهذا النوع من السلوك يتميز عادة بإبعاد الفرد عن نفسه وعن القيام بمهمات الحياة العادية، ويرافق ذلك إحباط وتوتر وخيبة أمل، كما يتضمن الانسحاب الاجتماعي الابتعاد عن مجرى الحياة الاجتماعية العادية، ويصاحب ذلك عدم التعاون وعدم الشعور بالمسؤولية، وأحياناً الهروب إلى درجة ما من الواقع الذي يعيشه الفرد. يعرّف الاختصاصي النفسي التربوي روحي عبدات الانسحاب الاجتماعي، «بأنه الميل إلى تجنب التفاعل الاجتماعي، والإخفاق في المشاركة في المواقف الاجتماعية بشكل مناسب، والافتقار إلى أساليب التواصل الاجتماعي، ويتراوح هذا السلوك بين عدم إقامة علاقات اجتماعية وبناء صداقة مع الأقران، إلى كراهية الاتصال بالآخرين والانعزال عن الناس والبيئة المحيطة، وعدم الاكتراث بما يحدث فيها، وقد يبدأ في سنوات ما قبل المدرسة، ويستمر فترات طويلة وربما طوال الحياة. ولأن هذه المشكلة تعكس آثارها السلبية طويلة المدى على شخصية الطفل مستقبلاً، وتحد من تواصله الاجتماعي مع البيئة المحيطة، وتفقده الحصول على فرص عديدة، فلا بد للوالدين من اتباع مجموعة من التعليمات من أجل الوقاية من هذه المشكلة وتفادي تفاقمها يجب تعريض الطفل لخبرات تفاعل اجتماعي جديدة، فمن الضروري توفير خبرات تفاعل اجتماعي إيجابية مع الآخرين للأطفال خصوصاً في المراحل العمرية المبكرة، حيث إن طبيعة المهارات الاجتماعية والتدريب عليها غالباً ما تتطلب تدريب الطفل في مواقف اجتماعية حية، فمن الممكن أن تنشأ المشكلات عندما يلعب الأطفال الصغار دون إشراف، إذ إن كثيراً من الخبرات السلبية مثل الإغاظة أو التخويف أو الإحراج قد تؤثر على الطفل فتجعله يحاول تجنب الآخرين، إن خوف الطفل من الآخرين قد يسبب العزلة الاجتماعية، فالطفل الخائف يرغب في الهروب من مشاعر الخوف والإحراج عن طريق تجنب الآخرين؛ لأن التفاعل مع الآخرين يكون مرتبطاً بالشعور بالألم. أيضاً فإن وجود السلطة الوالدية المتوترة أو الغاضبة غير العطوفة قد تولد رغبة لدى الطفل في الانسحاب». نماذج تفاعل ويكمل عبدات: «من الأهمية توفير نماذج تفاعل اجتماعي للطفل، فغالباً ما يتعلم الأطفال من خلال النمذجة. ويؤكد بعض المختصين أهمية التوضيح، فبإمكان المربين توضيح النماذج السلبية للأطفال المضطربين، كأن يخبر الطفل عن الأطفال غير المحبوبين، وما السلوكيات التي يقومون بها مثل إغاظة الآخرين وإهانتهم وغير ذلك، ولا بد أن يخبر الطفل عن الأطفال المحبوبين، وما خصائصهم؛ لأن ذلك ينمي الشعور بالأمن والثقة بالذات، وبالتالي يزيد من قدرة الطفل على المشاركة في التفاعلات الاجتماعية. ثم أن احترام الطفل وتقبله وتقبل أقرانه ذوي السلوك السوي: فعلينا أن نقنع الطفل بأننا نهتم به ونرغب فيه، ليس فقط من خلال الكلمات الطيبة بل ومن خلال الفعل. فالأسرة هي نموذج قوي وواقعي لتقبل الجماعة للفرد. فالأطفال الذين لا يشعرون بالانتماء والتقبل في البيت يجدون صعوبة كبيرة في المشاركة مع جماعة غير مألوفة. هذا فضلاً عن تنمية ثقة الطفل بنفسه وحب المغامرة، حيث تؤكد العديد من البحوث التربوية أهمية تعليم الطفل المهارات الرياضية ودورها في تنمية مهارات التفاعل الاجتماعي؛ لذا علّم الطفل مهارات قد يعتبرها الآخرون مهمة كالمهارات الرياضية؛ لأنها تعتبر ذات قيمة عالية عند الأطفال الأقران. التربية الانتقادية تشير الاختصاصية النفسية سوسن حلاوي، إلى أن الانطوائية تعكس آثارها السلبية طويلة المدى على شخصية الطفل مستقبلاً وتحد من تواصله الاجتماعي مع البيئة المحيطة، وتفقده الحصول على فرص عديدة، إما بسبب الخوف من الآخر، أو بسبب كره الآخر، حيث في الحالة الأولى تكون الرغبة لدى الطفل في الاختلاط، لكن يمنعه الخجل أو فكرة أن الآخر أفضل منه، وهي غالباً حالة الرهاب الاجتماعي، أما الحالة الثانية فهي تتماشى مع حالات العدوانية عند الأطفال.‏ فالميل إلى العزلة يبدأ عند تفضيل الأطفال للنشاطات الفردية مثل اللعب بالألعاب الإلكترونية أو مشاهدة التلفاز، وغياب الحماس وفتوره عن المنافسة الجماعية، بالإضافة إلى التراجع الدراسي ورفض المدرسة، وظهور سلوكيات لا تتناسب مع عمره كمص الإصبع أو التبول اللاإرادي، نتيجة التربية الانتقادية غير المشجعة، كما يسبب الخوف من الآخر بشكل عام، وكذلك الحماية المبالغ بها من قبل المربي للطفل حيث تسبب نقصاً في مهارات الطفل الاجتماعية، وضعف العلاقة مع المربي والذي يعد هو المدرب الأساسي والأكثر أهمية للمهارات الاجتماعية.‏ وأيضاً هناك عوامل وراثية، فقد يرث الطفل السلوك الانسحابي من أهله، فتكون شخصيته انطوائية، وقد نراه يستمتع بفرديته وانعزاله، وهذا الطفل قد يملك سمات ما يدعى الشخصية التجنبية وتستمر معه طيلة حياته إذا لم يخضع للعلاج النفسي. هناك أيضاً عوامل عائدة للمجتمع حول الطفل كالروضة أو المدرسة، وخاصة عند الأطفال الذين يعانون من عيب جسدي معين كلبس نظارة للعينين، أو عرج أو تأتأة في الكلام، فقد يتعرضون للسخرية من زملائهم ولايجدون الحماية من المدرسة فيتطور لديهم الانسحاب الاجتماعي لتفادي تعليقات الآخرين».‏
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©