الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

CNN .. «سيلفي» كبير للعالم عبر الزمن

CNN .. «سيلفي» كبير للعالم عبر الزمن
10 يونيو 2015 23:17
أحمد مصطفى العملة بقدر من المبالغة، يمكن تقسيم تاريخ العالم إلى مرحلتين.. الأولى B.CNNوالثانية ما بعد السي إن إن. فالعالم قبل ظهور محطة التلفزيون العملاقة، مختلف عن العالم بعد ذلك، ربما لأنه كما لو كان قد اكتشف ذاته على حقيقتها اعتبارا من أول يونيو 1980. فالذي فعلته سي ان ان يبدو كما لو أنه لقطة سيلفي عملاقة ممتدة عبر الزمن للعالم، ومن خلفه يظهر ركام وأنقاض ودماء وصرخات ودموع وجوعى وجرحى ومنتصرون ومهزومون من مخلفات حروب وأزمات لا تنتهي. مثل ظهور سي إن إن كاختراع عملاق، محطة مهمة في سلسلة مذهلة من ابتكارات خارقة جعلت العالم بحق قرية صغيرة وكبيرة في آن واحد، بدءا من التلغراف في 1837 حتى الفيسبوك في 2004 مرورا بالهاتف والقطارات والسيارات والطائرات. قبلها كانت الصحافة تبدو مثل ديناصور عملاق تهدد مصيره عوامل التعرية الاقتصادية والاجتماعية والتحولات السياسية، لكن جاءت المحطة بأسلوبها المذهل في نقل الأحداث من مواقعها على الهواء تقريبا، على مدار الساعة، لتجعل المشاهدين في كل مكان، بكل مكان في آن واحد، ولتسهم في وضع الأجندة للسياسيين حول العالم. أعطت السي إن إن، للصحافة والإعلام عموما أبعادا جديدة مذهلة، حتى أنه يجوز القول، إن الفيسبوك وتويتر وما شابه من وسائل الإعلام «الافتراضي» الجديد، هي التطور الطبيعي لها. وإن كانت في الحقيقة نقيضها. فهي اختصرت وقدمت العالم «الواقعي»، كما هو، ببشاعته وبؤسه وجشعه وألمه وضحكه. لقد تصور البعض أن المنجز الحقيقي للمحطة سيوجه الضربة القاضية للصحافة الورقية، لكن الصحف امتصت الصدمة. وتنبهت من تجربة السي إن إن للأهمية القصوى للصورة، فبدأت تغير من تصميماتها، بحيث صارت الصورة والشكل عموما، تلعب دورا مهما في الصحف، بعدما رسخت المحطة ثقافة جديدة، تتراجع فيها أهمية الأفكار والكلمات، لتلعب الصورة الخام دور البطولة الأساسي في العرض. وتلقفت الجماهير الطريقة الجديدة، لأنها أيسر وأسهل في الفهم والتلقي، ولا تحتاج إلى مجهود كبير. فانضم جمهور جديد إلى عالم الاعلام والثقافة.. جمهور ليس بالضرورة مثقف لكنه بسيط تجذبه الصورة الملونة.. فانتعشت صناعة الإعلام.. وهو ما استفادت منه الصحف. في هذا السياق، يمكن القول، إن المحطة ساهمت بطريقة ما في تمهيد الطريق لبروز ظاهرة «السيلفي»، بعدما رسخت في العالم عبر سنوات الأهمية القصوى للصورة من موقع الحدث، فاستبدت الفكرة بعقول الناس، وعندما امتلكوا الوسيلة لذلك، انفجرت الظاهرة. أثرت السي إن إن أيضا على صناعة السينما الأميركية، التي زادت من جرعة العنف والحروب والتوجه العدمي في أفلامها، كرجع صدى أو محاولة لتقليد المحطة فيما تبثه. في الوقت نفسه، صارت المحطة ومن سار على دربها لاحقا، تسهم في وضع أجندة السياسيين حول العالم، فمن منهم يستطيع ان يفهم العالم من دون ما تبثه الس ان ان؟! حتى الأدب والموسيقى، تأثروا لا شك بالذائقة الجديدة للجماهير التي ساهمت في صنعها سي إن إن بفضل جهود مؤسسها تيد تيرنر الذي يمكن القول، إنه مع ستيف جوبز وبيل جيتس ومارك زوكربرجر غيروا العالم تماما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©