الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راشد عبدالله.. وشاية الحب وغواية الانتماء

راشد عبدالله.. وشاية الحب وغواية الانتماء
25 يونيو 2014 22:30
علي أبوالريش قدرك سيدي أن تكون مواطناً بمذاق مختلف، تصغي إلى حفيف الأشجار، ووشوشة الموجة، وخرير الجداول وهي تمضي في الحياة مفعمة بالحيوية مترعة بالصفاء، دافئة مثل خيوط الشمس، عاشقة مثل الصحراء، جامحة من جياد خرجت من صلب التاريخ لتحسو رشفاتها من عرق الكد والجَد.. قدرك سيدي، أن تكون عاشقاً مبتهلاً في محاريب الكلمة، وفي صمتك بوح، النجوم وصهيل الكواكب وهي تخرج من شرنقة الكون، المؤطر بالجمال والكمال، والآمال والأسئلة واسعة الحدقات.. قدرك أن تحب الوطن، كما تحب الأشجار السامقة رمل النشوء والارتقاء، كما يحب الطير الرفرفة عند هامات السحاب، قدرك يا سيدي أن تضع «شاهندة» في المنطقة المستفزة لمن يأتون من بعدك فيكتبون وينحتون أسماءهم في اللوح المحفوظ ويسكبون من بعدك رذاذ السماوات العلى لعل وعسى يمكنهم رؤية النجوم وهي تخيط عباءة السماء ومن سم الخياط، يعبرون ويخبرون الناس أن الكلمة قنديل، وأن الرواية غواية ووشاية وحكاية لا يمكنها أن تخفض جناح الذل، إلا برحمة الملكات المخضبة بحناء الأول والآخر، وما بينهما أحلام تتوضأ صباحاً لترتل شهقات المحدقين في السماء بحثاً عن جملة استوطنت الرأس ولم تزل تغسل فستان فرحها لكي تخرج إلى الضوء مسربلة بالنقاء وجلال المعنى. قدرك سيدي أن تجلل بالهامة والقامة والاستقامة.. قدرك أن تكلل كالأزهار برائحة الزمن الجميل، وأن تكون أوراقك الملفوفة في أدراج الذاكرة، كثراء البحر وسخاء الصحراء. قدرك أن تكون كجلمود صخر، تعلو الرياح ومن فناجين مجدك ترشف القطرات بصمت النجباء والنبلاء، وأن ترسل رسالة للذين يأتون من بعدك مغلفة بالإبهار والأزهار والأثمار مزخرفة ببواطن قل مثيلها في تاريخ الأمة لأنك سيدي النموذج والمثال، ولأنك السؤال الذي لم تنطفئ فوانيسه، لأنه لم يخنع للريح عندما تهب من أعالي البحار .. قدرك سيدي أن تكون علماً وقيماً شيماً، ومعلماً عند ناصيته تقف الطيور مجنحة تبحث عن تغاريدها المزدهرة بالجمال. أيقونة وغافة راشد عبدالله.. شاهندة ليست رواية، بل أيقونة وسر التاريخ عندما تصمت الزوايا الحارة.. شاهندة سيدي هي «غافة» الأرض ونخلة اللواعج حين كان الإنسان يخلق من مشاعره ألوان الرطب الجنى، ويصبغ العذوق قلائد وقصائد وفرائد ومواعيد لالتقاط الجمل المفيدة في الحياة وطرائق الانتماء إلى التراب. قدرك سيدي أن تتلقى وحي الكتابة قبل سواك، والذي سواك أنت في الكتابة، سحابة حطت عند شفة الألم، ثم تمادت في الهطول مطراً، وقمراً، وشجراً، ونهراً يغسل ملاءة الكون من غبار وسعار ودوار، وأدوار .. قدرك سيدي أن تكون الإمارات حبك وأن تكون حبيبها، فالحب سيدي كلمة السر التي نكتشف فيها أنفسنا ومسعر الانتماء الذي نعرف من خلاله كيف تبني النجوم أعشاشها في السماء وكيف تثمر الأشجار أفراحها. قدرك سيدي.. أن يختال الصبح سعيداً، كلما انفض سامر الليل وأصبحت «شاهندة» وعاء التدرج من الجنينية إلى الطفولة، اليافعة إلى شباب فذ يلوِّن وجه الحياة بكتلة الفرح.. راشد عبدالله.. التاريخ ذكي حينما يخبئ أشياءه الثمينة في معطف الصمت، لأنه يعلم سيدي أن الصمت أبلغ أبناءً من جلجلة الأقمار المحتشدة عند رصيف الضجيج .. قدرك سيدي أن تكون في التاريخ البيان والتبيين، وأن تكون البنان المشير إلى طلوع الشمس في غيهب العشق، لأجل عشاق نهلوا من قصيدة الوجود ما يفضي إلى عوالمهم الغامضة إلى أحلامهم الطفولية إلى نبرة الصوت في مغازلة الطير للطير، في معانقة الأغصان للأغصان .. قدرك سيدي أن تحبك الرواية وتتحرى رؤية الفلذات الجديدة، وأن يحصد الآخرون ثمرات ما تنتجه الأشجار الشم. راشد عبدالله .. تكسونا الرياح في غياب الحواجب والرموش فترتعد أغصانها برداً، لغياب الشطآن وانسحاب جند الكتابة من مرافئ الحرقة اللذيذة وورطة الانتماء إلى بوح لا يكفي ولا يجف.. في الإمارات نجوم تلاشت، وأخرى تحاشت البلوغ ونجوم سيدي تسطع من خلف الغيوم، متألقة ببريق التاريخ، محتفظة بدفاتر مجدها وسدِّها وعهدها، وجدها، وما توقفت جداولها عن العطاء وما كفت قناديلها عن الضياع وما خفت خطوتها عن الحث والنث والبث، وقدرك سيدي أن تكون الطوق والعنق والأفق، والشفق، وأن تكون العلاقة والشامة، والاستدامة، والقامة القويمة، والقوامة المستقيمة وأن تكون الجبل والجبلة وأن تكون القبل والقبلة، وأن تكون الابتسامة المبجلة، وأن تكون القطر والأهِلة، وأن تكون السطر وأول الجملة، وأن تكون النهر والموجة المجلجلة، وأن تكون الحبر والسواحل المجللة، وأن السحر والدائرة المستكملة وأن تكون الفكر والفلسفة المرتلة، وأن تكون العُرف والقيم المكملة، وأن تكون سيدي في وجدان التاريخ، جملة مفصلة، وأن تكون في التضاريس شجرة السدر المسترسلة وأن تكون تكون على شفاه الناس، غاية مستبسلة، وأن تكون في المعنى الأصيل، رواية مجندلة، وأن تكون في تلافيف الكلمة، كساريات جاريات في جنب السماء وفي خواطر الكون وأحشاء الجهات الأربع. قدرك سيدي أن تأتي في الزمن الجميل مؤسساً ومكرساً وحدساً وقبساً، ونبساً، وطرساً، وحساً، وجرساً يدق ناقوسه في الأسماع، ليضيء الأبصار .. قدرك سيدي أن تكون الوعد والموعد، والعهد، والموقد، والبعد والأبعد، والسرد والأمجد. راشد عبدالله .. في هذا النهار، أقمارنا تسكن في الجوار، وفي الأسحار تضيء المصابيح شموعها والراسخون في الحب يرفعون النشيد عالياً، شامخاً، راسخاً، معبقاً بأنفاس العشاق مخضباً بأشواق المدنفين الأخيار مكللاً بأجمل الأخبار مجللاً بقرط وسوار والشامخات الراسيات الكاسيات الكاعبات نهود وعهود ووعود على الأرض الجليلة .. راشد عبدالله، في هذا التاريخ تتسامق الأقطار، وتمضي نهراً وجدولاً تمضي سهلاً وحقلاً والطير الأنيق، يفرد أشرعة الحياة متمادياً في التغريد طرباً بالنشيد يشد أزر النجوم كي تغني وترفع التمنيات موالاً خليجياً يموج بالفرح. راشد عبدالله .. من ذا لم يحدق في الصفحات الناصعة من ذا لم يقرأ ما بين سطور الجملة الفصيحة ويستدعي المشاعر كي تصفق للذين بذلوا واستدرجوا الطاقات الهائلة كي ترفع أوتاد الخيمة، وتبني للآخرين موئل السعادة. الوطن والرواية راشد عبدالله .. وحدك سيدي تعرف أن بناء الوطن كبناء الرواية لا بد من بداية ثيمتها، حدث يرتفع بالمكان والشخوص إلى حيث تستقر الطموحات وتعلو هامة الرجال .. راشد عبدالله وحدك سيدي تعرف أن التاريخ مثل قماشة بيضاء الناس هم الذين يضعون اللون على نسيجها لتصبح ثوب الحشمة والقيم الرفيعة .. التاريخ سيدي موعود بحبك، وسواك رموزاً أشاعت خبر الظفر ولم ينته الأمر لأن القافلة لم تزل تشق العباب بأحلام الأولين وطموحات الآتين من أصلاب وترائب النصل والفصل والأصل الجميل. راشد عبدالله .. لا تتوقف سفن الإبحار، ما دامت الأشرعة من صنع تاريخ أوتاده رسخت في الأرض، وشمخت في السماء لا تتوقف الكواكب عن الدوران، طالما ارتشفت من رحيق أنيق رقيق دقيق لا تشوبه شائبة ولا تكدره خائبة. راشد عبدالله .. كنت سيدي لتكون في الكون الإماراتي، نسقاً وحدقاً، وأنقاً وطريقاً تشق العبارة به ومنه منهجاً ليصفق التاريخ معتداً فخوراً بأنامل وضعت النقاط على الحروف، فيكمل الآخرون جملة البوح الأجمل وتسير القافلة مكللة بأزهار الحقل اليانع ورائحة الزهر لا تفوح إلا عندما تكون المياه صافية والتربة خصبة والأيادي مترعة بالإيمان. راشد عبدالله .. جدير بالأقلام أن ترسم الصورة أوضح من الشمس، وأفصح من نجمة سهيل، لأن ما في جعبة الوطن لهو الأكثر جزالة والأعظم سراً .. ولأنك سيدي في الرواية قامة الفضيلة ولأنك في السياسة منطقة ما بين الحاجب والحاجب، ولأنك سيدي في الوطن هرم وعلم ولأنك سيدي في الوجدان رمش يمشط المعاني ويسترسل طرفاً وألفه .. لأنك سيدي في الصفحة البيضاء كلمة تغدق على الشفاه بلسماً ومبسماً وميسماً وحسماً في تحديد زوايا البيت متوحداً متهجداً مجتهداً متوهجاً بلواعج الحب وسلالة الانتماء إلى أرض هي الغرض.. هي السقف والكلف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©