الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مالي... هل أصبحت ملاذاً للإرهابيين؟

10 يونيو 2012
في الوقت الراهن، يتشكل ملاذ لأتباع "القاعدة" في أفريقيا، وتحديداً في المناطق الصحراوية الواقعة في شمال مالي، حيث تحالف الانفصاليين الطوارق مع المقاتلين المسلمين المتشددين، وقاموا بزعزعة حكم الدولة وسيطرتها على تلك المناطق، وأعلنوا عن قيام دولة إسلامية مستقلة. وهذا الملاذ الذي يتشكل في غرب أفريقيا على امتداد مساحة تتجاوز 250 ألف ميل مربع تشمل مدينة تمبكتو الأسطورية- يهدد بالتحول لأرض نائية خارجة عن نطاق السيطرة، تشبه لحد كبير المناطق النائية في أفغانستان، وباكستان، والصومال، واليمن، حيث يسعى الإرهابيون التابعين لـ"القاعدة" للحصول على الملاذ الذي يحميهم من هجمات قوات الولايات المتحدة وغيرها من القوات التي تسعى لاصطيادهم، كما يقول دبلوماسيون أوروبيون، وخبراء أكاديميون، وتقارير خارجة من المنطقة. والدولة الإسلامية المعلنة في شمال مالي، توفر قاعدة إقليمية لـ"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي"، وهو فرع من "القاعدة" الأم التي أسسها بن لادن حسب دبلوماسي أوروبي كبير أبدى استعداداً لمناقشة الأوضاع في مالي بشرط عدم الكشف عن شخصيته. يقول هذا الدبلوماسي:"كل أسبوع يمر يعتبر في غاية الحرج، لأنه يمنح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فرصة لترسيخ تواجده". في نفس الوقت تشكل الدولة المزمعة موطناً لوحدات حرب العصابات التابعة لمقاتلي الطوارق، والمتحالفة مع "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي، والتي تمتلك عدداً غير محدود من القواذف الصاروخية أرض- جو التي تطلق من الكتف وغيرها من الأسلحة التي نجحت في الحصول عليها من ليبيا أثناء القتال، الذي دار هناك وأدى في نهاية المطاف لسقوط نظام القذافي. وقدرة مقاتلي "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي على الحصول على الأسلحة الروسية الصنع، فاقم من مخاوف شن هجمات إرهابية على طائرات تابعة للخطوط الجوية الفرنسية وغيرها من خطوط الطيران التابعة لدول أخرى، التي تتخذ مساراً جوياً منتظماً لها فوق تلك الصحارى الشاسعة، التي تقع في جنوب الجزائر مباشرة، وتتاخم موريتانيا في الغرب، والنيجر من الشرق. وقد ادعى المتمردون الشهر الماضي أنهم قد أسقطوا طائرة من دون طيار باستخدام قاذف صاروخي من النوعية المشار إليها داخل الأراضي المالية، وفي منطقة تقع بالقرب من الحدود الجنوبية للجزائر مع هذه الدولة. ومن المعروف أن قبائل الطوارق التي تعيش في شمال مالي، والمختلفة عرقياً عن الأفريقيين السود قد سعت طويلاً من أجل نيل استقلالها، أو على الأقل الحكم الذاتي، من الحكومة التي يسيطر عليها أفارقة سود في "باماكو" عاصمة البلاد، والتي تبعد كثيراً نحو الجنوب عن مناطق الطوارق. وقد لوحظ أن الدعم الشعبي لمطلب الانفصال، قد تعاظم خلال الأعوام القليلة الماضية، وذلك قبل أن يحصل على دفعة قوية عززت من وضعه بعد سقوط القذافي، خصوصاً بعد عودة العقيد"محمد آغ ناجم"، إلى مالي بعد أن ظل لسنوات طويله قائداً للواء الطوارق، الذي كان يعمل كجناح من أجنحة الجيش الليبي. وقد حصلت حركة الاستقلال على فسحة من الوقت، وذلك بعد حالة الفوضى التي انتهى إليها الجيش المالي بعد انقلاب مرتبك في "باماكو" بقيادة الكابتن (نقيب) "أمادو هايا سانوجو"ترك البلاد من دون قائد. ونظراً لعدم وجود معارضة حقيقية، فإن قوات"ناجم" الانفصالية والمدعومة من قبل "حركة تحرير أزواد"، احتلت شمال مالي بالتعاون مع عدد من وحدات حرب العصابات. في السادس من أبريل أعلن الاثنان استقلال"دولة أزواد الإسلامية"، مستخدمين الاسم الطوارقي للمنطقة. ولم يتم الاعتراف بهذا الإعلان من قبل باماكو، ولا الجزائر، والتجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا، كما لم يتم الاعتراف به من قبل أي دولة غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية. في نفس الوقت لم تفعل أي دولة أي شيء لمساعدة "باماكو" على استرداد السلطة الحكومية، ومازال الجيش المالي مقسماً بسبب المناورات السياسية للوحدات المختلفة المرتبطة بالانقلاب. في الجزء الشمالي المنفصل كان الحليف الطوارقي الرئيسي لناجم وهو" إياد آغ غالي" وتنظيم "أنصار الدين السلفي"، وهو عبارة عن وحدة حرب عصابات مدعومة بالمال والسلاح من قبل حركة تحرير أزواد الوطنية. ونتيجة لذلك فإنه عندما انقشع غبار القتال في الشمال، انقسمت السلطة بين "ناجم" العلماني الداعي للاستقلال، وبين غالي وهو إسلامي متشدد قريب من "حركة تحرير أزواد"، وفروع أزواد الثلاثة التي ظلت تجوب مناطق الحدود الشمالية القصية بالقرب من الجزائر. يقول"ماثيو جويدر" المتخصص في موضوع الحركات الإسلامية وشؤون الإرهاب في جامعة تولوز الفرنسية:"ليس بينهم الكثير من الأشياء المشتركة ولكن لهم عدو واحد هو الجيش المالي". وأضاف جويدر: "في الوقت الراهن يمكن القول إن منطقة شمال مالي التي يفوق حجمها حجم فرنسا، قد باتت خارج سيطرة الحكومة المركزية". وفيما رؤى أنه محاولة لقمع القلاقل الشعبية أعلن"ناجم" و"غالي: الأسبوع الماضي أنهما قد قاما بدمج مجموعتيهما معاً، فيما يعرف بـ"المجلس الانتقالي لدولة أزواد الإسلامية". وفي ذلك الإعلان أوضح الاثنان بجلاء أن الدولة الجديدة ستكون مستقلة عن باماكو، وسيكون الإسلام هو مصدر التشريع فيها، ولكنهما لم يوضحا ما إذا ما كانت الشريعة سيتم فرضها في كل مكان أم لا. إدوارد كودي باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©