الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعليم الفلسطينيين

5 سبتمبر 2010 23:04
سنثيا شنايدر أستاذة الدبلوماسية بجامعة جورج تاون، وزميلة رئيسية بمعهد بروكنجز بدأت الانفجارات في مدينة نابلس بفلسطين يوم 21 يوليو واستمرت طوال اليوم التالي، فهل كانت تلك بداية الانتفاضة الثالثة؟ بالتأكيد لا. كانت ألعاباً نارية للاحتفال بنتائج امتحانات التوجيهي. اجتمعت الأسر حول أجهزة الراديو تصغي لأسماء ومعدلات أبنائها وبناتها. انكبّ الناس في كافة أنحاء المدينة على قوائم نشرتها الصحف، بحثاً عن أسماء تهمهم. خططت "ختام سلامة"، مساعدة مديرة مدرسة تابعة لـ"الأونروا" في مخيم عسكر الجديد، لاستضافة أفراد أسرتها الكبيرة للإصغاء للمعدلات، ثم الاحتفال بنتائج ابنتها. وُوجِهَ تساؤلي حول ما سيحصل لو كانت المعدلات مخيبة للآمال، باستنكار شديد سرعان ما تحول إلى ثقة واضحة: "ابنتي تعمل بجد واجتهاد، وسوف تحصل على معدل مرتفع". في نهاية المطاف، الأم دائماً على معرفة جيدة؛ فقد حصلت ابنة ختام، واسمها "سخاء خالد"، على معدل مرتفع جداً، وغطّت الابتسامات وجه الأم وهي تناقش علامات ابنتها البارزة. لكن عندما سألت: إلى أية جامعة سوف تذهب سخاء، اعتلى العبوس وجه ختام. الخبر الجيد أن سخاء قُبلت في كلية الطب بجامعة النجاح. الخبر السيئ هو أن الرسوم المدرسية تبلغ 12,000 دولار سنوياً، وهي أعلى بكثير من ميزانية الأسرة. ورغم أنها قدَّمت طلباً للحصول على بعثة لابنتها، فإنها لا ترى أملاً كبيراً في الحصول عليها باعتبار أن التمويل الذي توفره الحكومة للتعليم العالي محدود. بدأت ختام سلامة البحث عن عمل إضافي كمترجمة لدعم دخل الأسرة، وقد أعربت عن الأمل المتفائل بأن نعود بعد ست سنوات لنرى عيادة ابنتها الطبيبة والتمتع بوجبة شهية أخرى في منزلها. وفي الطرف الآخر من المدينة، وفي مخيم عسكر الجديد، تحدّث أحد قادة المجتمع ببلاغة عن قيمة التعليم وأهميته، مشيراً إلى المدارس والجامعات على أنها "أماكن مقدسة" ومفتاح "الحرية والحياة الجيدة". وقد أصر على أن يذهب أبناؤه إلى المدرسة الثانوية، وهو أمر غير اعتيادي في مخيم عسكر الجديد حيث تقف مدارس "الأونروا" عند الصف الثامن. كان أولاده من نجوم الطلاب في صفوف اللغة الإنجليزية التي يدرّسها متطوعون من منظمة "إلهام الأحلام الفلسطينية" غير الحكومية التي بدأها مؤخراً ثلاثة خريجين من جامعة جورجتاون، والتي تنظّم دروساً لتعليم اللغة الإنجليزية ومعسكرات صيفية على الطريقة الأميركية في مخيمات اللاجئين في نابلس وبيت لحم ورام الله. يعمل الطلبة المتفوقون في هذه الصفوف بجّد لإعداد مقالات باللغة الإنجليزية لطلب منحة، بينما يضحك الطلبة الأصغر عمراً وترتفع أصواتهم سعادة وهم يخترعون الكلمات للفوز بلعبة كلمات. وفي المخيمات، يلعب الأطفال كرة القدم ويتعلمون التصوير وأغاني الراب وتركيب المصابيح الكهربائية. لم أتمالك عن التساؤل، وأنا أزور ابني سام، وهو متطوع في منظمة "إلهام الأحلام": من يصغي إلى أحلام هؤلاء الصغار الذين يريدون التعلم؟ في غياب دعم الصغار الذين يتطلعون لأن يصبحوا أطباء أو مهندسين، كيف يتسنى لفلسطين أن توفر الفرص لسكانها للتمتع بحياة منتجة؟ تمول منظمة المعونة الإسلامية الأميركية مدرسة جديدة في مخيم عسكر الجديد، لكن نظراً لنقص الأموال تم إيقاف عملها مؤقتاً. وسوف تقوم في نهاية المطاف بفتح أماكن جديدة للأطفال، لكن لسوء الحظ، سوف تقف مدرسة الأولاد الجديدة عند الصف السادس بسبب محدودية المساحة، الأمر الذي لا يترك "للخريجين" البالغين من العمر 13 سنة سوى خيار قليل من الأعمال الشحيحة في المخيم. أخشى أن تقع الألعاب النارية فوق نابلس، احتفالاً بنتائج التوجيهي، على آذان صمّاء. وفي الوقت الذي تحدّث فيه فياض عن الحاجة لتحسين التعليم الفلسطيني، ليس فقط من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإنما كذلك لتوفير أسس دولة فلسطينية قادرة على البقاء للفلسطينيين. ويتوجب على حكومة السلطة الفلسطينية بالذات أن توفر بعثات شفافة لأفضل المستحقين، وأن تعمل على تخفيض الرسوم الجامعية لسكان نابلس وغيرها من المدن، مثل جنين وأريحا والخليل... التي لم تشارك رام الله فورتها الاقتصادية. الوضع الراهن للتعليم في مخيمات اللاجئين، حيث لا تستوعب المدارس سوى جزء من الأطفال، وضع غير مقبول. لن يستفيد أحد من جيل فلسطيني آخر يفتقر إلى التعليم، لا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون ولا الأميركيون ولا المجتمع أيضاً. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©