الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إني حفيظ عليم...

5 سبتمبر 2010 23:12
قال الله تعالى إخباراً عن يوسف عليه السلام: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) يوسف 55. جاءت هذه الآية الكريمة في سياق حضارة تحتضر وأزمة ألقت بثقلها على شــعب كان له منجزات وعطـــاءات كبيرة. وها هي اليوم أمامه أصبحت مهددة بالزوال وهو ينظر إليها دون أن يستطيع عمل شيء بكارثة الجفاف وشح الماء، وهنا بدأ الحاكم يستشير عقلاء قومه ويســـتثير ما عندهم من رؤى وأفكــار ليمــنع الانهيار المحقق وقد بدأت بوادر المشــكلة تزحف فقال لهم: (يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون) وفي هذا أســلوب لمعالجة المشكلات ولب هذا الأسلوب ان الأمور تعالج بالعلم والدقة وقد يكون العلم حيث لا نظن أو يعتقد الخاصة والعامة. فيوسف كان في غياهب السجن متهما بجريمة وهو منها بريء أي انه مظلوم، فلما عرضت عليه المشكلة فكر بتسامٍ على نفسه وظلمه. فكر بمستقبل مجتمع كامل فلم ينتقم ولم يثأر وأخذ الأمر بعدالة وتوازن لان بناءه الأخلاقي متين وقوي وهذه القيم الأخلاقية إذا كانت أساسا للعلم والمعرفة فانه سيبقى مفيدا ونافعا. وكل ما طمح إليه أن تظهر براءته فلا يتهامس الناس عليه ولا يطعنون في أخلاقه التي قد تنسحب على كفاءته وكان له ما أراد فظهرت طهارته وعلت عفته (قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين) الآية 51. إن إظهار الكفاءات والمهارات في حل المعضلات والمشكلات أمر مطلوب مرغوب، ولم يقصد بقوله (إني حفيظ عليم) المدح لنفسه والإطراء والثناء بل ليبين مقدرته ومواهبه التي تستطيع ان تواجه الأحداث المتلاحقة فهو حفيظ: أي أمين على ما بين يديه من مقدرات الناس وأرزاقهم - وأمين على ما أوكل إليه الحاكم من صلاحيات ومهمات فلا يخونها ولا يغدر بها وكذلك هو عليم بالحلول ومعالجة الأزمات لينقذ الناس. فإظهار الكفاءات في مثل هذه الحالات واجب على كل من يلمس من نفسه ذلك. وقد قالوا: يجوز للرجل ذلك إذا جهل محله ولم يعلم من العلم مكانه وقالوا: (لا ينبغي لمن كان عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه) وكذلك إفساح المجال أمام المواهب أمر مطلوب فاذا ما سدت الأبواب أمام الكفاءات يئست وانكفأت على نفسها وستضمر مع الأيام وستضمحل وفي هذا خسارة. والتوجيه القرآني يقوم على ضابطين اثنين (الأمانة والمعرفة) أي التخصــص فإذا اجتمعت الأخلاق التي تنظر للبشرية نظرة الرحمة والعلم الدقيق الذي يبصر المــستقبل وتعـــاونت المواهب التي اجتمع فيها هذان العنصران فإن النابهين الأكفاء يستحقون من البشــرية التكــريم والتقدير، وهذا بعض أجــرهم الذي قـرره القرآن الكريم: (إن خير من استأجرت القوي الأمين) القصص 26. د. محمد مطر الكعبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©