السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصطخري رائد علوم الأرض والجغرافيا

5 سبتمبر 2010 23:13
كان الرحالة أبو إسحاق الإصطخري من أشهر العلماء البارزين في علوم الأرض والجغرافيا في القرن الرابع الهجري، فكان أول جغرافي عربي صنف في علم البلدان، وساهمت جهوده في تقدم علم الخرائط واكتشاف المناطق الجديدة. ويقول الدكتور أحمد فؤاد باشا - عميد كلية العلوم الأسبق- ولد أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، والملقب بـ «الكرخي» في مدينة إصطخر، وهي مدينة قديمة تقع في جنوب غربي إيران، وإليها تعود نسبته، ولم تذكر كتب التراجم تاريخ مولده. ونشأ محبا للعلم ومجداً في طلبه، وشغف بأخبار البلاد فارتحل يطوف المناطق، مبتدئاً من بلاد العرب، وزار أكثر أقطار آسيا حتى بلغ سواحل المحيط الهندي، ودخل الهند والكثير من أقطار العالم الإسلامي، وعكف على تدوين الملاحظات وتسجيل الأفكار عن مشاهداته والاختلافات بين الأقاليم ودرسها دراسة واعية. واشتهر بالصدق والأمانة العلمية والتقوى والورع والإنصاف، وظهر تفرده في اعتماده على المنهج العلمي القائم على القياس والاستقراء، والمستند إلى المشاهدة والتجربة والتمثيل في دراسة شكل الأرض وجغرافيتها، وإحاطته بالجوانب المختلفة للأقاليم من حيث الجوانب الاقتصادية والطبيعية والجغرافيا السكانية، بطريقة تقترب كثيراً لتلك التي ينتهجها العلماء المعاصرون في هذا النوع من الدراسات. وكان له السبق في إبراز المدلول الجغرافي والسياسي والإداري والثقافي والسلالي عند دراسة البلدان المختلفة، وتجنبه النظريات التقليدية التي كانت سائدة وتستند على تقسيم الأرض إلى سبعة أقاليم، وأخذ كل إقليم بذاته كوحدة جغرافية مستقلة. كما ركز على طريقة المقارنة بين المدن. ويعود إليه الفضل في تقدم علم الخرائط وصنعها، كما مثلت بحوثه ومصنفاته إضافة جديدة مهمة لجهود الجغرافيين العرب ساهمت في إدخال ثلاث مناطق لم تكن معرفتها مؤكدة في ذلك الوقت، وهي منطقة نهر الفولجا، وبعض أجزاء من شمال أوروبا، وإفريقيا التي لم يكن معروفا منها سوى ساحلها الشمالي، علاوة على اكتشاف جزيرة مدغشقر، ومنطقة وسط آسيا وجنوبها، حتى أراضي الصين. علم الأنواء وبذل الإصطخري عناية فائقة بدراسة المد والجزر، وقدم نظريات مهمة في علم الأنواء، وركز جهوده على تصحيح الأخطاء الجغرافية التي وقع فيها علماء الجغرافيا السابقون له، واتخذ من الخرائط التي زخرت بها مؤلفاته وسيلة لشرح وإبراز الأفكار الجغرافية التصحيحية ومن أبرزها خريطة بحر قزوين التي شهد المستشرقون بدقتها. وخلف الإصطخري مصنفات فريدة، لم يصلنا منها سوى كتابين هما «صور الأقاليم» و»المسالك والممالك» الذي تأثر فيه بعالم الجغرافيا السابق عليه «ابن خرداذبة» الذي صنف كتاباً بنفس العنوان. كما اعتمد على كتاب البلخي «تقويم البلدان» غير أن كتبه تفردت بالشمول والإحاطة والدقة والتوسع والأخذ بالمنهج المقارن، والاعتماد على المشاهدات التي استقاها من رحلاته العديدة في طلب العلم في شتى الآفاق الإسلامية وغيرها، فجاء وصف تلك البلدان بإطناب، إضافة إلى حرصه على تضمينها الخرائط والأشكال التوضيحية، وعدت مصنفاته الجغرافية من المراجع الأمهات في علم الجغرافيا الإقليمية. وتأكدت مكانته العلمية في منهجه العلمي الذي اتبعه في كتابه «المسالك والممالك»، حيث عني بدراسة الأرض والربع المعمور منها وأبعاده والبحار والجزر ابتداء من أرض العرب والخليج العربي والمحيط الهندي وبلاد السند والهند وأنهار سجستان والمغرب والأندلس وصقلية ومصر وبلاد الشام وبحر الروم وإيران وأرمينيا وأذربيجان وبحر الخزر «قزوين» ومدن برطس الواقعة في تخومه وأعمالها وكورها وجبالها وأنهارها وعمائرها، وختمه بدراسة بلاد ما وراء النهر، وظهرت موسوعيته بتناوله كل قطر منها من حيث الحدود والمدن والمسافات وطرق المواصلات، والمحاصيل والتجارة والصناعة وأجناس السكان ومدنيتهم وإنجازهم المعماري والحضاري. كما درس أقطار العالم الإسلامي وقسمها إلى عشرين إقليما، وكان يتحدث عن الإقليم لا بوصفه نطاقا يضم عددا من درجات خطوط العرض، ولكن بوصفه منطقة جغرافية واسعة، لها خصائصها الطبيعية والسكانية والثقافية والاقتصادية التي تميزها. وظل كتابه «المسالك والممالك» محط اهتمام الشرق والغرب لقرون عديدة، وبقي في معظم مكتبات العالم كمخطوط حتى قام المستشرق «دي خويه» بطباعته سنة 1287 هـ / 1870م، في ليدن بهولندا، وأعيد طبعه بالصور مرات عديدة في كثير من البلدان الإسلامية والغربية. وتوفي - رحمه الله - في الهند عام 340 هـ / 951م.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©