الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتخاذ القرارات والفشل والنجاح

19 يناير 2014 22:48
حياتنا تتعلق بالقرارات، نحن يومياً نتخذ أو نتأثر أو نخضع لقرارات. على مستوى الجماعات، تساعد بعض القرارات في حل المشاكل العامة، لكن بعضها قد يؤدي لتفاقم هذه المشاكل أو نشوء مشاكل كثيرة غيرها. ومن أسوأ المشاكل تعطّل اتخاذ القرارات لأنه يتسبّب بجمود وشلل، وإن استمر طويلاً فقد يؤدي لحالة تخلف وفشل عامة. يحدث هذا كثيراً على مستوى دولنا ومجتمعاتنا وجماعاتنا. من مهارات اتخاذ القرارات السليمة الوقوف مُسبقاً على أكبر قدر من المعلومات الصحيحة. بعض الأنظمة السياسية تشجع الحريات والمنهج التعبيري للوقوف على هذه المعلومات وبعضها يعتمد التلصص والتجسس والقمع. وأياً يكن، كلّما توافرت المعطيات الدقيقة، كانت نسبة الخطأ في نتائج القرار أقلّ وكانت نسبة تحقيق النجاح أكثر. تتحمل طبيعة وآلية القرارات مسؤولية كبرى عن مسار الجماعات والأوطان. لكن أفضل الآليات على الإطلاق ما يضمن حسن التنفيذ بأكبر قدر من الالتزام. بعض المنظرين يطلبون الإجماع في القرارات، لكن تجارب كثيرة أظهرت أن شرط الإجماع يحقّق الوفاق المُقنّع أو الخادع. تاريخ جامعة الدول العربية بنظامها السابق (حتى حرب العراق) نموذج صارخ على فشل شرط الإجماع، (ونظامها الحالي ليس أفضل طبعاً). اشتراط الإجماع (الوفاق) بين المكوّنات الوطنية في عدة دول عربية عطّل دائماً القرارات وقطع الطريق أمام أي مبادرات شُجاعة، كان يمكن أن تُخرج الجميع إلى فضاء وطني رحب بدل الاستمرار في وضع مزمن هش حوّلها أو هدّدها بالتحول إلى دول فاشلة، وجعل مصير كل فئة مرهوناً بإرادة خارجية. كثيرة الأمثلة العربية على ذلك. مقابل فشل الإجماع وما أدى إليه من شلل، يُعتبر نهج المشاركة فرصة نموذجية لاتخاذ قرارات ناجحة. لكن يجب أن ننتبه هنا. ثمة مجال كبير للخدعة. حدث ذلك عندنا كثيراً وما زال يحدث بكثرة. فالبعض يوهم الآخرين بأنه يُشركهم بالقرار وقد يستمع كثيراً لآرائهم بينما يتخذ هو القرار الذي يريد. ومع هبوب رياح وأمواج الديمقراطية والحريات والحقوق على المنطقة، راحت هذه الظاهرة تنتشر أكثر فأكثر، كما يبدو، في الحياة العامة والعلاقات الخاصة على السواء، مشكّلة نوعاً جديداً من أشكال الخداع الجماعي. خداع للآخرين، وخداع لهذا الكنز الكبير من القيم والأخلاق الذي تحفل به معتقداتنا وثقافتنا. لكن الخداع، مهما بلغ من ذكاء ودهاء، سرعان ما انكشف وينكشف عن فشل جديد، وتخلف جديد، ليؤكد بالتالي أن تحقيق التقدم والتنمية والانطلاق نحو الازدهار لا يمكن أن يتم إلا بإحساس الناس بأنها شريكة عن حق بالحياة والمصير وباتخاذ القرارات. فكلما كان إحساسها بهذه المشاركة صادقاً، شعرت بأنها أصبحت معنية أكثر بحسن تنفيذ هذه القرارات وبتحقيق نتائج أفضل. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©