الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: تراخيص شركات الأسمنت الجديدة تعيد شبح الاحتكار الأجنبي

مصر: تراخيص شركات الأسمنت الجديدة تعيد شبح الاحتكار الأجنبي
5 سبتمبر 2010 23:39
أعاد قرار وزارة التجارة الخارجية والصناعة المصرية، طرح 12 رخصة جديدة لإنشاء مصانع للأسمنت لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الاستهلاك المحلي، رسم خريطة صناعة الأسمنت المصرية خلال السنوات العشر المقبلة، بسبب الموافقة المشروطة التي أصدرها المجلس الأعلى المصري للطاقة على إنشاء المصانع الجديدة للأسمنت، حيث ربط الموافقة بقيام كل مصنع بتدبير احتياجاته من الطاقة بمعرفته سواء عبر استيراد الغاز أو إنشاء محطات خاصة لتوليد الكهرباء في كل مصنع. وهناك شروط تعكف هيئة التنمية الصناعية حالياً على وضعها لمنح هذه التراخيص سواء فيما يتعلق بالرسوم التي يسددها المستثمرون للحصول على الرخصة أو المناطق التي سيتم توزيع المصانع الجديدة عليها، حيث تشير المعلومات إلى اتجاه لإلغاء طرح التراخيص الجديدة بنظام المزايدة الأمر الذي يثير مخاوف المستثمرين المحليين من حصول الشركات الأجنبية على حصة الأسد من التراخيص الجديدة وخروج المستثمرين المحليين من المنافسة مما يعيد للأذهان سيناريو احتكار صناعة الأسمنت على أيدي الشركات الأجنبية. ويعزز من هذه المخاوف معدلات الربحية المتوقعة في صناعة الأسمنت في مصر في السنوات القادمة والتي سوف تتراوح بين 300 و400 بالمئة نظراً لتنامي احتياجات الاستهلاك المحلي، إلى جانب إمكانية نجاح أصحاب المصانع في ممارسة الضغوط على الوزارة لتفتح لهم باب التصدير مرة أخرى، الأمر الذي يعني سوقاً مضمونة لبيع المنتج خارجياً ورفع الأسعار محلياً وتحقيق المزيد من المكاسب. وتأتي خطوة وزارة الصناعة طرح 12 رخصة لإنشاء مصانع جديدة للأسمنت تحت وطأة استمرار ارتفاع أسعار الأسمنت في السوق المحلية، ليتجاوز سعر الطن نحو 600 جنيه رغم وقف التصدير بسبب تنامي الاستهلاك الذي يتجاوز 45 مليون طن سنوياً حالياً نتيجة توسع عمليات البناء في المدن الجديدة، مما يشير إلى أن معدل نمو الاستهلاك من الأسمنت يقترب من 20 بالمئة سنوياً نظراً لوجود العديد من المشاريع الكبيرة تحت التشطيب حالياً، وكذلك طرح وزارة الإسكان الأراضي الجديدة في إطار المشروع القومي لإسكان الشباب مما يرفع الاستهلاك في المرحلة المقبلة إلى 70 مليون طن سنوياً مع حلول عام 2015. ورغم استحواذ الشركات الأجنبية التي يقودها تحالف “إيطالسمنتي” الإيطالية و”لافارج” الفرنسية على حصة تزيد على 65 بالمئة من الإنتاج المصري، فإن المستثمرين المحليين في هذه الصناعة يعبرون عن مخاوفهم من ارتفاع هذه الحصة لتتجاوز 80 بالمئة مع طرح التراخيص الجديدة، لا سيما إذا تم طرحها مقابل رسوم عالية تتجاوز المليار جنيه في الرخصة الواحدة، حيث تمتلك الشركات الأجنبية القدرة المالية العالية التي تمكنها من سداد رسوم الترخيص إلى جانب سرعة إنشاء المصنع في المدة الزمنية المحددة. ويطالب المستثمرون المحليون بضرورة طرح التراخيص الجديدة برسوم مخفضة أو بلا رسوم، لا سيما أن الحصول على الطاقة الرخيصة لهذه المصانع بات أمراً صعباً وأن تدبير احتياجات المصانع الجديدة من الطاقة سواء عبر استيراد الغاز أو إنشاء محطات توليد صغيرة بالمصانع سيكون مكلفاً ويرفع التكلفة الاستثمارية للمشروع. ويرى هؤلاء أنه يمكن التمييز بين الأجانب والمستثمرين المحليين عند طرح تراخيص الأسمنت الجديدة، بحيث يدفع المستثمر المحلي نصف ما يدفعه الأجنبي نظير الحصول على الترخيص لضمان سيطرة محلية على السوق مستقبلاً بدلاً من الوضع الراهن الذي يجعل الأجانب متحكمين في هذه الصناعة. ويشير هؤلاء المستثمرون المحليون إلى أنه مقابل خفض رسوم الترخيص للمستثمر المحلي يمكن إلزامه بطرح حصة من رأسمال المشروع في بورصة الأوراق المالية للاكتتاب العام بهدف توسيع قاعدة الملكية واستفادة شريحة واسعة من المواطنين. ويؤكد هشام جبر، العضو المنتدب لشركة أسيك للأسمنت إحدى شركات مجموعة القلعة الاستثمارية، أن صناعة الأسمنت باتت سوقاً مهمة للمستثمرين في أنحاء العالم كافة، لا سيما في البلدان التي تحقق نمواً متسارعاً وتقوم بتحديث بنيتها الأساسية عبر إنشاء المزيد من الطرق والموانئ والجسور وغيرها من المشاريع التي تستلزم كميات هائلة من الأسمنت. وأوضح أن التراخيص التي تعتزم وزارة الصناعة المصرية طرحها لإنشاء 12 مصنع أسمنت جديداً سوف تحظى بإقبال كبير، ومن الطبيعي أن تتقدم شركات أجنبية للحصول على جانب من هذه التراخيص سواء كانت هذه الشركات من بين شركات الأسمنت الأجنبية العاملة بالسوق أو من شركات أخرى راغبة في دخول السوق المصرية، لا سيما وأن هذه المصانع في حاجه لأكثر من 50 مليار جنيه استثمارات حتى يمكن أن تدخل حيز الإنتاج الفعلي خلال السنوات الأربع القادمة، مشيراً إلى أن بناء المصنع الواحد لإنتاج 1,5 مليون طن سنوياً يحتاج لفترة زمنية لا تقل عن 24 شهراً من العمل المتواصل. ويشير جبر إلى أن الدراسات كافة تؤكد أن سوق الأسمنت في مصر سوف تحقق معدلات نمو غير مسبوقة في السنوات الأربع القادمة، ومن الممكن أن يتجاوز حجم الطلب 70 مليون طن مما يعني أن كل إنتاج المصانع الجديدة بالإضافة إلى إنتاج المصانع القديمة لن يلبي احتياجات السوق ويمكن استيراد الفرق وأن الأسعار سوف تتحرك لأعلى نظراً لارتفاع تكلفة الإنتاج الجديد بسبب عدم حصول المصانع على الطاقة من الحكومة بأسعار معقولة. وحول قضية أسعار الطاقة وعلاقتها بالمصانع الجديدة للأسمنت، قال عمر مهنا، رئيس شركة السويس للأسمنت، إن الغاز المحلي المورد للمصانع الكثيفة الطاقة يباع بالسعر العالمي نفسه ولا توجد فروق سعرية كبيرة بين المحلي والمستورد غير أن تكلفة النقل والشحن هي العقبة الوحيدة التي ستواجه المصانع الجديدة عند استيراد الغاز لتشغيل المصانع مما يساهم في ارتفاع التكلفة نسبياً. وقال إنه يجب على وزارة الصناعة تحديد الآليات التي يمكن من خلالها تنفيذ قرار تدبير المصانع لاحتياجاتها من الغاز لتوليد الكهرباء وهل يعني ذلك السماح لهذه الشركات بالاستيراد المباشر من الخارج أم أن ذلك سوف يتم من خلال وزارة البترول؟ فإذا كان ذلك سيتم من خلال وزارة البترول فإنه من المحتمل أن ترتفع التكلفة وفي حالة السماح بالاستيراد المباشر يجب تعديل التشريعات الحاكمة لهذا النشاط، بحيث يتم السماح للقطاع الخاص بدخول مجال تجارة واستيراد الطاقة وهو ما يتطلب موافقة البرلمان وتعديل بعض القوانين القائمة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©