إعداد: محمد عبدالرحيم:
بنفس حجم الثقة الهائلة التي كانت سائدة في الأيام الأولى لإنشاء وادي السيليكون، انهمكت الشركات التجارية في سان دييجو في تطوير تكنولوجيا الهواتف الخليوية في جميع أنحاء العالم ، وأوردت صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون 'أصبحت صناعة الاتصالات في كل مكان تواجهه تحديات كبيرة لمواجهة الطلب المتنامي من مئات الملايين من الأشخاص وبخاصة في آسيا على الهواتف التي تتضمن خدمة الصوت والبيانات والوسائط الإعلامية المتعددة بحيث تتيح لمستخدمي الهواتف مشاهدة فترات طويلة من الفيديو والأفلام وممارسة الألعاب التفاعلية بالإضافة الى الاتصال بجميع أنحاء العالم'·
وكما يقول ديفيد شيبرد مدير شركة سيكوبا للاتصالات المتخصصة في صناعة أشباه المواصلات في سان دييجو 'إن حلم وجود اتصالات شاملة بحوزتك طوال الوقت أصبح في تطور لكي يصبح حقيقة على أرض الواقع'· وهو تطور أصبحت تنفذه وتمضي به قدماً شركات صغيرة الحجم نسبياً ولكن بتمويل من شركات الإلكترونيات العملاقة وكذلك من قبل صناديق الاستثمارات الرأسمالية·
فالشركات الكبرى مثل نوكيا وموتورلا وسامسونج التي تهيمن على سوق الهواتف الخليوية أصبحت مبيعاتها الآن تتجاوز مستوى مليار جهاز تباع في جميع أنحاء العالم سنويا إلا أن سان دييجو باتت تعتبر الآن أحد أهم مناطق الإبداع والاقتراع التكنولوجي حيث ظلت الشركات الأصغر حجماً بدعم من مشاريع الشراكة تحاول تطوير وترقية قدرات تكنولوجيا ذبذبات الراديو والدوائر الالكترونية بالإضافة الى برامج معلومات الكمبويتر ، وأحد هذه الشركات شركة كونتينيوس كومبيوتنج المطورة لنظام اعلامي متعدد الأغراض في الانترنت يسمح للهواتف بارسال واستقبال خدمات الصوت والبيانات والصور، ويفسر بى· جى· جو رئيس ومؤسس الشركة هذا الأمر قائلاً: 'إنه نظام متعدد القدرات يمكن مقارنته بمقدرات الكمبيوتر الشخصي في توفير العديد من الوظائف الداخلية التي تصلح لعدد كبير من التطبيقات'·
ويرى جو، الذي أتى من الفلبين للدراسة في جامعة اوكسيدنيتال في لوس انجلوس قبل أن ينال شهادته في الهندسة الكهربائية، أن هناك امكانيات هائلة وواعدة كامنة في القارة الآسيوية·
وإلى ذلك فقد استمرت صناديق الاستثمار بمبلغ 52 مليون دولار في شركة كونتينيوس بما في ذلك صندوق شركة أمثل للاستثمارات التابع لمجموعة انتل التي درجت على دعم وإسناد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيات الجديدة، ووفرت أقل الدعم أيضا لشركة بيرجرين لأشباه الموصلات التي أعلنت مؤخراً عن نجاحها في رفع تكنولوجيا ذبذبات الراديو في رقاقة مفردة تتسم بالمزيد من القوة سوف تحدث تقدماً هائلاً في مقدرات الهواتف الخليوية، وهذا المنتج التجاري الجديد تم استنساخه من تكنولوجيا كان قد تم تطويرها خصيصاً للأقمار الاصطناعية العسكرية وشارك فيها جيمس كيبل المدير التنفيذي للشركة قبل أعوام مضت، ولكن كيبل يقول 'إن عملية جلب التكنولوجيا العسكرية إلى منتج تجاري أصغر حجماً ويباع بسعر أقل بكثير أمر بالغ الصعوبة'· ومع استمرار شركة بيرجرين في تزويد الجيش بالاليكترونيات اللازمة واستخدامات الأقمار الاصطناعية الفضائية إلا أن تحقيق هذا الاختراق في الهواتف الخليوية يمكن أن يجعل منها شركة عملاقة، ويقدر كيبل وكبار مستخدميه أن شركة بيرجرين بات من الممكن أن تحقق إيرادات بمستوى مليار دولار سنوياً عما قريب مقارنة بحجم 50 مليون دولار حاليا حيث أن الشركة تلقت استثمارات مقدارها 141 مليون دولار مؤخراً من تسعة صناديق استثمارية·
ويعتبر تمويل التكنولوجيا الأميركية المتقدمة من قبل الصناديق الاستثمارية التي تتطلع لعائدات ضخمة في خلال فترة خمس أو سبع سنوات أمراً جديدا مما كان عليه الحال في نصف القرن الماضي عندما كانت وزارة الدفاع والشركات الكبرى مثل بيل للمختدرات التي أصبحت جزءً من مجموعة ايه تي اند تى هي التي تدفع هذه الفواتير، وأحد أشهر الخبراء في هذا المجال الجديد اندرو فيتري العالم الذي يسكن في سان دييجو الذي اخترع ما أطلق عليه اسم 'نظام فيتربي الحسابي' الذي يمكن البث الرقمي من تجنب العوائق والتداخلات، وهذا الاكتشاف لا يعتبر مساهمة رئيسية في الاتصالات العسكرية فحسب بل مسؤول أيضا بشكل جزئي عن اختراع الهاتف الخليوي، والآن فإن فيتربى الذي تقاعد عن العمل مع شركة كواكلوم أصبح أحد المستثمرين الرأسماليين عبر شركته فيتربى جروب العائلية التي تدعم الشركات الناشئة في سان دييجو ومناطق أخرى·
بيد أن التحول في عملية الدعم والإسناد لم تتغير بعد بشكل كلي حيث يقول جيمس مونتجمري الذي لديه شركة مصرفية للاستثمارات تدعى مونتجمري آند كومباني توفر التمويل للشركات الناشئة في 'مجال التكنولوجيا المتقدمة' ان أعمال البحوث الأساسية مازالت تنفذها الجامعات والمختبرات الحكومية ولكن صناديق الاستثمار تعمل بشكل رئيسي في دعم التطوير الخاص بالمنتجات والتطبيقات، وهي أعمال تجارية تشهد المزيد من النشاط والنجاح حيث إن مؤتمر التكنولوجيا السنوي الذي تنظمه شركة مونتجمري آند كومباني في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا استطاع أن يجتذب 150 شركة صغيرة مؤخراً تقدمت كل منها بإنجاز لمدة نصف ساعة أمام حوالي 500 مدير للموسسات الاستثمارية والصناديق الرأسمالية وكانت شركة سيكوبا للاتصالات أحد هذه الشركات التي تقدمت بإيجاز وهي الشركة التي نجحت في تطوير رقاقة صغيرة يمكنها العمل مع جميع المعايير الخاصة بهواتف الموبايل في جميع أنحاء العالم·
عدد اليوم
