الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتفوقون دراسياً ثروة وطنية تتحمل مسؤوليتها الأسرة والمدرسة والمجتمع

المتفوقون دراسياً ثروة وطنية تتحمل مسؤوليتها الأسرة والمدرسة والمجتمع
16 يناير 2011 21:00
مما لا شك فيه أن الطالب يمثل محور العملية التعليمية وهدفها الأول، والمدرسة هي الهيئة التعليمية المعنية بتنفيذ العملية التعليمية المتكاملة من خلال المناهج الدراسية والخطط والبرامج التربوية التي تصب في صالح مخرجات العملية التعليمية “الطالب” في النهاية. .. التميز والتفوق الدراسي هدف جوهري يتجاوز مجرد النجاح أو الانتقال من صف أو مرحلة دراسية لأخرى. إنه حصاد رحلة طويلة من الجهد والتعب والسهر والتفاني والتحصيل الدراسي غير التقليدي. فالطالب المتفوق نموذج جدير بالرعاية والدعم، كما هو جدير بالاعتزاز والافتخار، وهو يحاول دائماً أن يمسك بمفاتيح النجاح والتميز للوصول إلى الآمال والطموحات المشرقة لمستقبل وغدٍ أفضل، وهم دائماً الثروة الحقيقية في كل زمان ومكان. هذا التفوق الذي يقصده ويستهدفه المتميزون من الطلاب، يحتاج أدوات ووسائل وطرقاً وأساليب وجهداً منظماً وبرامج تعليمية مدرسية وأسرية في الوقت نفسه، لا تقتصر على شهر بعينه، أو فصل دراسي محددٍ، وإنما هي عملية تربوية وتعليمية متكاملة وشاملة تتضافر فيها جميع أطراف العملية التعليمية دون استثناء “الأسرة والمدرسة والطالب”، وإن كنا نقدم الأسرة والمدرسة على المعني بالأمر “الطالب”، إنما هي قناعة بأهمية “الأوعية” التي تحتضن الطالب من جميع النواحي، وتصهر في بوتقتها كل مقومات التميز والإبداع والتفوق، في مناخ صحي وتربوي يتيح للأبناء تحقيق أهدافهم المنشودة. عملة نادرة .. يقول عدنان عباس مدير مدارس النهضة الوطنية في أبوظبي: “إن الطلاب المتميزين والمتفوقين يمثلون شريحة عريضة يمكن تمييزها، وإن احتياجات هذه الفئة تختلف بشكل واضح عن احتياجات غيرهم من الطلاب، ويحتاجون استراتيجية وطنية خاصة تتبنى مواهبهم وقدراتهم ونبوغهم بما تتفق وحاجاتهم التي تختلف عن حاجات الطلاب العاديين بكل تأكيد، فهم يحتاجون إلى تجارب تعليمية وخبرات علمية تتسم بالتحدي لتكون مرضية ومشبعة ومناسبة لحاجاتهم، وهم أيضاًً في حاجة إلى التعلم والتحفيز والتشجيع حتى لا ينزلق أحدهم إلى السلبية أو اللامبالاة وعدم الإنجاز أو يجنح إلى نماذج ضارة كرد فعل طبيعي للضجر والافتقار إلى الحافز. فعدم تفهم طبيعة وسيكولوجية الطالب المتميز، وعدم إعطائه الفرص الكافية للتفوق، يحمل المجتمع والمعنيين به مسؤولية إهمال احتياجاته النفسية والانفعالية من خلال نظام وبرامج كافية. إن التجارب المدرسية العملية تقول إن أداء الطلاب المتفوقين يصبح أقل من المستوى المتوقع في البرامج التي لا يراعي فيها الفروق الفردية، ما قد يهدر طاقاتهم وإمكاناتهم، ويجعلهم يواجهون أنواعاً أخرى من المتاعب والمشكلات الخاصة بهم التي لا يواجهها الطلاب العاديون، ولا ترجع معظم هذه المشكلات إلى تميز عقلية وكفاءة الطالب بقدر ما ترجع إلى موقف الآخرين منه - في البيت والمدرسة ـ واستجابتهم لتفوقه”. .. ويكمل عباس: “اختلفت وجهات النظر حول خصائص وسمات هؤلاء الطلاب، فالبعض يرى أنهم حذرون ويقظون بشكل مفرط ويستجيبون بحساسية مفرطة للمواقف، ويرى آخرون أن النمو الأخلاقي لديهم متقدم وهم سريعو التأثر بالكثير من المشكلات الاجتماعية، وقرر آخرون أنهم غريبو الأطوار ويشكلون تحدياً لعالم الكبار، وأن التعامل معهم شاق جداً، وأنهم أصحاب مشكلات وحاجات خاصة، وأنهم يجدون صعوبة في التكيف الاجتماعي. في حين يرى بعض أن تفوقهم العقلي يمكنهم من التغلب على الإجهاد والتوتر ومواجهة المشكلات بذكاء أكثر. كذلك يميل بعض المعلمين إلى كبح وإعاقة الطلاب المتفوقين دراسياً في سبيل تحقيق رعاية عادلة مع زملائهم في غرف الدراسة (حسب منطقهم)، أما الآباء نجدهم قلقون وتثار لديهم اهتمامات ملحة، وكثيراً ما يتساءلون عن خصائصه وطرق توجيه ولدهم أو ابنتهم، ولا يعرفون دورهم ومساهماتهم في سبيل الاحتفاظ بتفوق الابن وتدعيم موهبته، بل ورفع مستوى هذا التفوق. ومن ثم فهم فإن هؤلاء الطلاب هم في حاجة ماسة إلى تعليم توجيهي، أكثر من حاجتهم إلى تعليم قائم على الحفظ الآلي والتذكر، وهذا لا يتأتى إلا بالتعرف إلى مشكلاتهم وحاجاتهم وقدراتهم. كما يشكوا عدد كبير من آباء وأمهات الطلبة المتفوقين بأن حاجات أبنائهم لا يتم إشباعها في المدرسة، ولهذا فهم يحتاجون إلى رعاية ونظام خاص بهم، فالطلاب المتفوقين أنفسهم يمكن أن يكونوا مصادر ممتازة في وصف طبيعة حاجاتهم الاستثنائية والفريدة ومشكلاتهم الشخصية. وقد يشعرون أكثر من غيرهم بضغوط المجتمع التي تطالبهم أن يتخلصوا من خصائص أو صفات هذا التميز أو الاختلاف”. .. ويضيف عباس: “كما هو معروف إذا لم يتم تطوير قدرات الطلاب المتفوقين عبر المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فإن قدراتهم الخاصة التي تفيد بيئتهم يمكن أن تطمس وتضيع هباءً، فالأطفال المتفوقون الذين ينحدرون من أسر فقيرة أومحرومة غالباً لا تتاح أمامهم فرص كافية لإشباع حاجاتهم وقدراتهم الخاصة التي تختلف عن حاجات الطلاب العاديين، فالطالب المتفوق في أشد الحاجة إلى رعاية نفسية خاصة، شأنه في ذلك شأن جميع الطلاب، وتشير سجلات بعض الطلاب النابغين إلى أن الضغوط الواقعة عليهم كانت سبباً في عدم سويتهم، لذلك فإن عدم العناية بحاجاتهم الخاصة يؤدي إلى خسارة فادحة لثروة وطنية مهمة”. توزيع الاهتمامات .. تقول الطالبة رهف العتيبي “الصف الثاني عشر: “التفوق الدراسي بالنسبة لي هدف أسعى إليه، ولا أتخيل نفسي غير ذلك، وهناك كثيرين غيري يستمرون على المنهج نفسه، وأظن أن لا تعارض على الإطلاق بين التفوق الدراسي وممارسة العديد من الهوايات والأنشطة الأخرى مثل ممارسة الرياضة، والقراءة أو السفر أو غير ذلك، إن المسألة تحتاج فقط إلى توزيع الوقت والاهتمامات بشكل جيد، ويخطئ من يقول أو يظن أن الطلاب المتفوقين يعيشون في عزلة عن المجتمع، فهم مثل غيرهم يتمتعون بصلات وعلاقات إيجابية مع غيرهم في المدرسة والمجتمع، وهذا يرجع إلى شخصية الطالب أو الطالبة نفسها”. وتضيف رهف: “بالنسبة لاستيعابي المقرر الدراسي، فإنني أحب أن أراجع بمفردي في مكان هادئ، ولا أعتمد على الدروس الخصوصية، وأبدأ مراجعتي بالمواد السهلة، وأحرص على تنظيم وقتي بشكل جيد وفق جدول محدد أطبقه يومياً، أضع التفوق هدفاً أو وسيلة في الوقت نفسه لتحقيق أمنيتي في الحياة، ولا أدع أي شيء آخر يؤثر على حالتي النفسية ولا المزاجية ولا تشتت انتباهي وتركيزي، وأنصح زملائي بالاهتمام والتركيز منذ بداية العام الدراسي، وهذا لا يعني التخلي عن ممارسة الهوايات وتجديد النشاط، لكن وقت الجد للجد واللعب للعب، وأحرص على عدم إضاعة الوقت، وأن أستغل كل ساعة قبيل الامتحانات، وأحرص على إنهاء المراجعة قبل الامتحانات بوقت كافٍ”. أما خلود رشيد بـ”الصف التاسع”، فتقول: “دأبت على التفوق وأنا بطبيعتي أعشق التحدي، وأحب أتحدى ذاتي للوصول إلى أهدافي المشروعة، والتفوق الدراسي نوع من التحدي للنجاح وإثبات الذات، وطريقي في ذلك العمل وبذل الجهد والمثابرة، وأحرص على ألا يشغلني عن تحقيق أهدافي أي شيء آخر، لذا فأنا أركز جيداً في الصف، وأتابع دروسي أولاً بأول، ولا أنتظر أن ينبهني أحد إلى ذلك، وأعتمد على نفسي تماماً، ولعل نصيحتي إلى زميلاتي وزملائي أن يحددوا أهدافهم، ويترجموا ذلك إلى خطوات عمل تبدأ من الانتباه في الصف، والحرص على الفهم، والمراجعة أولاً بأول، وتنظيم الوقت، والثقة بالنفس، ومن جانبي فإنني أعتمد على الشرح داخل الصف، ولا أعتمد على الدروس الخصوصية، لكنني حريصة جداً على تنحية كل ما يشتت انتباهي وتركيزي عند المراجعة النهائية، وأنا عادة أترك كل شيء خلفي، وأميل إلى الانعزال في غرفة خاصة، ولا يكون هناك سوى أنا والكتاب فقط، ومن الطبيعي أن أهتم بحل التمارين والتدريبات الامتحانية بتنوعها وتعدد مستوياتها حتى أطمئن أنني استوعبت المقرر بشكل جيد، ومن ثم الاستعداد للامتحانات بهدوء وثقة وثبات”. .. باسم سراج بـ”الصف العاشر” متفوق في جميع المراحل السابقة، ويهوى مشاهدة مباريات كرة القدم، ويتمنى أن يصبح مهندساً في علوم الذرة في المستقبل، يقول: “أسعى إلى استيعاب المواد جيداً، والمراجعة أولاً بأول دون تسويف أو تأجيل، وتنظيم الوقت مع الاهتمام بأخذ قسط من الراحة بين ساعات المراجعة وأحرص على تنوع المراجعة حتى لا أصاب بالملل، وأعتمد تماماً على نفسي، وإن كان هناك متابعة جادة ودائمة من الأسرة التي تشجعني وتحفزني نحو التفوق، أما بالنسبة للمقرر الدراسي فأحياناً أشعر بأنه لا يلبي طموحاتي، وأشعر بأنني في حاجة إلى الاستزادة من المعرفة، وأضطر كثيراً إلى الاستعانة بالإنترنت في البحث والاطلاع، أو الاستعانة بقراءة بعض الكتب العلمية”. .. كذلك يضيف سعد الرميثي “الصف الحادي عشر”: “أنا أحرص على التفوق دائماً، وهذه هي طبيعتي، وأتمنى أن أتخصص في دراسة الطب في المستقبل، وأذاكر يومياً من 3-4 ساعات وتزداد إلى 6 ساعات قبيل الامتحانات، وعادة أبدأ مراجعتي اليومية للمواد بالفروع التي أحبها مثل الكيمياء والفيزياء، وأقسم وقتي جيداً، وأعطي لكل مادة حقها، ولا أنتقل من جزء إلى آخر قبل أن أتأكد من هضمه جيداً، وأخصص وقتاً لعزف الموسيقى التي أحبها، ولعب كرة القدم، وأحرص على المشاركة في الأندية العلمية بالمدرسة، وأنا دائماً ما أشارك في الأنشطة المدرسية المتنوعة، فهي لا تشغلني عن دراستي، بل على العكس من ذلك تماماً، فإنها تزيدني قدرة ودافعية على النجاح والتفوق، فالتفوق يحتاج إلى دافعية وحافز، وأنني أحرص أن أراجع بمعدل 3-4 ساعات يومياً منذ اليوم الأول للدراسة، وإن كنت أتفوق في الرياضيات فلا يعني أن أهمل بقية المواد، حيث إنني أذاكرها بالاهتمام والتركيز نفسيهما، لكن المشكلة هي طول المناهج الدراسية وحشوها، لذا فإنني قبيل الامتحانات أضطر إلى زيادة ساعات المراجعة إلى 7-8 ساعات يومياً مع تنظيم الوقت بشكل جيدٍ والتخلي عن الهوايات مؤقتاً إلى ما بعد الامتحانات”. صفوة الطلاب تشير الخبيرة التربوية مديحة عزمي، إلى أهمية رعاية المتفوقين والموهوبين، وتقول: “هناك صفوة اختصها الله بملكة من التفوق والتميز في مجال أو أكثر من مجالات الحياة، وإذا وجدت هذه الصفوة العناية والرعاية يبرز منهم العديد من المبدعين والمبتكرين والعلماء. وتبدأ هذه الملكة أو الموهبة مع بداية الحياة كاستعداد كامل أو إمكانية محتملة تنمو وتنضج مع نمو الفرد في مراحل حياته الأولى، تصل إلى مرحلة تحقق فيها أعلى مراتب الابتكار والإبداع”. وتشير البحوث والدراسات العلمية إلى أن هناك نسبة ما بين 2% - 5% من الناس يمثلون المتفوقين أوالموهوبين، ويعد الطفل الموهوب ثروةً وطنيةً بلا شك، وعاملاً من عوامل نهضة مجتمعه في مجالات الحياة العلمية والمهنية والفنية، ومن ثمّ فإنّ استغلال قدراته استغلالاً تربوياً يعد ضرورةً حتميةً، فالموهوبون والمتميزون في أغلب المجتمعات هم عقولها المدبرة، وقلوبها الواعية، وتتسابق المجتمعات نحو الكشف عن هؤلاء المتفوقين والموهوبين والمبدعين ورعايتهم، فالثروة البشرية أفضل نفعاً وأعم فائدة، وأكثر عائداً من جميع الثروات المادية الأخرى إذا ما ارتقى إعدادها، وأحسن استغلالها. والاهتمام بالمتفوقين والموهوبين لا يقتصر على توفير البرامج التربوية والتعليمية التي تهتم بتنمية قدراتهم العقلية والذهنية، ولا يقتصر في سن القوانين والأنظمة والتشريعات التي تنظم حياتهم وتسهل التعامل معهم، “بل إنه يتعدى ذلك إلى رعايتهم نفسياً وجسمياً واجتماعياً، ووضع البرامج الإرشادية والتوجيهية التي تضمن لهم نمواً نفسياً وجسمياً واجتماعياً متكاملاً يحقق الشخصية السوية المتكاملة في جميع جوانبها”. وتضيف لمياء يزيد، مديرة المدرسة الإسلامية الدولية: “فلا جدال في كون التربية الإسلامية صاحبة السبق في القضايا التربوية كافة وغيرها، والله عز وجل هو الذي خلق النفوس وأودع فيها الطاقات والقدرات والمواهب. وتعتبر فئة الموهوبين والمتفوقين من الفئات المعرضة للخطر إذا لم تجد الرعاية الكافية من المحيطين بهم وتقبلهم وتلبي احتياجاتهم المختلفة، وتطوير طرق تعليمهم ومحاولة إرشادهم وإرشاد المحيطين بهم نفسياً نظرًا للحالة الوجدانية الانتقالية التي تميزهم عن العاديين. وليتم ذلك لا بد من تعريف من هو الموهوب، وأيضاً تحديد طرق الكشف عنه لرعايته، ويدخل ضمن فئة المراهقين الموهوبين ذوي الحاجات الخاصة، إذ إن بينهم العديد من الموهوبين الذين يتميزون بالذكاء، وبفكر ابتكاري وإنتاج ابتكاري، وهو ما يجعلهم ثروة يستحقون لأجلها الرعاية. ومن هنا ظهرت بعض المبررات التي تعتبر موضوع تربية الموهوبين والمتفوقين موضوعاً رئيساً من موضوعات التربية الخاصة. فحاجة الأطفال الموهوبين إلى برامج ومناهج تربوية تختلف في محتواها عن برامج الأطفال العاديين ومناهجهم. وحاجة الطلاب المتفوقين إلى طرائق تدريس تختلف في طبيعتها عن طرائق التدريس المتبعة مع الطلاب العاديين. وعلى أرضية المبررات السابقة، تم إدراج موضوع تربية الموهوبين تحت مظلة التربية الخاصة، إذ تتطلب فئة الأطفال غير العاديين برامج ومناهج تربوية وطرائق تدريس تتميز في طبيعتها عن تلك البرامج والمناهج المتبعة في تدريس الأطفال العاديين. وتضيف يزيد: “الطلاب المتفوقون لديهم بالأكيد حضور إيجابي داخل الفصل الدراسي، ويتمتعون بعلاقات إيجابية مع معلميهم، ولديهم درجة عالية من حسن التأقلم والتركيز ويحرصون على على المشاركة الصفية والمتابعة والاستذكار أولاً بأول، والحرص على الفهم المنطقي والموضوعي واستجماع القوى الفكرية والاسترجاع الذكي للمعلومات يساعد على قوة الاستيعاب واكتساب مهارات تنظيم الوقت وتحديد الأولويات. كما يتمتعون بالثقة بالنفس والنجاح دائماً”. الخدمة الاجتماعية المدرسية ليست نوعاً من الترف تؤكد الأخصائية الاجتماعية موزة المنصوري، أهمية العلاقة التفاعلية بين الطلاب عامة والمتفوقين خاصة، وبرامج الخدمة الاجتماعية في المدارس، وتقول: “من المسلم به أن المدرسة ليست مؤسسة تعليمية فقط، وإنما هي مؤسسة تربوية تعليمية لها وظائفها الاجتماعية المهمة، ومن الضروري أن يتم التفاعل بينها وبين المجتمع المحلي، فهي جزء لا يتجزأ من واقع هذا المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه وتعد أفراده للحياة وللمساهمة الإيجابية في تنميته. فالخدمة الاجتماعية المدرسية لها رسالة تربوية قبل أن تكون مهنة، فهي تقوم على مساعدة الطالب – كحالة فردية وكعضو يعيش في المجتمع – لتحقيق النمو المتوازن المتكامل الشخصية، والاستفادة من الخبرة التعليمية إلى أقصى حدٍ ممكن، وهي بذلك أداة لتنمية الطالب والجماعة والمجتمع. وتساعد جميع الطلاب وتدريبهم على الحياة والتعامل الإنساني الإيجابي، وتسهم في تزويد الطالب بالخبرات والجوانب المعرفية لإعداده لحياة اجتماعية أفضل، كما تعين الطالب المتفوق على التعرف على استعداداته وقدراته وميوله وتنميتها والاستفادة منها لأقصى حد ممكن، والتكامل مع المجتمع من أجل استثمار الطاقات البشرية المتاحة وحفزها على العمل البناء، وربط الطالب بالبيئة المحلية بما يحقق الرفاهية الاجتماعية من خلال اكتساب الطلاب مجموعة من الاتجاهات والمهارات والمعارف، وتنمية روح التعاون مع الآخرين والعمل بروح الفريق، وتنظيم الحياة الاجتماعية للطلاب من خلال جماعات مدرسية وإتاحة الفرص لإشراك أكبر عدد من الطلاب فيها مما يكشف وينمي مواهبهم وميولهم وقدراتهم. وتنمية المواهب والميول والقدرات وتشجيع الطلاب على ممارسة ألوان الهوايات المختلفة داخل المدرسة وخارجها. وأظن أن الطالب المتفوق أكثر قدرة من غيره على ذلك، ولديه من الاستعدادات النفسية ما يعينه على التكيف والتوافق والتميز. أما الزعم بأن الطالب الموهوب أوالمتفوق لا يحتاج مساعدة ويستطيع النجاح بالاعتماد على نفسه فهو زعم خاطئ، وقد أثبتت الدراسات عدم صحته بعد أن تبين وجود نسبة لا بأس بها من الموهوبين والمتفوقين بين المتسربين من المدارس قبل إكمال دراساتهم. وتزداد أهمية التربية الخاصة بالنسبة لأطفال الطبقات المتوسطة والفقيرة ممن لا تتوافر في بيوتهم مكتبات أو أدوات موسيقى أو حواسيب أو غيرها من المثيرات التربوية. ويمثل الأطفال الموهوبون والمتفوقون ثروة وطنية في غاية الأهمية ومن الواجب أن لا يتم تبديدها بالإهمال وانعدام الرعاية. كما أن وقوف المجتمع في وجه التحديات التي تفرضها طبيعة العصر يعتمد بدرجة كبيرة على مدى الرعاية التي تقدم لهذه الفئة وتوفير الفرص التربوية المناسبة التي يمكن أن تساعد كل طفل في الوصول إلى أقصى طاقاته”. وتضيف المنصوري :” تمثل خدمات الإرشاد جزء أساسيا من برنامج رعاية الموهوبين والمتفوقين، ويبقى أي برنامج تربوي يقدم للموهوبين قاصر على تلبية احتياجات الطلاب ما لم يتم تدعيمه بخدمات إرشادية منظمة ومتكاملة، وذلك لأن إهمال هذه الخدمات يؤثر بصورة سلبية على دافعيتهم للتعلم والإنجاز، وطموحاتهم المستقبلية، وتقديرهم لذاتهم ، ونموهم العاطفي، وعلاقتهم الاجتماعية، ونموهم المهني ، كما أن خدمات الإرشاد ضرورية لمساعدة الطلاب الموهوبين على التكيف مع حقائق عالمهم الخارجي التي تكون محبطة في بعض الأحيان، ومع مكونات عالمهم الداخلي بما يحويه من قدرات ودوافع وميول وقيم واتجاهات. إن المرشد يقوم بمساعدة الطلاب الموهوبين على النمو السوي والتكيف الإيجابي في المجالات الانفعالية والمعرفية والمهنية، بالإضافة إلى مساعدة الوالدين والمعلمين على فهم خصائص الطلبة الموهوبين وتطوير أساليب التعامل معهم. ومن ثم هناك ضرورة توعية المعلمين بخصائص الطلاب الموهوبين وأساليب الكشف عنهم، والمساهمة في الكشف المبكر عن الطلاب الموهوبين، والحرص على تطوير مفهوم الذات لدى الطالب المتفوق ليكون أكثر دافعية وإيجابية، وتقبل الذات والاعتراف بعناصر الضعف والقوة الذاتية والعمل على تطويرها مع تطوير مستوى الضبط الذاتي. وتطوير مفهوم العلاقات الإنسانية وتطوير مهارات الاتصال مع الآخرين. وتنمية المهارات القيادية والحس بالمسؤولية الاجتماعية وتقبل الأخطاء كخبرات تعليمية وتحمل المسئولية في السعي نحو التميز وليس الكمال، مع تنمية مستوى النضج الذهني والمساعدة في اتخاذ قرارات دراسية ومهنية سليمة، والعمل على تطوير مستوى التحصيل الدراسي والإنجاز الأكاديمي وغير الأكاديمي، دون إهمال توعية الوالدين بخصائص الطلاب المتفوقين وتلبية احتياجاتهم، وكيفية التعامل مع مشكلاتهم ومساعدتهم على التكيف مع أشقائهم وأصدقائهم، وتوثيق الصلة بين البيت والمدرسة والاستفادة من مجالس الإباء والمعلمين. إن الطلاب الموهوبون والمتفوقون يحتاجون إلى رعاية تربوية وخدمات متمايزة عن البرامج والخدمات التقليدية المتوافرة في المدارس العادية”. 88% من طموحات المتفوقين تتفق وقدراتهم الذاتية كشف بحث استقصائي لـ”الاتحاد” على عينة عشوائية قوامها “مائة” طالب وطالبة من طلاب المدارس المختلفة من المتفوقين دراسياً وممن حققوا درجات أعلى من معدل 95% في آخر ثلاث سنوات دراسية، بهدف التعرف إلى سماتهم الشخصية، والكشف عن قدراتهم في التواصل والتوافق المدرسي والمجتمعي، ومدى نجاحهم على صعيد العلاقات الاجتماعية، والتعرف إلى مواهبهم وميولهم وقدراتهم واهتماماتهم الشخصية والذاتية. وتبين من خلال المقابلات الشخصية مع هؤلاء الطلاب عدد من الحقائق والمؤشرات المهمة نوجزها على النحو التالي: - يتمتع 82% من الطلاب والطالبات بعلاقات اجتماعية جيدة في محيطهم المدرسي والمجتمعي مع عائلاتهم وأصدقائهم وأقاربهم، ويتواصلون معهم بشكل إيجابي جيد، ويقيمون معهم صلات جيدة وتفاعلية، ويشاركون في الأنشطة المدرسية المختلفة بشكل جيد “الأنشطة الثقافية والعلمية والرياضية وغيرها”، بينما أشار 13% منهم إلى أن علاقاتهم بالآخرين “معقولة” إلى حد ما، في الوقت الذي أشار فيه 5% إلى أن علاقتهم بالآخرين على صعيد الأسرة والمدرسة محدودة للغاية، وتتم على نطاق ضيق. - تبين أن هناك 77% من الطلاب والطالبات لديهم اهتمامات علمية جيدة، وأنهم ينخرطون في الأنشطة العلمية بالمدرسة بشكل جيد، وأنهم يحرصون على ذلك إلى حدٍ كبيرٍ، وأن هذا الاهتمام لا يشغلهم عن تفوقهم الدراسي وإنما يعد مكملاً له، وأنهم حريصون على تطوير مهاراتهم العلمية والاطلاع على المستجدات العلمية من خلال المناهج المدرسية والإنترنت والتواصل مع الأنشطة المدرسية بشكل جيد، بينما أكد 12% فقط من الطلاب أن اهتماماتهم أدبية، وأن هذا الاهتمام يتمثل في قراءة القصص والروايات والكتب المختلفة، وغالباً سيكون خيارهم الدراسي الاتجاه إلى الأقسام والتخصصات الأدبية أو دراسة اللغات الحية والترجمة. في الوقت ذاته، تبين أن 68% من الطلاب والطالبات لديهم هوايات وميول رياضية مختلفة، وأنهم يمارسون الأنشطة الرياضية بشكل طبيعي مثل كرة القدم أو كرة السلة أو الكرة الطائرة أو تنس الطاولة والسباحة أو غيرها من الألعاب الفردية أو الجماعية. إلا أنهم أكدوا أن ممارستهم للرياضة تكون في أوقات فراغهم وفي العطلات الرسمية أو نهايات الأسبوع. ولم يشر أي منهم إلى أن ممارسة الرياضة تعطله عن الواجبات المدرسية أو التميز والتفوق الدراسي. ـ أشار 14% من الطلاب والطالبات إلى إقبالهم على الأنشطة الفنية بشكل منتظم مثل ممارسة الرسم والفنون والموسيقى والتمثيل، إلا أنهم يقصرون ممارستهم لهذه الهوايات في أوقات الفراغ، حيث ينظمون أوقاتهم بشكل جيد بالتعاون مع الأسرة. - يشير 87% من الطلاب والطالبات المتفوقين إلى أنهم يتجهون في اختيارات تخصصاتهم الدراسية إلى الأقسام والتخصصات العلمية التي تسمح لهم بدراسة الطب والهندسة والتكنولوجيا والعلوم والصيدلة والطاقة والكمبيوتر وغير ذلك من تخصصات علمية. - أكد 94% من الطلاب والطالبات أنهم راضون تماماً عن أدائهم الدراسي، بينما أشار 6% إلى أنهم يتمنون أن يحققوا نجاحات دراسية أعلى، في الوقت الذي أشار فيه 88% منهم إلى أن طموحاتهم في التفوق والنجاح تتفق وتناسب تماماً إمكاناتهم وقدراتهم الذاتية، بينما أشار 12% منهم إلى أن طموحاتهم الشخصية في التفوق والنجاح تتعدى ذلك، وأنهم سيحرصون على تطوير قدراتهم بشكل مستمر. - أكد 76% من الطلاب والطالبات أن المقررات الدراسية تلبي وتتوافق مع قدراتهم الشخصية في مختلف الفروع الدراسية وليس لديهم أي مشكلة في هذا الجانب، بينما أشار 24% منهم إلى أن المقررات الدراسية لا تلبي ولا تتوافق مع قدراتهم الذاتية، وأنهم يضطرون في كثير من الأحيان إلى زيادة معارفهم وقداتهم وثقافاتهم الذاتية عبر المواقع الإلكترونية والقراءة والاطلاع إذا دعت الحاجة إلى ذلك. تطوير البرامج التدريبية لمعلمي الموهوبين.. ضرورة ملحة يشير حمد المزروعي، مدير مدرسة المستقبل النموذجية في أبوظبي إلى أهمية تطوير البرامج التدريبية لمعلمي الموهوبين والمتفوقين في المراحل الدراسية كافة، ويقول: “يعتبر تدريب معلم الطالب الموهوب من أهم الخطوات ضمن برنامج رعاية الموهوبين والمتفوقين، فالمعلم الذي يتعامل مع الطالب الموهوب يجب أن يلم ببعض الخبرات التربوية اللازمة لهذه العملية، فالقدرة العلمية للمعلم وإلمامه ببعض طرق التدريس والتقويم لا تكفي دون إجادة وحسن توظيف لها بما يساعد الطالب الموهوب على التعلم بما يتناسب مع قدراته العلمية والذهنية. وهناك علاقة وثيقة بين نوع البرنامج التدريبي وأسلوب الرعاية للطالب الموهوب، فالبرنامج التدريبي المصمم للمعلم الذي سوف يرعى الطالب الموهوب باستخدام البرامج الإثرائية في الصف العادي يختلف بشكل أو آخر عن البرنامج الذي يصمم للمعلم الذي يرعى الطالب الموهوب ضمن أسلوب التجميع في أكاديميات مستقلة، لذا يجب استحضار نوع الرعاية وأسلوبها عند تصميم البرنامج التدريبي. والبرنامج التدريبي الذي لا يبنى على تحديد الحاجة التدريبية للمتدرب لا يكون مؤثراً، وقد يكون إهدار للإمكانات البشرية والمادية. لذا فإن تحديد الاحتياجات التدريبية للمتدربين يعتبر عنصرا أساسياً عند التخطيط للبرامج التدريبية. كما أن الواجب أن يراعي مخطط ومصمم البرامج التدريبية المؤهلات البشرية القادرة على قيادة وتنفيذ البرامج التدريبية المتوافرة والتي يمكن أن تتوافر في القطاع المعني بالتدريب أو التي يمكن توفيرها، إلى جانب ذلك مراعاة توافر الإمكانات والتجهيزات المادية لدى جهة التدريب، فبرامج التدريب الخاصة بالمهتمين في الموهبة والتفوق بشكل عام تنقسم إلى نوعين، النوع الأول يهتم بالكشف عن الموهوبين، والنوع الثاني وهو برامج التدريب الخاصة برعاية الموهوبين، فنحن نعلم أن من وسائل الكشف المساندة عن الموهوبين هم أولياء الأمور والمعلمين بشكل عام، وهؤلاء يحتاجون إلى ثقافة عامة في التعرف إلى الطفل الموهوب وسبل رعايته بشكل عام، وقد لا يحتاج الأمر أكثر من التثقيف من خلال النشرات والملصقات والاجتماعات ووسائل الأعلام الأخرى. لذا فإن الأولوية في حالة تبني أسلوب الرعاية للموهوبين من خلال التجميع في فصول أو مراكز أو مدارس خاصة بالموهوبين هي لبرامج تدريب المعلمين الذين يقومون مباشرة في تنفيذ برنامج رعاية الطلاب الموهوبين، أما عند تبني أسلوب رعاية الموهوبين من خلال وجودهم في صفوفهم العادية، فإن الأمر يستلزم تدريب أكبر عدد ممكن من المعلمين في ضوء خطة طويلة الأجل تبعاً لأعداد المعلمين والإمكانات التدريبية التي يمكن توفيرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©