الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

بقي بن مخلد.. محدث الأندلس

28 سبتمبر 2017 21:40
أحمد مراد (القاهرة) من أبرز وأشهر علماء الإسلام في بلاد الأندلس، برع في علوم القرآن والحديث، ووضع تفسيراً مهما للقرآن الكريم، وألف مسندا في علم الحديث، واشتهر به حتى لقب بـ «محدث الأندلس.. هو شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بن يزيد القرطبي الأندلسي، ولد في قرطبة في شهر رمضان سنة 201 هجرية. وفي سنوات شبابه الأولى، قام برحلة طويلة من أجل طلب العلم، حيث رحل عن موطنه مشياً على الأقدام إلى المغرب، ومنها إلى بغداد، متوقفاً في كل مدينة وبلدة ليتعلم من شيوخها، حتى بلغ عدد العلماء الذين تبعهم 284 . ومن بين العلماء الذين أخذ عنهم بقي بن مخلد العلم: يحيى بن يحيى الليثي، ومحمد بن عيسى الأعشى، وسمع في الحجاز من أبي مصعب الزهري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وفي مصر سمع من يحيى بن بكير، وأبي الطاهر بن السرح. بلاد الأندلس وعندما عاد إلى بلاد الأندلس، أدخل بقي بن مخلد إلى الأندلس علماً جماً، حتى صارت بلاد الأندلس دار حديث، وكان الغالب عليها قبل ذلك حفظ رأي مالك وأصحابه، وكان بقي بن مخلد أول من أدخل إلى بلاد الأندلس مصنف أبي بكر بن أبي شيبة بتمامه، وكتاب الأم للإمام الشافعي، وكتابي التاريخ والطبقات لخليفة بن خياط، وكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز للدروقي. وتمتع بقي بن مخلد بالعديد من الصفات الطيبة والخصال الجميلة، فكان لا يركب دابة أبدا، ويتعمد المشي للخير طلباً للأجر على قدر المشقة، وكان إماماً مجتهداً صالحاً، صادقاً مخلصاً، رأساً في العلم والعمل، يفتي بالأثر، ولا يقلد أحداً. وعندما وصل الإمام بقي بن مخلد إلى بغداد أراد الاستماع إلى الإمام أحمد بن حنبل وجمع ما يمكن من الأحاديث منه، ولكن تصادف وصوله مع تصاعد الخلاف بين الإمام أحمد والخليفة الواثق بالله، حتى أنه منع من الدرس والخطبة، ولكن ذلك لم يثن بقي بن مخلد المسافر المتعطش للبحث والدرس، فذهب إلى دار ابن حنبل واتفق معه على الإفلات من مراقبة حرس الخليفة له بأن يأتيه كل يوم متنكراً بزي السائل المستجدي، فيدق الباب ويتظاهر بالسؤال عن عطية، فيفتح ابن حنبل له الباب، ويروي له حديثاً أو حديثين بما يسمح به الوقت، واستمر هذا الحال فترة طويلة. أبواب الفقه ومن أبرز مؤلفات بقي بن مخلد «التفسير» و«المسند»، ووصف الإمام أبو محمد بن حزم تفسيره للقرآن الكريم بالقول:«أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره»، وعن المسند الذي كرسه للحديث الشريف وأسانيده، قال ابن حزم: ومسند بقي روى فيه عن ألف وثلاثمئة صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه، وإتقانه واحتفاله في الحديث. كما ألف بقي بن مخلد كتاب «في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم»، الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، وعلى مصنف عبدالرزاق، ومصنف سعيد بن منصور. ووصف أبو عبدالملك أحمد بن محمد بن عبدالبر القرطبي مؤلفات بقي بن مخلد بقوله: صارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام، لا نظير لها، وكان متخيراً لا يقلد أحداً. كما قال أبوعبدالملك القرطبي: كان فاضلاً تقياً صواماً قواماً متبتلاً، منقطع القرين فِي عصره، منفرداً عن النظير في مصره، قوياً جلداً على المشي، لم ير راكباً دابة قط، وكان ملازماً لحضور الجنائز، متواضعاً، وتوفي بقي بن مخلد في شهر جمادى الآخرة العام 276 هجرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©