الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شركات تكنولوجيا وإعلام تناور القراصنة وتخوض معهم حرب الخصوصية

شركات تكنولوجيا وإعلام تناور القراصنة وتخوض معهم حرب الخصوصية
13 يونيو 2011 19:53
أدى هجوم القراصنة على خدمة بريد جوجل الإلكتروني «جيميل» وشبكة ألعاب سوني الإلكترونية إلى التكهن ببطء «الحدث الأهم القادم في فضاء الكمبيوتر الذي بات يعرف اختصاراً في اللغة الإنجليزية بـ»ذي كلود»، كما أدى إلى مطالبة شركات الكمبيوتر بالتعاون فيما بينها لمواجهة مشاكل أمن المعلومات من أجل تعزيز الثقة في هذا النوع من الخدمات، حيث المعلومات مخزنة وأحدث البرمجيات متوافرة في مخدمات ومتاحة للزبائن وكأنها في أجهزتهم الشخصية. ويمكن الوصول إلى هذه الخدمات عبر شبكة الإنترنت أو شبكات كمبيوتر تصل الخادم بالزبائن. الهجمات النوعية لقراصنة الكمبيوتر، التي ُشنّت مؤخرا على مواقع شركة سوني وخدمة البريد الإلكتروني لموقع جوجل العملاق، تحظى باهتمام عالمي من قبل العاملين والمحللين في هذا المجال، وأسهمت في بروز مخاوف من خطر القرصنة على شركات خدمة التخزين والتوزيع المركزي للبرمجيات أو ما يعرف باسم «كلود كمبيوتينج»، التي توصف بأنها الحدث الأهم المقبل في خدمات وصناعة الكمبيوتر، والذي سيكون له تأثيرات شاملة على وسائل الاتصال والإعلام الحديث. لكن هذه المخاوف واهتزاز صورة «سوني» بعد نجاح الهاكرز باختراق أنظمة أمن مواقعها لم يمنع شركات أخرى من إعلان انخراطها في هذا المجال مثلما فعلت شركة آبل بالكشف عن خدمتها الجديدة «آي كلود». ظلال الشك أخذ الاعتماد على هذا النمط من خدمات كمبيوتر يتزايد في وقت قصير لاسيما من قبل العديد من الشركات في الاقتصادات الناشئة، والتي يكون فيها حجم العمل المرتكز على الكمبيوتر وبرمجياته المتجددة أكبر بكثير، ما تتيحه مساحة التخزين في الأجهزة الفردية أو الشبكات الصغيرة. ولا شك أن انخفاض الكلفة والإتاحة الفورية لاستخدام أي برامج محدثة من جهاز كمبيوتر ذي حد أدنى من نظام التشغيل، بما في ذلك التطبيقات السمعية البصرية وملفات معالجة النصوص، تعتبر من العوامل الأساسية لرواج هذا النوع من الحوسبة «المركزية»، التي تسمى أحياناً شبكات توفير البرمجيات باعتبارها خدمة كبديل عن الشراء الدائم لهذه البرمجيات أو أجهزة الكمبيوتر الأكثر طاقة وسعة. ويشبّه البعض طريقة عمل هذه الشبكات والشركات بنظام عمل محطات توزيع الكهرباء والماء التي توفر على المستهلك الإنتاج والصيانة والحماية والعناية بالأعطال، وتخفض الكلفة التي كان سيتكبدها كل مستهلك لو انخرط بنفسه مباشرة بذلك. أما وجه التماثل الأقرب فيكمن في شبه التطابق بين مركزية حفظ البيانات وتوزيع الخدمات في خوادم شبكات كمبيوتر «الكلود» وخوادم مواقع الإنترنت. ولهذا كان من البديهي أن تطرح الهجمات النوعية الأخيرة للقراصنة على جوجل وسوني ظلالاً من الشك حول درجة أمان المعلومات والبيانات الشخصية في هذا النوع من الخدمات. وأثبت القراصنة قدرتهم على الوصول إلى مثل هذه «المخدمات» بعدما اخترقوا مخدمات إنترنت لاثنين من أقوى شركات التكنولوجيا والاتصال في العالم، أي سوني وجوجل ووضعوا يدهم على بيانات لملايين الزبائن والأشخاص بما فيها أرقام بطاقاتهم الائتمانية. والنمو المتوقع لخدمات «كلوود كمبيوتينج» كبير جدا، فتقديرات شركة «آي دي ٍي» لأبحاث الكمبيوتر كانت توقعت أن يرتفع حجم هذا السوق هذا العام من 1.47 مليار دولار في إلى 3.2 مليار في آسيا وحدها، بينما يتوقع أن يصل السوق العالمي إلى 55 مليار في العام 2014. لكن بعد هجمات القرصنة ودلالاتها بدأت تطرح تساؤلات حول هذا النمو جنبا إلى جنب تكهنات أخرى بأن يدفع هاجس الخصوصية إلى تغليب تيار عودة التركيز على صناعة الأجهزة الشخصية لتكون أكثر فأكثر أمانا من المخدمات، خاصة إذا تحقق ابتكار شرائح سيليكون أكثر دقة وتحصيناً ضد الاختراق. المدرسة الصينية ما يعزز الحاجة لأجهزة كمبيوتر أكثر أمانا في أساسها، أكثر من الاعتماد السائد على برامج الحماية هو ضرورة التسليم بأن القرصنة المعلوماتية ستواكب دائما التطور التكنولوجي في مجال الكمبيوتر وشبكات التواصل الرقمية، ما يعني ضرورة عدم التعويل كثيرا على إيجاد حلول ذات طبيعة سياسية كما هو الحال بين شركات التكنولوجيا الأميركية والصين. كما يجب عدم الاستهانة بروح التحدي المتنامية التي تسود العاملين والناشطين في مجال البرمجة عبر العالم، ويتوقون دائما لكشف أسرار أي أنظمة أمان جديدة ولاسيما تلك التي تحمي الشركات والمجموعات الكبرى من البيانات حول العالم. ومن هنا يجب عدم الاستعداد دائما لمثل هذه الهجمات التي قد لا تكون دائما شريرة خلافا لما تصوره جوجل أو غيرها في الغالب. ورفضت الصين وبغضب الاتهامات الموجهة إليها مؤخرا بشأن اختراق نظام خدمة جيميل، ونجاح «القراصنة» في وضع اليد على بيانات مئات حسابات البريد الشخصية، منها ما يعود لموظفين في الحكومة الأميركية وناشطين سياسيين صينيين (معارضين) ومسؤولين رسميين في عدة دول آسيوية وحسابات لموظفين عسكريين وصحفيين، وفق ما أعلنه أريك جروس، مدير الشؤون الهندسية في فريق أمن جوجل. ولعل تحديد جوجل بأن مصدر الهجوم جاء من مدينة جينان الصينية، عاصمة مقاطعة شاندونج، والمكان الذي يحضن مدرسة سبق وتم ذكرها في سياق اتهامات سابقة بالقرصنة، يعتبر كافياً من وجهة نظر رسمية أميركية لتوجيه اتهام سياسي للصين رغم إصرار الأخيرة على معارضتها للقرصنة، لكنه ليس كافيا إطلاقا لمنع آلاف وربما ملايين الطلاب والهواة وربما المتخصصين في العالم من محاولة خرق أسرار الشبكات الكبرى، كما أنها لا تنطبق على دوافع محتملة أخرى لهجمات مماثلة أو أكثر خطورة مثلما هو حال اختراق شبكة سوني على الإنترنت وتبنيه من إحدى جماعات القرصنة غير الصينية وغير السياسية. «الهجوم العضوي» أصيبت «سوني» بالإحراج لتعرضها لغارة قرصنة كبرى للمرة الثانية، خسرت خلالها ملايين أرقام بطاقات الائتمان عبر شبكتها للألعاب «بلاي ستايشن» الإلكترونية، وفق ما ذكرته صحيفة «جارديان». وكان لافتا أن مجموعة من الهاكرز تطلق على نفسها لقب «لولزسيك» تباهت بتبني هذا العمل الذي وصفته بـ»الهجوم العضوي». وقالت إنها هدفت من ورائه إلى تسليط الضوء على نظام أمن سوني «المعيب». وقالت المجموعة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن «كل بايت من البيانات التي أخذناها لم يكن مشفرا. إن سوني تحفظ مليون كلمة سر لزبائنها في نصوص عادية ما يعني بأن المسألة هي مجرد أخذ هذه البيانات وبسهولة». وزيادة في التأكيد نشرت «لولزسيك» جزءا من البيانات المسروقة والتي تتضمن كلمات سر وعناوين بريد إلكتروني وأرقام هواتف وعناوين منزلية وتواريخ الميلاد. وتواجه شركة سوني أسئلة لعدم إبلاغها زبائنها المعنيين بالبيانات المسروقة بسرعة أكبر بعد حملة القرصنة الكثيفة، التي استهدفت بيانات بطاقات الائتمان للمشاركين في شبكتها لألعاب بلايستايشن وشبكتها للترفيه المباشر عبر الإنترنت، والتي تشتمل أكثر من مائة مليون حساب استخدام. وفي السنتين الماضيتين، قام مجموعة قراصنة بالسخرية من سوني عبر تويتر في إشارة إلى عملية قرصنة محتملة. وإن ذلك يمثل نوعا من أنواع التحدي الذي بات معترفا به ضمنيا بأشكال عديدة وله أدبيات كثيرة يمكن متابعتها باستمرار عبر العديد من الدوريات والمواقع ومنها المجلة الإلكترونية «ذي هاكر نيوز». «آيكلود آبل» يعتبر كشف شركة «آبل» عن خدمتها الجديدة «آي كلود» (iCloud) تحديا للقراصنة، وتجربة مبتكرة جديدة في آن واحد، وإن كان الهدف الأساس للشركة في النهاية هو المزيد من التوسع والنفوذ في عالم الإعلام والتجارة ويعكس تصميمها على الاستفادة القصوى من نظام الخدمة التخزينية والتوزيعية الجديدة للموسيقى والصور والملفات والبرمجيات. الرئيس التنفيذي للشركة ستيفن بي.جوبس أعلن أن «الكمبيوتر الشخصي لم يعد في صلب الحياة الرقمية للناس». كما نقلت عنه «نيويورك تايمز» لكنه أشار إلى هذه الخدمة ستكون «مجانية»، وأنها ستختصر جهد الأشخاص في إدارة المحتويات والتطبيقات، وتنهي عصر الكمبيوتر الشخصي كأساس للحوسبة، وأن مثل هذه المحتويات والتطبيقات ستخزّن في مخدمات آبل وتكون جاهزة للاستخدام أكثر بكثير مما يستطيع جهاز ماكنتوش تحميله وتظهيره، كما ستجعل هذه الملفات متوفرة تباعا على أي أجهزة «آبل» يملكها شخص واحد وفي الوقت نفسه، ومن ذلك هاتفها الذكي عندما تصدر قريبا النسخة الجديدة منه «آي أوس 5». إن «آبل « ستكون مع آيكلود أمام امتحان كبير في مسألة حفظ الخصوصية، وسيشعر بعض القراصنة بدورهم بهذا التحدي. فالغاية ليست دائما أرقام بطاقات الائتمان، وانعكاس هذه المنازلات المتبادلة ليس سيئا دائما بل قد يكون دافعاً لابتكارات جديدة (ولو بكلفة باهظة أحيانا). هذا لا يعني إضفاء صفة النبالة على أي عمليات قرصنة، إنما الواقع يؤكد أن هذا المسار لعب دوراً رئيسياً في التطور المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والإعلام الحديث والعصر الرقمي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©