الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الطيران وقواعد «لعبة الأطفال»

11 يونيو 2012
عندما كنت صغيراً كانت أمي تصطحبني معها لتزور صديقاتها والعب مع أطفالهن، كانت ألعابنا محكومة بقوانين متفق عليها وكنا نلتزم بها، إلا أن بعض الأطفال كانوا يستغلون وجودي في منزلهم، وكلما شعروا أنهم سيهزمون يقومون بتغيير قواعد اللعبة ليتمكنوا من الفوز، وحين أبدي اعتراضي تتعالى أصواتهم وبكاؤهم لتأتي أمهم وأمي فأشعر بالإحراج وأرتضي تغيير هذه القواعد. ضجرت من هذه التصرفات، وفي أحد الأيام، ابتسمت ابتسامة ماكرة وقلت لأمي: عندما يأتون لمنزلنا سأعاملهم بالمثل، فإن شعرت بهزيمة تحدق بي سأغير قواعد اللعبة، وما عليك سوى أن تأتي عندما أبكي! لكنها نهرتني وقالت لا يحق لك هذا، يجب عليك الالتزام بقوانين اللعبة وعدم استغلال وجودهم في بيتك. هذا أقرب مثال لما يحدث في عالم الطيران اليوم، فشركات الطيران في الإمارات أثبتت نجاحها وتفوقها في نوعية المنتجات التي توفرها للمسافر، بالإضافة إلى الإبداع في النواحي التشغيلية، وهذان المحوران جعلا ناقلات الإمارات الخيار الأول للمسافر، ليس فقط للمقيم في الدولة، بل حتى للمسافر الأوروبي في بلده، مما أسهم في محافظة شركاتنا على الربحية، فالنجاح المبهر الذي حققته الشركات الإماراتية على الصعيد الإقليمي والدولي، نتج على أثره ليس المال فقط وإنما الأعداء أيضاً. إن شركات الطيران الإماراتية تتعرض لهجمات شرسة من الشركات الأوروبية، فإدارات تلك الشركات تنهال باتهامات لا صلة لها بأرض الواقع على شركات الطيران الإماراتية، فشركات أوروبا عجزت عن الرد على مستوى الخدمة والجودة التي تقدمها الشركات الإماراتية، لتلجأ إلى سياسة التباكي أمام حكوماتها. لكن تلك الإدارات نسيت أو تناست أن الذي أرهقها هو حروب النقابات العمالية وتكاليف التشغيل الباهظة هناك، ففي كل فترة، يحدث إضراب بهذه الشركات، فتارة نقابة الطيارين و تارة المهندسين، وهو ما لا نراه في شركاتنا، ثم تأتي إداراتهم لتقول إن الأرضية غير متساوية بين الشركات الإماراتية والأوروبية، وتطالب بمزيد من التضييق على الشركات الإماراتية. هناك دول تقل تكاليف التشغيل عن الإمارات مثل دول جنوب شرق آسيا، ومع ذلك أثبتت الشركات الإماراتية كفاءتها و تنافسيتها، والغريب أن الشركات الأوروبية لا تشكو من تلك الشركات! ما يعني أنها تريد تغير قواعد اللعبة، ومن المؤسف أن بعض الحكومات الأوروبية تساعدها على ذلك تحت ذريعة التنافس غير العادل، فهم يدعون أن الشركات الإماراتية تتلقى مساعدات مالية من الحكومات، مع أن الذي يحدث هو العكس فهي ومن منطلق التزامها للمالك تدفع مبالغ من أرباحها للحكومة. وعلى الطرف الآخر هناك شركات عالمية تغرق في الخسائر، فتأتي الحكومات المرتبطة بها بأموال الإنقاذ ولا أحد يتهمها بالتنافس غير العادل. تكهن باحثون في مجال الطيران سابقا، أن تنصهر شركات الطيران العالمية في أربع شركات كبرى، ففي عام 2011 قال الأمين العام لهيئة شركات الطيران الأوروبية: “هذه الشركات الثلاث -طيران الإمارات والاتحاد والقطرية- لديها من طلبات الطائرات ذات البدن العريض ما يفوق العدد الحالي في الشركات الأميركية مجتمعة، أين تتوقعون أنهم سيحلقون”؟ والواقع أن الإجابة على سؤاله هي أنهم سيحلقون في كل مكان. يبدو أن الصورة بدأت تتكشف، فالأوروبيون لم يتوقعوا أن يبزغ فجر بعض النجمات من وراء الكثبان الرملية، فهم يتوقعون أن تكون هذه النجمات بين أبناء جلدتهم فقط، وعلى كل حال فلا يهمنا تكهن الباحثين بقدر ما يهمنا مستقبل شركات الإمارات ولهذا يجب أن لا تتغير قواعد اللعبة، فهي ليست لعبة أطفال. يوسف الحليان - طيار إماراتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©