الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطوة... «كاستام ميد»

11 يونيو 2012
في بعض الأحيان تُترَك الفواكه والخضراوات لتفسد على ظهر السفن بانتظار موافقة السلطات الجمركية في موانئ البحر الأبيض المتوسط، فقد نتج عن عمليات الفحص المخبري البطيئة في الموانئ انتظار الحاويات إلى أجل غير مسمى ما أدى إلى فقدان الأعمال التجارية لعملائها وفقدان المستهلك لصبره. وعلى الرغم من خطوات تم قطعها في العلاقات التجارية العالمية وتكنولوجيا الاتصالات، فإنه لا تزال عملية شحن البضائع بين أوروبا والشرق الأوسط أحياناً تنطوي على روتين ورسميات ومعاملات روتينية تضيع الوقت، إلا أن مشروعاً أوروبياً جديداً هو "كاستام ميد" (CUSTOM MED) يعد بخريطة طريق توفر توصيات عملية حول كيفية تنظيم الإجراءات الجمركية ودفع عجلة التجارة الإقليمية بين ضفتي المتوسط. وقد جرى إطلاق "كاستام ميد"، وهو أول مشروع شراكة أوروبية تتعلق بالشرق الأوسط وتتعامل مع التجارة، رسمياً يوم 5 يونيو في مدينة العقبة الأردنية. ولدى السياسيين وأصحاب الأعمال عبر منطقة البحر الأبيض المتوسط آمال كبيرة في هذا المشروع، الذي كلّف إعداده دافع الضرائب الأوروبي 1,1 مليون يورو. ولكنه يعد بفوائد كبيرة على صورة كفاءة إضافية في عملية شحن البضائع، الأمر الذي يدفع بدوره التنافسية ويخلق فرص عمل إضافية وازدهاراً أوسع نطاقاً. "مصدر تميز هذا المشروع أن جميع الشركاء ذوي العلاقة هم جزء من الحل. ومعيقات التخليص الجمركي في موانئ المنطقة عديدة ومعقدة، ومفتاح الإسراع بالإجراءات وإطلاق القدرات الهائلة للتجارة يكمن في إيجاد أساليب للموانئ لتعمل معاً. ولا يحمل الأوروبيون الإجابات وحدهم، فأنا أعرف موانئ في الشرق الأوسط تعمل بسلاسة أكثر من بعض الموانئ الأوروبية"، هذا ما يقوله منسق مشروع "كاستام ميد" فابيو بالليني، الأستاذ بجامعة جنوا الإيطالية. والحال أن بعض أساسيات زيادة الشفافية في الإجراءات الجمركية في المنطقة موجودة فعلاً. وتعمل التجارة الدولية بشكل عام ضمن نظام جمركي موحّد هو نظام البيانات الجمركية المؤتمت (ASYCUDA)، الذي جرى تبنيه عالمياً عام 1981. وعلى الرغم من أن تصميم أنظمة الاتصالات ما زال في مكانه، فإن تطبيق النظام يجري بشكل مختلف في الموانئ المختلفة. وليس سبب الفروق دائماً هو أنظمة التكنولوجيا غير المتكافئة، وإنما كذلك انعدام المهارات بين ضباط الجمارك والإدارة التي تحمل أعباءً فوق طاقتها. ولهذا السبب تشكّل البرامج التدريبية جزءاً لا يتجزأ من المشروع. ويمكن للنقاش المفتوح حول الحوكمة الجيدة بين أصحاب المصالح والاهتمامات المعنيين وسلطات الموانئ في مشروع "كاستام ميد" أن تبرز وجهات نظر جديدة حول هذه القضايا. والإمكانات الحقيقية الكامنة لـ"كاستام ميد" واعدة، فقد أتى "الربيع العربي" بمساحة جديدة للتغيير عبر المنطقة. فأوروبا الآن في موقع فريد للبناء على هذه الصحوة، مستفيدة من الدينامية الاقتصادية في الشرق الأوسط ومن الشباب الموهوب والإلهام الذي أعيد إطلاقه. وليست صورة الفواكه والخضارات تفسد على متن البواخر التي تنتظر إجراءات التخليص الجمركي مجرد مجاز. فمعدل الفترة الزمنية التي تحتاجها السلطات الجمركية للموافقة على إدخال البضائع الواردة في موانئ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أربعون يوماً، على رغم اعتماد المنطقة على أوروبا في استيراد 50 في المئة من منتجاتها، وهذه ليست قاعدة متزنة للعلاقات التجارية. وبوجود التوجه الحالي للمزيد من الكفاءة والتنافسية بين الموانئ الأوروبية يبدو الوقت مناسباً لكافة الأطراف لإعادة النظر مجدداً في أساسيات التجارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي شكلت ولعقود عديدة بوتقة الانصهار الحقيقية للحضارات. ويشكل "كاستام ميد" خطوة كهذه باتجاه المزيد من التكامل المتبادل والحوار، مما يوفر حلولاً عملية لكيفية دفع عجلة التجارة وتحقيق آمال عالم اليوم. كيم ويون - سارجنت كاتب دنماركي ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©