الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سعد الدين الخاروف يحلم بأن يقدم فلسطين غير نمطية في أفلامه

سعد الدين الخاروف يحلم بأن يقدم فلسطين غير نمطية في أفلامه
11 يونيو 2012
في تجربته السينمائية الواعدة لا يبدو المخرج الفلسطيني الموهوب سعد الدين الخاروف، الذي تخرج في أكاديمية نيويورك للأفلام في أبوظبي مؤخراً، تقليدياً في أفكاره، بل يذهب باتجاه الأسئلة الحادة التي تجترح حضورها من تراكمات وعي مُؤسس على العذاب الإنساني.. في تجربته تحضر فلسطين بفصاحة وتتجلى أزمة البشرية الأخلاقية والحضارية، وترتسم معاناة الإنسان نفسه وتشظيه الداخلي تجاه بعض المواقف التي يراها ويلمسها ويضطر إلى التعايش معها حتى وإن كان رافضاً لها على المستوى الفكري والإنساني. قدم الخاروف ثلاثة أفلام لافتة هي: “اللاإنسانية” و “الإدراك” و “لحظة الحياة”، وقد عرض فيلمه الثاني على هامش مهرجان كان السينمائي. حين غادر الشاب المقدسي سعد الدين الخاروف مدينته المقدسة، حاملاً حلمه على كتفية، لم يكن يتوقع أن يبدأ خطوة الألف ميل بهذه السرعة، وأن تتاح له أخيراً فرصة الوقوف خلف الكاميرا التي لطالما خلبت لبه. يقول: “عشقت السينما منذ الصغر، وحين كبرت أعلنت رغبتي في دراسة الإخراج السينمائي. قوبلت بالرفض من العائلة لكنني أصريت على موقفي. تركت الدراسة في الجامعة لكي أعمل وأجمع مالاً يكفي لدراسة السينما. ولما رأت العائلة إصراري وافقت”. ويرى الخاروف أن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ممثلة بالأكاديمية اختصرت عليه الطريق إلى حلمه: “وجدت التشجيع من الجميع، وخضت تجربة ثرية ومهمة جداً، ومن دونها كان من الصعب أن أنجز أي فيلم. أعتقد أن وجود الأكاديمية يوفر الفرصة للشباب الموهوبين في صناعة السينما لصقل هذه الموهبة بالدراسة والممارسة”. في فيلمه الأول “اللاإنسانية” عالج موضوع التشيؤ الإنساني وتراجع قيمة الإنسان الذي بات قتله أسهل من قتل قطة، فيما تقوم الدنيا ولا تقعد إذا مات كلب. عندما تكون سائراً في طريقك ويقوم أحدهم بعرقلة سيرك من دون سبب، وتحاول أن تشرح له أنك في الطريق إلى المستشفى الذي يرقد فيه ابنك فلا يسمع ولا يفهم.. ثم تحاول أن تذهب فيشهر مسدسه في وجهك، وعندما يفرج عنك تصل بعد فوات الأوان لتجد أن طفلك قد انتقل إلى رحمة الله، ثم بعدها بقليل تفقد زوجتك التي ماتت حسرة وألماً.. تمضي الأيام وتلتقيه بعد سنتين، فماذا تفعل في موقف كهذا؟ هل تغفر وتسامح أم تنتقم؟ هذا هو السؤال الذي يطلقه المخرج في فيلمه الثاني “الإدراك”، وهو فيلم من الأفلام التي تعالج مفاهيم مجردة، نمارسها أحياناً من دون أن نتوقف عند مدلولاتها البعيدة، كما أنه من الأفلام ذات النهايات المفتوحة، والأسئلة المعلقة التي يجيب كل إنسان عليها وفق تكوينه الفكري والثقافي. يقول الخاروف: “الحياة مجموعة من الخيارات، في هذا الفيلم حاولت أن أترجم سينمائياً الاحتمالات التي ينطوي عليها موقف كهذا. بلا شك كان الطفل سيموت إن عاجلاً أو آجلاً وما رجل الشرطة “يؤدي دوره مهند هندي” الذي أوقف البطل “إبراهيم رينو” سوى سبب لكي يتم قدر الله. الآن، هناك خياران أمام البطل: أن ينتقم ويقتل الرجل فيرتاح لساعات ثم يتعرض للعقاب الأخروي، أو يعفو ويغفر رغم ما يعتمل في قلبه من الحزن والغيظ ويحصل على ثواب عظيم في الآخرة. لقد حاولت في الفيلم أن أجسد هذين الخيارين وتركت للمشاهد أن يقرر”. يتمنى سعد الدين الخاروف أن يصنع أفلاماً تقدمه “كمخرج جيد وليس كفلسطيني وحسب”، فهو لا يتوسل فلسطينيته للحصول على الإعجاب بل يطمح أن يكون سينمائياً جيداً من دون أن يلغي ذلك ثوابته الفكرية والوطنية والدينية، كما أن لديه في وعيه فلسطين غير نمطية يريد أن يقدمها في أفلامه، فلسطين مختلفة عن تلك الصورة التي تظهر بها على شاشات الفضائيات. يقول: “يظن الناس أن المخرج الفلسطيني سيعرض عليهم معاناته، ويتوقعون أن يشاهدوا في أفلامه طرحاً سياسياً قبل أن يركزوا على الطرح الفني الجمالي. بالنسبة إلي، أحلم بأن أحقق أفلاماً متميزة في طرحها الفني والمضموني. فلسطين تستحق أفلاماً جميلة تليق بها، ولكي تقدم في إطار فكري مؤثر لا بد أن يكون الفيلم المصنوع عنها ذا سوية فنية عالية من حيث الفكرة والتصوير والمشاهد الغنية بالدلالات. لا أحبذ المباشرة في تقديم الموضوع الفلسطيني وأفضل الإيحاءات التي تؤشر على حضوره في الفيلم من دون أن تعلن ذلك صراحة، وهناك الكثير من الرموز التي يمكن لأي سينمائي استخدامها ليحقق ذلك”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©