الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظلم يعقبه ظلم

27 ابريل 2006

ضمت الدمية البيضاء ذات الفستان الزهري إلى صدرها وأخذت تبكي، بكاءَ مريراً شرعت فيه منذ سنين·· يغلف قلبها حزن وندم وألم خبأته تحت غطاء رأسها الأبيض الذي لم أرها إلا به·
لقد كانت طالبة في إحدى الجامعات·· توظفت ثم تزوجت وأنجبت طفلتها الأولى ولم تزل على رأس عملها حتى رزقت بابنتها الثانية، لقد أنجبت طفلتيها ولكنها ليست ككل أم فمشاغل الحياة أخذتها·· حبها للعلاقات الاجتماعية راحة زوجها،، وأخيراً العمل الذي له النصيب الأكبر من وقتها وطاقتها، لم تحمل ذاك الهم بمسؤولية ، لقد شغلتها تلك الأمور وهمشت العطاء الروحي والحب والحنان اللذين تملكهما كأي أم، لم تمنح ابنتيها، معنى تلك الأمومة التي تترحم بالتضحية الكبيرة والحب والحضن الدافئ، ظلت على هذا الحال سنون كان الاعتماد الأكبر على الأقارب والخادمة، ربما يعد البعض هذه الحياة ظاهرة طبيعية حتمية وصورة شائعة للمرأة العاملة لكن في الحقيقة هناك خللا وخطأ ما··· أصبحت الفجوة أعمق، فكلما بكت الطفلتان أسرعت أصغرهما إلى الخادمة، بينما تجلس التي تكبرها سنا وحيدة تفكر·· بنت مهمومة ولم تتم بعد الرابعة من عمرها، فالصغرى تجد الحنان والحب والاهتمام والصدر الحنون من الخادمة، لقد كانت الأم تأتي من العمل منهكة·· تتناول الغداء ثم تنصرف للنوم، كانت الفتاتان تغطان في الإجازة الرسمية، حين تستطيع أن تمنحهما بعض الوقت وإن خالطه ذاك المزاح العكر والغضب السريع على صغيرتين رقيقتين·
في غضون تلك السنة الكئيبة، فترة الكابوس والحرمان وقع ما لم يكن في الحسان، مرضة الأم بمرض عضال في ظهرها، عانت الألم المر إلى أن جعلها طريحة الفراش خسرت وظيفتها، وهنا ألقيت المسؤولية كاملة على الأب الذي عليه أن يعتني بامرأته المقعدة وابنتيه ولكن هيهات، اكتشف أقاربها أن زوجها قد اقترن بأخرى منذ سنين دون علمها، لجأ الى القضاء الذي أنصفه بحضانة ابنتيه بعد عجز زوجته، وبعد أن أثبت عجزها بفقدها المقدرة على تربية البنتين وبفقدها الوظيفة بسبب المرض، وبذلك فقدت جوهرتي حياتها·
ما حالها؟؟ ما موقفها؟ كل المصائب تدافعت عليها وعصفت بحياتها في شهور قلبت حياتها رأسا على عقب لم تلجأ للأطباء كي تتماثل للشفاء مما حل بها نفسياً وجسدياً، بل فرضت على أقاربها حياة ترتضيها لنفسها بأن تعيش العزلة والوحدة والحرمان هذا ما عاقبت به نفسها لتنتقم لابنتيها من ذاتها، لقد آثرت الصمت·
انظر اليها أتساءل وفي خاطري ما أود أن أبوح به بعدما علمت قصتها·· ألم تدرك أنها باستسلامها وصمتها والتخلي عن ابنتيها بهذه السهولة تظلمهما أكبر ظلم، أو أن هناك ما تخفيه من تفاصيل جعلها تؤثر الاستسلام أم هي الصدمة؟! أسئلة حيرتني لم أرد أن أطرحها وأتسبب في زيادة عذابها·· فآثرت الصمت وقلبي يتمزق على الفتاتين·
شيخة البريكي - أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©