الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستطلاعات الأميركية··· إنهم الناخبون أيها الغبي

الاستطلاعات الأميركية··· إنهم الناخبون أيها الغبي
5 فبراير 2008 00:26
هل مازال بإمكاننا الوثوق باستطلاعات الرأي مجدداً؟ كان هذا هو السؤال الذي طرحه الجميع على أنفسهم عقب التقديرات الخاطئة لاستطلاعات الرأي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي شهدتها ولاية ''نيوهامشير'' خلال الشهر الماضي؛ فالتوقعات غير الصائبة بفوز المرشح ''باراك أوباما'' على غريمته ''هيلاري كلينتون'' في الانتخابات التمهيدية بالولاية، جعل مجمل الفكرة من وراء إجراء استطلاعات الرأي في مهب الريح ووضعها على المحك؛ والأسوأ من ذلك أن مراكز استطلاع الرأي وقعت في العديد من التقديرات الخاطئة على طول الحملة الانتخابية الأخيرة، إما متنبئة بهوامش فوز غير دقيقة، أو متعثرة في تقدير الحجم الحقيقي لشعبية المتنافسين في كل من ''ميتشجان'' و''نيفادا'' و''كارولاينا الجنوبية،، لكن هل الإخفاق في التنبؤ بنتائج الانتخابات مهم فعلا؟ الواقع بلى، لأننا جميعاً أصبحنا نعتمد على استطلاعات الرأي، باعتبارها مصدراً رئيسياً للحصول على المعلومات، بشأن آراء ودوافع الناخبين الأميركيين، وإذا كانت تلك الاستطلاعات قد أبانت عن قصور في توقعاتها خلال الانتخابات التمهيدية الأخيرة، فإنه يحق لنا أيضا التشكيك في قدرتها على كشف ميول الأميركيين ومواقفهم إزاء قضايا أخرى متعددة· والحقيقة أن قدراً من التشكيك في فعالية استطلاعات الرأي على التنبؤ بتيارات المستقبل ليس عيباً، لا سيما وأن المشكلة مع المسوحات التي تقوم بها المراكز المتخصصة تخبرنا عن الحملات الانتخابية أكثر من قدرتها الحقيقية على التنبؤ؛ وفي الغالب الأعم تركز استطلاعات الرأي اهتمامها على الفائز المحتمل بدلا من الأسباب التي ستدفعه إلى ذلك، غير أنه بمعنى من المعاني تحولت استطلاعات الرأي إلى ضحية لنجاحاتها السابقة، حيث يشير السجل التاريخي إلى دقة لا يمكن إنكارها في توقعات استطلاعات الرأي خلال الانتخابات النهائية؛ وبرغم الخطأ الذي وقعت فيه مراكز المسوحات في العام 1948 عندما توقعت هزيمة الرئيس ''ترومان''، وهو ما ثبت عكسه لاحقا بسبب هفوات طالت منهج البحث والتقصي، إلا أنه منذ ذلك الوقت نجحت استطلاعات الرأي في الحفاظ على سجل ناصع فيما يتعلق بالتنبؤ بالرؤساء الأميركيين· لذا فإنه عندما تفشل استطلاعات الرأي في توقع الرئيس الأميركي المقبل، أو عندما تبتعد بهامش كبير عن النتائج الدقيقة، فإنها تنتهك توقعاتنا وتولد لدى المتابعين والرأي العام شعوراً بعدم الثقة؛ ويبدو أنه بعد التوقعات الخاطئة في ولاية ''نيوهامشير'' تعاملت وسائل الإعلام بنوع من التشفي تجاه مراكز استطلاع الرأي، وهو ما ظهر بوضوح على غلاف مجلة ''تايم'' تحت عنوان ''إنهم الناخبون يا غبي'' ولسان حالها يقول: انسوا استطلاعات الرأي التي تدعي أنها علمية، لأن الناخبين تفوقوا في تحديد نتائج الانتخابات على مراكز استطلاع الرأي؛ والواقع أن سجل استطلاعات الرأي في الانتخابات غير الرئاسية، لا سيما الانتخابات التمهيدية للأحزاب لا يبعث على الارتياح· ففي الانتخابات التمهيدية للعام 2000 في ''نيوهامشير'' قللت استطلاعات الرأي من قدرة السيناتور ''جون ماكين'' في الجانب الجمهوري، فيما بالغت في الإشارة إلى حظوظ نائب الرئيس ''آل جور''؛ وحتى في الانتخابات النهائية برزت بعض المشاكل عندما تنبأت الاستطلاعات بنتائج جيدة للمرشح ''جون كيري'' عام ،2004 وفشلت في استشراف نتائج ولاية فلوريدا في العام ،2000 وهو ما حدا بالقنوات التلفزيونية إلى إعلان الفوز المبكر للمرشح ''آل جور'' فقط ليتأكد لاحقاً فوز ''بوش'' الابن· لقد تلقت استطلاعات الرأي ضربة أخرى قاسية خلال الانتخابات التمهيدية لهذه السنة في ولايات ''نيوهامشير'' و''نيفادا'' و''كارولاينا الجنوبية''، حيث أخطأت تقدير هامش فوز ''أوباما'' بمعدل 17 بالمئة؛ هذه التقديرات الخاطئة لاستطلاعات الرأي في الفترة الأخيرة فاقمت شكوك المراقبين من قدرتها على الخروج بنتائج دقيقة بشأن الثلاثاء الكبير، وإذا كان الفشل كما قال مرة الرئيس الأميركي الأسبق ''جون كينيدي'' لديه أكثر من أب، بينما الفشل يتيم، فإن عجز استطلاعات الرأي في التنبؤ بانتصار ''هيلاري'' في ''نيوهامشير'' وإعطاء الأفضلية لمنافسها ''أوباما'' له أكثر من سبب يمكن إجمالها في دموع ''هيلاري''، ومواقف الناخبين في اللحظات الأخيرة، ثم بقايا العنصرية التي لم ترصد خلال استطلاعات الرأي· وبالطبع يبقى العامل الأهم هو عجز استطلاعات الرأي في استمزاج مواقف الناخبين الذين لم يحسموا خياراتهم بعد، أو هؤلاء الذين يغيرون آراءهم في اللحظات الأخيرة؛ لكن ألا يشي ذلك بوجود قصور ما في مناهج البحث التي تعتمدها مراكز استطلاع الرأي؟ والمشكلة الأكبر أن الأسباب والدوافع التي قدمت لتفسير إخفاق استطلاعات الرأي في ''نيوهامشير'' لم يستفد منها في ولايات أخرى؛ فالأخطاء التي ارتكبت هناك يفترض أن تضيء لنا بعض ما سيحدث في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية ''ميتشجان''، أو في ولايتي ''نيفادا'' و''كارولاينا الجنوبية''، لكنها لم تفعل؛ وفي هذا السياق تستعد لجنة خاصة شكلتها الجمعية الأميركية للأبحاث المرتبطة باستطلاعات الرأي، لدراسة الأداء في الولايات التي جاءت نتائجها مخالفة للتوقعات، حيث ينتظر من التقرير أن يميط اللثام عن الإخفاقات التي ميزت توقعات استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة· جورج بيشوب أستاذ العلوم السياسية في جامعة سينسيناتي بالولايات المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©