السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل... تعزيز الجاهزية للحرب الإلكترونية

12 يونيو 2013 00:14
كريستا كايس برايت محللة سياسية أميركية في خضم الهجمات الإلكترونية المتصاعدة على إسرائيل، تعكف الدولة حالياً على مضاعفة الجهود لاستقطاب وتطوير الخبرات الضرورية المتخصصة في أمن شبكات الإنترنت في محاولة لمواكبة الأخطار المتنامية سواء في الشرق الأوسط، أو غيره. والحقيقة أن إسرائيل بما تتوافر عليه من موارد بشرية، حيث تملك ضعف عدد العلماء والمهندسين الذين تتوافر عليهم أميركا مقارنة بعدد السكان، هذا بالإضافة إلى عدد جنودها الذي يفوق بعشر مرات نظراءهم في الولايات المتحدة مقارنة بعدد السكان، وهو ما يؤهلها لخوض الحرب الإلكترونية وحماية منشآتها من اختراقات القراصنة. لكن وبالنظر إلى تصاعد الهجمات، وتنامي التهديدات تقوم إسرائيل بجهود أكثر لتعزيز قدراتها في مجال الموارد البشرية، حيث تستغل كل ما يمكنه أن يساهم في الحرب الإلكترونية من طلبة المدارس الثانوية إلى شركات القطاع الخاص لاستقطاب خيرة الطلبة والأدمغة الإسرائيلية لتطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم، هذا الجهد الكبير دفع الخبراء في الولايات المتحدة إلى مراقبة التجربة الإسرائيلية باهتمام بالغ، إذ بالرغم من صغر حجم إسرائيل وتوجيه إمكاناتها بما يناسب احتياجاتها، فإنها مع ذلك توفر دروساً لبلدان أخرى تسعى إلى تطوير قدراتها في مجال أمن الإنترنت بما فيها أميركا نفسها. فقد أقامت الولايات المتحدة، وعلى غرار ما هو معمول به في الدولة العبرية برامج متعددة لاجتذاب المهارات وتدريبها، حيث اقترح أوباما مؤخراً توسيع موازنة الأمن الإلكتروني بحوالي مليار دولار سنوياً، لاسيما بعد ما صنفت الاستخبارات الأميركية الهجمات الإلكترونية التي تستهدف القطاعات الحيوية مثل البنوك ومحطات توليد الكهرباء ومنشآت البنية التحتية في مرتبة متقدمة تفوق خطر الإرهاب. لكن ما يهم في تطوير القدرات في مجال الأمن الإلكتروني، ليـس فقط كثرة البرامج، بل جودتها أيـضاً. وهنا يبرز التفوق الإسرائيلي، حيث يشير الخبراء إلى تركيزها بدرجة أكبر من أميركا على تكوين مهندسين وخبراء في مجـال الأمن الإلكترونـي لهم القدرة على كتابة شفرة الكمبيوتر والتعرف إلى نقاط ضعف برامج الكمبيوتر، بل والتسلل داخل الشبكات، والتحكم في الأنظمة، وهو ما يفوق بكثير مجرد تطوير سياسات الأمن الإلكتروني التي تعتمد عليها أميركا في برامجها التدريبية، وهو ما يوضحه «آلان بالر»، الخبير في مجال الأمن الإلكتروني، قائلاً: «ما تقوم به إسرائيل هو التركيز أكثر على الجانب التقني من المهارات وتدع رسم السياسات للسياسيين»، مضيفاً أن «مستوى المهارات لديهم بالنسبة لعدد السكان يتفوق على الجميع حتى على الصين»، وذلك رغم البرنامج المكثف الذي تعتمده بكين لتدريب خبراء الأمن الإلكتروني». وفي هذا السياق أيضاً، يقول البروفيسور «إسحاق بن إسرائيل»، وهو المحرك الرئيس وراء استحداث المكتب الوطني الإلكتروني في العام الماضي، «إن إسرائيل تستفيد من عملية اختيار الأشخاص المناسبين للمواقع المناسبة». وهذا راجع في جزء كبير منه إلى نظام التجنيد الإجباري، الذي يتم من خلاله التعرف إلى خيرة المهارات، ويجعل من مهمة توظيفهم ممكنة. وبفضل قدرتها على استقطاب أفضل ما لديها من مهارات، تمكنت إسرائيل من تبوؤ المراكز الثلاثة الأولى في مدى استعدادها للتصدي للهجمات الإلكترونية، كما أظهر ذلك تقرير أعدته للجيش الإسرائيلي شركة خاصة، حيث جاءت تل أبيب وراء فنلندا والسويد وتقدمت على الولايات المتحدة والصين وروسيا. والأكثر من ذلك، أصبح القانون الإسرائيلي يفرض على منشآت البنية التحتية الحيوية حماية نفسها من الهجمات الإلكترونية، وذلك منذ عام 2002، فيما حاول الكونجرس الأميركي تمرير قانون مشابه وفشل. وخلال السنوات الماضية، انتهجت إسرائيل سياسة تعليمية تركز أساساً على الرياضيات والعلوم في المدارس، كما تقيم منافسات في الأمن الإلكتروني بين الطلبة، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات عالمية حول الموضوع مثل ذلك الذي يشرف عليه البروفيسور «بن إسرائيل»، والذي ستبدأ دورته الثالثة في 12 يونيو الجاري بحضور ثلة من أبرز خبراء الإنترنت في العالم. ورغم هذه الجهود المكثفة، تظل إسرائيل متوجسة من بعض الخصوم مثل إيران التي تملك القدرة على شن هجمات طويلة الأمد، تستدعي موارد بشرية مهمة وتمويلاً كبيراً، فضلاً عن معلومات استخباراتية لتحديد أجهزة الكمبيوتر، التي تستخدم في أماكن معينة مثل محطات توليد الكهرباء. غير أن هذه الاستعدادات التي تقوم بها إسرائيل في مجال الأمن الإلكتروني وتفوقها على العديد من البلدان المتقدمة لا يجعلها بمنأى عن التهديدات، خاصة وأنها أكثر عرضة للاستهداف من فنلندا والسويد. لذلك خرج فريق العمل الذي يرأسه البروفيسور «بن إسرائيل» بعدد من التوصيات لتحصين المرافق الإسرائيلية الحيوية من الاستهداف الإلكتروني وتعزيز القدرات البشرية بمجموعة من التوصيات من أهمها إدماج الجامعة وصناعة التكنولوجيا المتطورة والجيش في منظومة واحدة، فمعاً تستطيع الأطراف الثلاثة خلق البيئة المناسبة لتنمية المهارات سواء في الحرب الإلكترونية، أو في السوق التجارية المتنامية لتطوير برامج الأمن الإلكتروني. ولعل من النماذج الرائدة لهذا الاندماج الثلاثي ما يجري حالياً في جنوب إسرائيل، وتحديداً في بلدة بئر السبع التي تستضيف جامعة بن جوريون، هذه الأخيرة أصبحت أول جامعة إسرائيلية تطرح برنامجاً أكاديمياً في مجال الأمن الإلكتروني. وإلى جانب الجامعة، يخطط الجيش الإسرائيلي لفتح مجمع كبير في عام 2014، يضم مركزاً لتدريب قواته على مواجهة الهجمات الإلكترونية. وبجوار الجامعة ومركز التدريب التابع للجيش، أقيم متنزه تكنولوجي مفتوح أمام الشركات العالمية، بامتيازات خيالية مثل إعفاء ضريبي لعشر سنوات ودعم الرواتب بحوالي 50 في المئة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©