الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مصورون يعكسون التنويعات اللونية والتشكيلية المدهشة للصحراء في الإمارات

مصورون يعكسون التنويعات اللونية والتشكيلية المدهشة للصحراء في الإمارات
12 يونيو 2013 00:15
إبراهيم الملا (الشارقة) - في معرض «جمال الصحراء» الذي افتتح مساء أمس الأول في الشارقة يقدم سبعة عشر فنانا، من نخبة المصورين الإماراتيين، عبر ستة وثلاثين عملا فوتوغرافيا، التقاطات للتنويعات اللونية والتشكيلية المدهشة للصحراء في دولة الإمارات، حيث تعكس الأعمال التي احتضنها المعرض رغبة كل فنان من المشاركين في طبع بصمته الأسلوبية الخاصة، ورؤيته الجمالية المتفردة في تناول هذا المعمار البصري الهائل المتشكل وسط رمال وتلال وتعرجات الصحراء التي تفوح بصمت مهيب، وتنبع من إرث مكاني وتاريخي وأدبي عريق ومتعدد الأنساق والدلالات، اعتمادا على ما حفظته الذاكرة الشعبية من أشعار وحكايات تقاطعت مع التأثير البصري والروحاني والحسي لساكني الصحراء والسالكين في مداراته العرفانية من رحالة ومغامرين ومستشرقين خبروا متاهاته وأسراره واحتقبوا صوره المتأرجحة بين اليقين والشك، والزوال والخلود، وبين التلاشي والاستمرارية المطلقة. ولعل في معرض «جمال الصحراء» الذي تنظمه جمعية الإمارات للتصوير الضوئي بمقرها في منطقة الرماقية بالشارقة، ما يؤكد لدى الفنانين الرغبة المشتركة في تأبيد الزوال المخادع للصحراء، وتثبيت اللحظة الهاربة عند تدفق الريح والزوابع على جسد التراب، ووسط سيمفونية من الإيقاعات اللونية الحارة والموزعة بين نهار الصحراء الفاقع، وليلها الفائض بالأخيلة والتماعات الكواكب والنجوم، وكأننا وسط سديم من حلم أو وسط خرافة تحتفل بالرقص في طقوس البدو وكائنات الظلام المبهمة. وللتعرف أكثر إلى الأساليب والمعالجات الفنية لأعمال المعرض، التقت «الاتحاد» بعدد من المشاركين الذين تحدثوا عن التكنيك البصري الخاص الذي اتبعه كل واحد منهم للتعبير عن الأثر الداخلي والتفاعل الجمالي عند التقاطهم لمشهد بعينيه في تلك الصحاري الشاسعة. الربع الخالي يقول الفنان محمد أهلي إنه أراد من خلال اللوحتين اللتين شارك بهما في المعرض أن يكسر حدة السطوع والإضاءة المبهرة التي طالما ارتبطت مع هيمنة وسيادة أشعة الشمس على أجواء الصحراء، وبالتالي فهو اختار ـ وكما أشار ــ التركيز على حركة الظلال التي تنشأ من تدرج التلال الرملية العالية، اعتمادا على الزاوية التي تم خلالها التقاط الصورة، مضيفاً أن هذه الظلال التي لا يمكن ملاحظتها بسهولة بسبب طبوغرافيا الصحراء نفسها، والتي تخدع عين المراقب لها، جعلته يتكبد بعض العناء الجسدي لملاحقتها، مشياً على الأقدام في براري الربع الخالي التي تقع وسط حدود مشتركة بين الإمارات والسعودية وسلطنة عمان، وأوضح الفنان محمد أهلي أن طبيعة الصحراء في الربع الخالي تمتاز بتنوع لوني مدهش، استطاع أن يلتقط منها ثمانية ألوان مختلفة للرمال، وهو أمر كما قال لا نجده في الصحراء القريبة من المدن، خصوصاً مع البيئة الجافة المحيطة بالربع الخالي، والتي يتحول فيها الغبار بلونه الترابي الشفاف إلى لوحة بيضاء، تسطو تماماً على اللون الأزرق والاعتيادي للسماء. نباتات الصحراء من جانبه يقول الفنان منيب محمد الذي رافق الفنان محمد أهلي في رحلته إلى صحراء الربع الخالي إلى أنه ارتكز في تقديم أعماله على تصوير التباينات اللونية لرمال الصحراء، خصوصا في فترة الغروب التي يتداخل فيها الظل مع النور، وتتحول فيها «العراقيب» أو التلال إلى ما يشبه الأهرامات أو القبب المثلثة والمتوازية التي يمكن من خلال اللقطات البعيدة اكتشاف بنيتها الهندسية الرائعة، وسط هدوء كامل، يعزز الجانب التأملي لدى المتلقي. وعن لوحته الثانية التي تصور شجرة يابسة ومتهالكة في بيئة قاحلة ولكنها لا تخلو من جماليات الغروب التي تتلألأ فيها السماء بنجوم مشعة ومتوهجة، يقول الفنان منيب محمد إنه التقط هذه الصورة في منطقة الزمول الصحراوية، ودمج فيها بين لقطتين في زمنين مختلفتين، من أجل إبراز الحالة المشهدية المتضادة والمتعاكسة بين منظر الشجرة الميتة والمتيبسة، ومنظر السماء التي تظهر فيها مجرة : «درب التبانة»، حيث تتوالد وتتراقص فيها النجوم العصية على الانطفاء والذبول. التصوير والرسم ويشير الفنان عبد الله الشحي إلى أن أعماله التي قدمها للمعرض تجمع بين فني التصوير والنمط التشكيلي أو الرسم، وهو أسلوب جديد اتبعه في اشتغاله الفني على الصور منذ سنتين، من أجل تقديم أعمال تجريدية تكسر النمط المألوف للتصوير الفوتوغرافي، وأضاف الشحي إلى أن صعوبة هذا الأسلوب تكمن في ضرورة الحفاظ على التفاصيل ودقتها، والإبقاء في الوقت نفسه على التأثير الذي تضمره الصورة الأصلية الملتقطة، وأكد الشحي أن أعماله وعلى الرغم من طابعها التجريبي، لا تهمل قيمة اللون واعتباراته المعنوية والبصرية المبثوثة في النسيج العام للعمل الفني، مشيراً إلى أن توقيت التصوير في النهار أو وقت الغروب يفرض شروطه اللونية هنا، بالإضافة إلى تفاصيل المكان نفسه، والتي يكسبها اللون قيمة دلالية معينة مرتبطة بهذا المكان. ونبه الشحي إلى ضرورة أن يختار الفنان الخامة المناسبة قبل طباعته للصورة المختارة، حيث هناك فروقات واضحة بين قماش الرسم، مثلاً، وبين الورق المائي، اعتماداً على طبيعة الصورة نفسها، والتدخلات التقنية التي أجريت عليها لاحقاً، من خلال برامج الكمبيوتر التي تضيف أبعاداً تشكيلية ولونية جديدة على الصورة الأصلية. صحراء البداير ويقول الفنان عمران الأنصاري أنه التقط صوره المشاركة في المعرض في صحراء (البداير) في إمارة الشارقة، وكذلك في منطقة دبا، واتبع أسلوب «اللاند سكيب» أو اللقطة البانورامية التي تتطلب جهداً بدنياً كبيراً، وتكنيكياً فنياً خاصاً، لتحويل العناصر البعيدة والمتناثرة في الكادر، وفي أجزاء اللوحة، إلى كتلة واحدة ومتناغمة، خصوصاً وأن أعماله ــ كما أشار ــ تركز على استثمار حركة الشمس، واستدعاء صورة الأشجار وظلالها المنعكسة على رمال الصحراء الشاسعة أو السفوح الجبلية، مما يخلق لدى المتفرج انطباعاً داخلياً بوجود علاقة بصرية متناغمة بين هذه الأشجار على الرغم من الانطباع الآخر المتنافر الذي تفرضه ثيمة الشتات والقسوة والجفاف في المكون البصري والذهني العام للصحراء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©