الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرحة العيد وأسفاره وثقافة الساندويتش

فرحة العيد وأسفاره وثقافة الساندويتش
7 سبتمبر 2010 22:23
سمعت من يقول «العيد قرب والسفر حان طاريه»، وقال لي صديق إنه سيقضي إجازة العيد في جزر سيشيل، ودعاني آخر إلى السفر معه في رحلة سريعة وقصيرة طالباً مني تحديد الوجهة على أساس أنني خبير في مثل هذه الأمور. ووجدت من ينصحني في هذه الحالة أن ابتعد عن أوروبا لأنها غالية هذه الأيام بالرغم من أن اليورو هابط والدولار كما هو لا يزيد بل ينخفض، ودرهمنا العزيز لا يزال مربوطاً بالدولار بسلاسل فولاذية ولا سبيل إلى كسرها أبداً، وهي قصة طويلة لن يفهمها واحد مثلي. وقال لي صديقي هذا بصوته الناصح الأمين الخبير عليك بجنوب شرق آسيا فلا تزال المعقل الوحيد حيث الدرهم لا يزال هو السيد المطاع. واكتشفت أن عدداً كبيراً من الشباب يخططون للسفر والسياحة في العيد، بل أن كثيراً منهم حزم حقائبه مبكراً ليغادروا البلاد في مساء اليوم الأخير من رمضان، استغلالا لفترة الإجازة الخاطفة خصوصاً هذا العام الذي تتقلص فيه إجازات كل المناسبات الدينية والوطنية والعالمية بما فيها يوم الفلانتين ويوم الأرض. ويبرر هؤلاء سفرهم في العيد بأن الإجازة الصيفية كانت قصيرة فقد داهمها رمضان مما أربك كثيرا من الناس الذين يتناوبون مع زملائهم في العمل في إجازات الصيف. وبالرغم من محاولاتي المستميتة في إقناع نفسي بأنني لست متخلفاً اجتماعياً الى هذه الدرجة وأنني عصري في كل شيء غير أن ذلك لم يساعدني في تخطي الشعور بالشفقة على نفسي لأنني لم أساير الشباب تماماً في هذا المجال. يبدو أنني لا زلت تقليدياً بعض الشيء في مثل هذه الأمور، لا زلت اقضي نصف إجازة العيد في البلاد مستغلا الإجازة لزيارة أكبر عدد من الأصدقاء والمعارف والأقارب الذين لن تزورهم ولن تراهم طوال العام، وتأتي هذه الفرصة الوحيدة من العام الى العام، واقضي النصف الثاني من إجازة العيد في الدوام. وربما اقطع الرتابة برحلات مكوكية بين العين وأبوظبي ودبي. وإذا حاولت اللحاق بالشباب والشعور بالعصرنة فإنني سأذهب الى «الكوفي شوب» وفي نفسي ريبة وشعور بعدم الراحة. هل يعقل أنني غبت عن الساحة الاجتماعية الى هذا الحد فلم أشعر بالتطور الذي طرأ على حياتنا الاجتماعية وعلى عاداتنا في العيد. وشعرت بالرعب من أنني كبرت بسرعة وصرت متخلفاً اجتماعياً ودقة قديمة كما يقولون وأنني لم أعد أساير العصر والشباب.. ماذا حدث هل تطورت الأمور في يوم وليلة..! لاشك أن كل شيء تغير والتطور والتغير سنة الحياة لكن تبقى هناك أشياء جميلة لابد أن نحتفظ بها حتى لو ماشينا العصرنة والحداثة. لقد ضاعت فرحة العيد وسط زحام الحياة وإفرازاتها وتعقيداتها، لدرجة أن صلة الرحم تلاشت ولم يعد الأطفال يشعرون بفرحة العيد أو أن هناك أصلا عيد، وهذا أمر خطير فهذه الأيام مباركة عند المسلمين كما هي الأعياد الدينية عند الغرب والتي يقدسونها ويحتفلون بها ويقيمون لها شأناً ووزناً كبيراً، هناك في الغرب تجد التجار يقدمون العروض والتخفيضات بينما تجارنا في بلاد المسلمين تجدهم يرفعون الأسعار ويضاعفونها بدلا من خفضها، يشعر كثيرون بأنه لم يبق من العيد إلا الإجازة التي هي أيضاً في طريقها إلى الزوال، فكل شيء يتغير ونمط الحياة يفرض علينا أن نفقد كثيرا من عاداتنا، فنفقد أهمية أعيادنا فيما نجد أبناءنا يحتفلون في مدارسهم بأعياد الغرب. وربما لترسيخ نوع من الجفاء بين الأقارب والأصدقاء فقد صار الناس يستسهلون إرسال الرسائل النصية القصيرة عبر الهاتف المتحرك بدلا من الاتصال أو الزيارة، إنه عالم سريع متغير قائم على «البارسل والفاست فود»، إنها ثقافة الساندويتش مرة أخرى والتي باتت تغزو كل شيء.ووجدتني أغرق في بحر من ذكريات العيد.. لازلت أذكر تلك الأعياد أيام الطفولة، وهي بالمناسبة أيام بعيدة جداً. لكنها تبقى أياما جميلة حتى لو كانت قديمة وبعيدة. كانت فرحتنا بالعيد لا تعادلها فرحة، العيد يمثل ذلك الشيء الكبير والمهم بالنسبة لنا، الملابس الجديدة والحلوى وجولة الصباح من أجل العيدية وضجيج الناس ودوي طلقات الألعاب النارية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©