الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيصل جاسم وثاني الشعفار يسخران التكنولوجيا لخدمة التراث

فيصل جاسم وثاني الشعفار يسخران التكنولوجيا لخدمة التراث
12 يونيو 2012
لم تترك التكنولوجيا جانباً من جوانب حياتنا العلمية أو العملية إلا ودخلته وتركت أثرها عليه، حتى عقولنا البشرية باتت التكنولوجيا تؤثر في طريقة تفكيرها وفي تشكيل رؤيتها وما تود الوصول إليه، في هذا الإطار لمعت في ذهن شابين مواطنين فكرة مبتكرة، أثبتا من خلالها قدرتهما على تطويع التكنولوجيا في خدمة التراث والهوية الوطنية. غدير عبدالمجيد (العين) - فيصل جاسم وثاني الشعفار ابتكرا برنامجاً أو تطبيقاً إلكترونياً يحتوي على قاموس إماراتي يضم عدداً كبيراً من الكلمات الإماراتية المحلية القديمة، ويترجمها إلى اللغة العربية الفصحى واللغة الإنجليزية، ويعرضها على أجهزة الآيفون والآي باد، وأطلقا على مشروعهما الذي رأى النور وانطلق صداه إلى دول العالم جميعها اسم «ذكريات». شرارة الفكرة على الرغم من أن فيصل جاسم (26 سنة) سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لإكمال دراسته الجامعية في تخصص التمويل والحسابات، إلا أن الغربة والبعد لم ينسياه حبه لوطنه وتراثه وماضيه، والدليل ما عمد إلى فعله من معجم إماراتي مع صديقه ثاني الشعفار بعد عودته من السفر. وعن فكرة هذا المعجم والغرض منه، يقول جاسم «ذات يوم أثناء جلوسي في المقهى مع صديقي ثاني، كنا نتحدث ونتذكر طفولتنا والألعاب التي كنا نلعبها والكلمات المحلية القديمة التي كنا نحكيها، ونحرص على إدخالها في كلامنا من شدة حنيننا لتلك الأيام، فإذا بثاني يقول لي هل تعلم أن جداتنا كن يقلن عن البطاطا «علي ولّم» فقلت له لا أعلم بذلك واستغربت، وحزنت لأنني لا أعلم بهذه الكلمة وأنا من أبناء هذا الجيل على الرغم من حبي الشديد للهجة المحلية القديمة، ومحاولتي أن أستخدم المصطلحات التي أعرفها منها في كلامي، وسألت نفسي عن ماذا ستكون حال الجيل القادم؟ هل سيتذكر التراث، وهل سيعرف اللهجة المحلية القديمة؟». ويتابع «عدت إلى البيت وسألت جدتي، فأشارت إلى أنهم فعلاً كانوا يسمون البطاطا «علي ولم»، ففكرت وصديقي ثاني بعد هذا الموقف أن نبدأ في مشروع يحفظ هذا التراث الشفوي أو المحكي الذي سيتلاشى ما لم يجر تدوين لغة الحوار التي كانت سائدة بين أهله». من جهته، يشرح الشعفار، وهو خريج إدارة أعمال من جامعة ميدل سكس في دبي، الخطوات التي سار بها جنباً إلى جنب مع فيصل أثناء تنفيذ فكرة المعجم، ويقول «بدأ كل واحد منا يجمع الكلمات والمصطلحات المحلية القديمة ويدونها على دفتر وذلك بسؤال جداتنا وأمهاتنا وخالاتنا وغيرهن من كبار السن، وصرنا نعمد إلى البحث في الكتب والنت أيضاً، ونعقد مقارنة لنتأكد من صحة الكلمات، ومن ثم بعد أن تثبتنا من أول 100 كلمة عمدنا إلى تدوينها في برنامج إلكتروني وليس في كتاب، وذلك لأن الناس صارت تتجه نحو القراءة الإلكترونية أكثر من القراءة الورقية أو المطبوعة في بطون الكتب، ولأن البرامج الإلكترونية على الهواتف الذكية تنتشر بسرعة البرق، فنحن في عصر تحكمه التكنولوجيا إلى حد كبير، ما يعني أنه بوضعنا المعجم الإلكتروني للكلمات الإماراتية المحكية سيصل إلى جميع بقاع الأرض وستتعرف إليه أكبر شريحة ممكنة من الناس وتقترب من ثقافتنا المحلية الغنية، فنحفظ بذلك لهجتنا التي هي جزء لا يتجزأ من تراثنا وهويتنا، ونساهم في تضييق الفجوة بين الأجيال وماضيهم ومستقبلهم». التحقق والتأكد أول صعوبة واجهت جاسم والشعفار بعد أن جمعوا وتثبتوا من مجموعة من الكلمات المحلية القديمة على أوراق دفاترهما، كانت في تطبيق فكرة المعجم الذي تخيلاه على هيئة برنامج إلكتروني، وذلك لعدم وجود خبرات لديهما في مجال التصميم والبرمجة؛ فقاما بحسب الشعفار بالتوجه إلى إحدى الشركات الوطنية للاستعانة بمصمم مواقع وبرامج إلكترونية، دون تركه يعمل على هواه، حيث تردد عليه جاسم وثاني كل يوم وعلى مدار شهرين، تمت خلالها عملية تصميم البرنامج وتطبيقه وفق ما أرادا، حيث كانا يشرحان للمصمم شكل التصميم والألوان التي يريدانها وما إلى ذلك، ومن بعد تسلمهما للبرنامج قاما بإدخال المصطلحات إليه، حيث يكون لكل كلمة محلية ما يقابل معناها بالفصحى وباللغة الإنجليزية. وعن مميزات المعجم الذي أسمياه ذكريات، يقول جاسم «الكلمات في المعجم مقسمة على 12 باباً، حسب نوعها، فهناك باب للكلمات التي تقال في البحر، وباب لكلمات البر وللأطعمة والأفعال، كما رتبت المصطلحات أيضاً حسب الحروف الهجائية، بطريقة بسيطة في متناول الجميع، حيث يمكن إنزالها من أي جهاز آي فون أو آي باد بشكل مجاني». ويضيف «أطلقنا هذا البرنامج بعد أن تم اعتماده كأحد برامج شركة آبل، يوم الثاني من ديسمبر الماضي، وتعمدنا إطلاقه في هذا التاريخ احتفالاً باليوم الوطني الأربعين، وهدية امتنان وعرفان للدولة على ما قدمته لنا». ويوضح «وضعنا في البرنامج بعد هذا التاريخ أضعاف الكلمات التي كانت فيه، حيث وصل العدد الحالي إلى 317 كلمة، ولدينا 200 كلمة جار التأكد والتثبت من صحتها قبل إضافتها ونشرها من خلال البرنامج الرئيس، الذي لا يمكن التحكم به بالإضافة أو الحذف إلا من خلالي أنا والشعفار». الترويج الإعلاني يؤكد جاسم أن برنامج «ذكريات» استقطب أكثر من 5 آلاف شخص، أنزلوا على هواتفهم وأجهزة الآي باد هذه الكلمات، وهذه الشخصيات من داخل الدولة وخارجها، إذ أسهمت ميزة التسجيل في التعرف إلى عدد الشخصيات التي أنزلت البرنامج ومكان وجودها، فمنهم من الإمارات ومنهم من أميركا ومن السعودية ودول الخليج وغيرها. صعوبة تصميم البرنامج وتطبيقه ليست الصعوبة الوحيدة التي واجهت جاسم وثاني، بل توجد صعوبات أخرى يذكرها الشعفار «أكبر صعوبة كانت في عدم وجود من يرشدنا في كيفية عمل خطة لمشروعنا، خطة تكفل سير العمل وتسويق المشروع بنجاح، فهذا أول مشروع لنا ونحن نجهل ذلك، إذ لا يوجد لدينا تجارب سابقة، لكننا نجحنا والحمد لله، ومن الصعوبات أيضاً، إيجاد جهة تتولى نفقات تسويق البرنامج واعتماده من شركة آبل، فقد خاطبنا جهات عدة في الدولة التي رحبت بنا، لكن ذلك تطلب إجراءات ومقابلات ومراسلات عدة، ونحن لا يتوافر لدينا الوقت الكافي، لذلك تحملنا نفقات المشروع الباهظة». ويضيف «بعد نجاحنا وإنزاله على الآيفون والأي باد، حاولنا أن نجذب بعض الشركات عبر الإعلان لها من خلال منتجنا، وفي الوقت نفسه تدفع لنا مبالغ بسيطة نغطي عبرها تكاليف تطوير البرنامج، لكننا للأسف لم نفلح في إقناع تلك الشركات في تسويق نفسها من خلالنا، باستثناء شركة وطنية صغيرة تفاعلت معنا، وأصبح الكثيرون يعرفونها من خلال برنامجنا». ويؤكد الشعفار تفاعل الناس مع برنامج ذكريات، والدليل أن الكثيرين يحاولون المشاركة بالاتصال بهما أو إرسال رسائل على «فيس بوك» و»تويتر» أو الهاتف النقال، يخبرونهما فيها عن كلمات محلية غير مذكورة في البرنامج ويطلبون إضافتها والتعريف بها، وهما بصدد التأكد من صحة هذه الكلمات، وسيضيفون في القريب ميزة للبرنامج أو المعجم تسمح لتلك المقترحات أن تصل إليه ليتعامل معها الشعفار وجاسم بعد وصولها إلى البرنامج الرئيسي لديهما، والذي يمكن عبره التأكد منها قبل نشرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©