محمد عبد الرحيم:
علقت ماليزيا المفاوضات الرامية الى تحسين العلاقات الثنائية مع سنغافورة في نفس الوقت الذي تخلت فيه عن خططها المثيرة للجدل والتي تهدف لبناء جسر يربط بين الدولتين·
ويأتي هذا القرار المفاجئ من مجلس الوزراء الماليزي بعد أشهر قليلة من تنازع وخلافات بشأن الجسر حيث طالبت سنغافورة ان يتم بناؤه وفق صفقة كاملة تشتمل على حل بعض المشاكل الثنائية الأخرى العالقة بين البلدين·
وكما ورد في صحيفة الفاينانشيال تايمز مؤخراً فإن سنغافورة ترغب في ان تقوم ماليزيا بتوفير الرمل الخاص بمشاريع اعادة استرداد الاراضي وتمنح القوات الجوية السنغافورية حق الطيران فوق أراضيها لأغراض التدريب مقابل ان توافق المدينة - الدولة على بناء الجسر· وقد هددت سنغافورة بأنه في حال مضت ماليزيا قدما وبشكل احادي في مشروع الجسر فإنها سوف تعتبر هذا الامر بمثابة انتهاك واخلال باتفاقية المعاهدة بين البلدين·
ويذكر ان العلاقات الثنائية بين البلدين ظلت تعاني من النزاعات والمشادات حتى منذ ان انفصلت سنغافورة عن ماليزيا بعد فترة وجيزة من الاتحاد· وكانت ماليزيا ترغب في ان يحل الجسر محل ذلك الطريق العلوي فوق البحر الذي يبلغ عمره 84 عاما ولكنه ظل يقف عائقا أمام الوصول الى السفن عبر مضيق جوهور الذي يفصل البلدين عن بعضهما البعض· واستمرت كوالالمبور تتطلع الى تحويل ولاية جوهور في الجنوب الى محور اقليمي للنقل يصبح باستطاعته منافسة سنغافورة الا انها ظلت تعتبر هذا الطريق العلوي عائقا أمام خططها الطموحة·
اما سنغافورة من جانبها فتعتقد بأن صفقة شاملة تتضمن بناء الجسر من شأنها ان تؤدي الى اتفاق علي المزيد من المسائل الشائكة مثل تسعير امدادات المياه الحيوية لها من ماليزيا الا ان عبد الله بدوي رئيس الوزراء الماليزي قال إن حكومته 'قررت تعليق جميع المفاوضات التي تتعلق ببناء الجسر' بسبب اعتراض الشعب الماليزي على جميع المقترحات التي تقدمت بها سنغافورة·
ولكن وزير الخارجية السنغافوري صرح قائلاً 'لقد تملكتنا الدهشة من هذا القرار المفاجئ في الوقت الذي تمضي فيه المفاوضات قدما فيما يختص ببناء كامل الجسر'·
وعلى كل فقد تواترت تخمينات تفيد بأن ماليزيا ربما لجأت لاتخاذ هذا القرار كتكتيك يهدف للمساومة وحث سنغافورة للتخلي عن التعنت في بعض مطالبها بيد ان ماليزيا مضت مؤخرا في حفر الأراضي الخاصة ببناء الجسر فيما اعتبر مسعى من جانبها للضغط على سنغافورة لتغيير موقفها· ويقال إنها سوف تعمد الى بناء النصف الخاص بها من الجسر فوق مياه المضيق على ان تترك لسنغافورة بناء النصف الخاص بها متى ما رغبت في ذلك·
بيد ان القرار الذي اتخذته كوالالمبور مؤخرا اصبح يمثل انتكاسة لرئيس الوزراء السنغافوري لي حسين لونج الذي عين سلفه جوه شوك تونج رئيس الوزراء السابق لكي يقود الجهود والمساعي الرامية لحلحلة النزاعات والمشاكل القائمة مع ماليزيا· وظل عبد الله بدوي من جانبه يخضع لضغوط عاتية يمارسها عليه السياسيون في ولاية جوهور معقل الحزب الوطني الماليزي المتحد الحاكم بضرورة عدم تقديم تنازلات لسنغافورة والذي يعتبر مطالبها مستفزة وتنطوي على انتهاك للسيادة الماليزية· وفي الوقت الذي أعربت فيه سنغافورة عن تحفظاتها بشأن بناء كامل الجسر مبدية ملاحظات عن ضخامة حجم التكلفة والنفقات فإن ماليزيا استمرت من جانبها تدعى بأنه ضروري للمساعدة في تسريع الحركة المرورية وتحسين البيئة عبر سماحه بمرور المياه في انسيابية ودون وجود عوائق في داخل مضيق جوهور·
عدد اليوم
