السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنجلاديش ومعضلة اللاجئين الروهينجا

30 سبتمبر 2017 22:24
أدى الوصول المفاجئ لنصف مليون من مسلمي الروهينجيا، إلى قلب شكل الحياة رأساً على عقب في قرية جندوم (البنغالية) المتواضعة، التي تئن الآن تحت وطأة واحد من أكبر تجمعات اللاجئين في العالم. يوم السبت الماضي، جلست مجموعة من سكان القرية لاحتساء شاي منتصف النهار، على كنبات أمام متجر للتموينات في القرية. وكانت مناقشاتهم تردد أصداء مناقشات أخرى تدور في مختلف أنحاء العالم، بشأن تكلفة التعاطف مع اللاجئين، وتتسم دائماً بمشاعر متناقضة. ودارت المناقشات أمام المتجر أساساً حول الشكوى من ارتفاع أسعار الأرز والخضراوات والصابون والمواصلات. وفي هذا الشأن تقول «منوارا بيجوم» صاحبة المتجر: «الروهينجا المقيمين هنا منذ عام 1991 أغنياء، فلديهم هواتف جميلة، وبيوتهم مزودة بألواح توليد الطاقة الشمسية، وحالتهم بشكل عام أفضل من حالتنا». ويدلي «جوشيمو الدين»، معلم المدرسة الابتدائية في القرية بدلوه في الحديث، فيقول:«هناك الجريمة أيضاً، إذا ما قام أحد الروهينجا بضرب شخص ما، أو حتى قتله، يمكنه الاختباء في معسكر اللاجئين، ولن نستطيع فعل شيء في مثل هذه الحالة، لأن الروهينجا يفوقننا عدداً». ويضيف: «ليس معنى ذلك أنني لا أتعاطف معه، ولكن..»، فتكمل «بيجوم» فكرة المدرس فتكرر الاتهام الذي تردده سلطات ميانمار وتقول: «لقد بدأ أولادهم بالهجوم على قوات جيش ميانمار، فما الذي كانوا يتوقعون أن يحدث؟». أما «إكلاش ميان»، وهو مزارع في القرية، فبدا أكثر تعاطفاً: «إنهم فقراء، وهم في ورطة، دعوهم ياتون، وسوف نتدبر أمرنا». ومن المؤكد أن الواصلين الجدد إلى القرية من لاجئي الروهينجا، هم من الفقراء المنهكين، حيث وصل العديدون منهم دون أي شيء غير حقيبة ملابس يحملها على ظهره. أما البعض منهم ممن كانت لديهم فرصة ليجلبوا معهم مواشيهم ومتاعهم المنزلي القديم، فقد باعوها بأسعار زهيدة لأصحاب الزوارق التي حملتهم عبر مصب نهر يفصل قراهم المحترقة في ماينمار مع بنجلاديش. ومع أن منظمات الإغاثة تكافح لتوفير أدنى حد ممكن من الاحتياجات الأساسية للروهينجا، فما يزال الآلاف منهم يصطفون على امتداد الطريق الرئيسي المؤدي إلى القرية، متسولين الصدقات. والمشكلة الكبرى أن بنجلاديش، التي يصل إليها هؤلاء اللاجؤون، ليست منارة للازدهار، ولا هي دولة لديها مساحات شاسعة من الأراضي يمكن أن تستوعب هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين، كما أنها تعاني من كثافة سكانية تفوق أية دولة أخرى (3000 شخص لكل ميل مربع)، أما متوسط نصيب المواطن البنجالي من الدخل القومي فيقل عن 1,500 دولار سنوياً. ويزداد الاكتظاظ السكاني والفقر والتخلف في أقصى جنوب شرق البلاد، حيث انضم نصف مليون من الروهينجا الوافدين إلى مئات الآلاف ممن كانوا قد فروا من موجات العنف السابقة. ويذكر أن رئيسة الوزراء البنجالية، الشيخة حسينة، هوّنت الأسبوع الماضي من شأن الشكوك المثارة حول قدرة بلدها الفقير على التعامل مع تدفق اللاجئين، وأكدت أن رفاه الروهينجا يعتبر شأنا وطنياً بالمقام الأول. وقالت: «صحيح أن بنجلاديش ليست دولة غنية، وأن سكانها البالغ تعدادهم 160 مليون شخص يعيشون في مساحة جغرافية صغيرة.. لكن طالما استطعنا إطعام 160 مليون إنسان، فإنه يمكننا إطعام 500 أو 700 ألف شخص وافد جديد إلينا». وفيما يأمل الساسة أن يرى البعض فيما يقومون به تجاه الروهينجا تعاطفاً، فإن البعض الآخر يرى أن موقفهم من الروهينجا قد يكون وسيلة لنيل دعم اليمين الديني، المرحب باللاجئين، في الانتخابات القادمة. فالمعسكرات مليئة بالجماعات التطوعية من المدارس والمنظمات الدينية التي توزع الطعام والملابس والنقود على لاجئي الروهينجا. أحد أعضاء هذه الجماعات «حسين»، مدرس في مدرسة دينية، وكان يوزع الملابس على اللاجئين في أحد المعسكرات ويقول: واجبنا أن نساعد الروهينجا إلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم مرة أخرى، وفي انتظار ذلك سيظلون ضيوفنا». ربما كان من السهل بالنسبة لحسين أن يقول هذا الكلام، لأنه يعيش في مدينة «براهمانباريا» التي تبعد 250 ميلاً عن معسكرات الروهينجا التي يزداد عدد سكانها يوماً بعد آخر. *كاتب أميركي متخصص في الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©