الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بحر غزة يختنق

30 سبتمبر 2017 22:27
لطالما كان شاطئ البحر منذ زمن بعيد يمثل المتنفّس الوحيد للمليوني نسمة الذين يقطنون قطاع غزة، المعزولين عن بقية العالم. فهم يرتادونه لممارسة السباحة ولعب كرة القدم والاستجمام وربما بغرض الترفيه والترويح من زحام القطاع الخانق. إلا أن هذه السلسلة من الشواطئ المجاورة للقطاع، التي اعتادت أن تكون عامرة بالمرتادين والمتنزهين، شهدت القليل من الإقبال هذا الصيف. ويعود سبب ذلك للروائح الكريهة التي تنتشر من قطاعات واسعة تمتد لمئات الأمتار من مياه البحر التي تحوّل لونها إلى البنّي بسبب التلوث. وفي كل يوم من أيام الصيف يصب في بحر غزة ما يقدّر بنحو 100 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة، أو التي لم تتم معالجتها على النحو الكافي. ويؤدي نقص الكهرباء إلى تعطيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي وإيقافها عن العمل. وبلغت مستويات التلوث هناك الحد الذي دفع بإسرائيل إلى إغلاق شواطئها المجاورة للقطاع. وقالت مصادرها إنها اتخذت هذا الإجراء لأسباب صحية، وطلبت من السلطة الفلسطينية إيجاد الحلول المناسبة للمشكلة. وبادر مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط جيمس جرينبلات إلى طرح المشكلة من خلال تصريح أدلى به في نيويورك الأسبوع الماضي قال فيه إن مياه الصرف الصحي غير المعالَجة «تخلق مشكلة لا ضرورة لها بين الطرفين». إلا أن مياه البحر الملوثة تزيد من بؤس مواطني غزة الذين يعانون أصلاً من تقييد تحركاتهم ووقف تجارتهم بسبب الحصار الذي تفرضه عليهم إسرائيل. ويعاني القطاع ذو الكثافة السكانية العالية من معدل بطالة هو الأعلى في العالم أجمع. ثم إن البنى التحتية لقطاعي التعليم والخدمات الصحية أصبحت في أسوأ حالاتها بعد أن عانى القطاع من حروب متكررة. وقال صياد سمك من غزة: «يمثل ارتياد الشاطئ الطريقة الوحيدة لتنفس الهواء في غزة بعد أن أصبحت حياتنا كلها تحت الحصار». وأشار إلى أن الصيادين يعانون أشد المعاناة بسبب الإجراءات الإسرائيلية التي تقضي بمنعهم من الابتعاد عن الشاطئ لأكثر من ستة أميال بحرية (11 كيلومتراً). وتقول إسرائيل التي خاضت ثلاث حروب ضد حركة «حماس» إن هذه الإجراءات ضرورية لأسباب أمنية بهدف منع التهريب إلى غزّة. ويؤكد الصيادون أنهم يتجاوزون تلك المسافة المحددة حتى يبتعدوا عن القطاعات المائية الملوثة، إلا أن بعض سكان القطاع يتخوفون من شراء وتناول الأسماك التي يأتي بها الصيادون بسبب تلوثها. ويشتهر قطاع غزة بمآكله البحرية التي تضاف إليها الصلصات الحارّة. وقبل سيطرة «حماس» عليه عام 2007، كان القطاع يصدر الأسماك إلى إسرائيل والضفة الغربية. ومنذ ذلك الوقت، طبقت شددت إسرائيل الحصار على القطاع. وقال صياد غزاوي آخر: «إن الحقيقة المؤكدة الآن هي أن البحر ملوّث». وأشار إلى أن القليل من الناس يشترون السمك بسبب التلوث، وآخرون ليست لديهم أصلاً القدرة المادية لشرائه. خاصة بعد أن خفضت السلطة الفلسطينة رواتب عشرات الآلاف من موظفيها في غزة إلى ما يقارب الثلث. وخلال الأسابيع الأخيرة، ظهرت بعض بوادر الانفراج في هذه القضية. ومن المنتظر أن يقوم رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله بزيارة إلى غزة الاثنين المقبل في إطار خطة للمصالحة بين حركة «حماس» ومنظمة «فتح» بعد 10 سنوات من القطيعة بينهما. وفي إطار هذه المصالحة، أعلنت «حماس» مؤخراً عزمها على حلّ سلطتها الإدارية في غزة التي تمارس دور الحكومة، وذلك نزولاً عند طلب الرئيس عبّاس بعد محادثات أجراها الطرفان في مصر. وقالت إنها مستعدة لإجراء انتخابات عامة، ودَعَت إلى تشكيل حكومة موحدة تضطلع بمسؤوليات الحكم في غزة. ومنذ زمن بعيد، لم تظهر بوادر لرفع الإجراءات العقابية المفروضة على «حماس». وحتى لو ظهر ذلك فإن المشاكل المتعلقة بنقص الإمداد بالطاقة الكهربائية ومعالجة مياه الصرف الصحي ستتواصل لمدة طويلة. وكاد العمل في مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي التي تصب في بحر غزة يتوقف تماماً لعدة أسباب من أهمها الحروب ومنع إسرائيل لدول أخرى من تمويله. وقد ألقى المبعوث الأميركي «جرينبلات» باللوم في هذه المشكلة على حركة «حماس» أيضاً واتهمها بتحويل المبالغ المخصصة لهذا الغرض واستخدامها في أغراض ذات طابع عسكري بدلاً من دفع المستحقات المترتبة عليها للسلطة الفلسطينية مقابل الخدمات التي تقدمها للقطاع. * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©