الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خديجة محمد: جلسات نساء الفريج شكّلت لهن قديماً ملتقى مهنياً ثرياً

خديجة محمد: جلسات نساء الفريج شكّلت لهن قديماً ملتقى مهنياً ثرياً
29 يناير 2010 21:27
تواصل الوالدة خديجة محمد ترجمتها لعشق الوطن وماضيه عبر اهتمامها وعنايتها بتراثه المحلي المتمثل ببعض الحرف اليدوية ومنتجاتها التي كانت في زمن الأجداد مستلزمات يومية تجديهم في الحياة القاسية التي عاشوها آنذاك. واتجهت مؤخراً عبر الجمعيات النسائية إلى تدريب فتيات الإمارات على ممارسة بعض تلك المهن وإكسابهن مهاراتها حفاظاً على تراث الجدات في الدولة. «منذ كنت طفلة شغفت وقريناتي بالعبث بالأدوات الحرفية في غياب أمهاتنا أو مراقبة نساء الفريج، وهن يزاولن نشاطهن الحرفي بعد الانتهاء من الأعمال المنزلية، أو محاولة مشاركتنا أمهاتنا في بعض الأعمال الحرفية التي كن يقمن بها، فكانت البيئة ثرية بالعمل الذي لا تتركه النسوة إلا بعد أن ينتهين من إنتاجه». هذا ما تقوله خديجة محمد القادمة من زمن أمهاتنا الشغوفات بفنون الماضي الذي ارتبط به إنسان الإمارات كثيراً، وما زال يرتبط به تعبيراً عن أصالته وتمسكاً بها، فولعها بالمورث الشعبي وما يتصل به من حرف يدوية ناتج عن تقديرها لتراث الأجداد. ملامح تراثية سعت الوالدة خديجة إلى القيام بدور أكبر من مجرد إنجاز منتجات يدوية، إذ باتت تلقن ما تعرفه عن هذه الحرف للفتيات في الجمعيات النسائية والتراثية. تقول: «منذ سنوات صارت الحرف التراثية القديمة تنسج على أيدي الأمهات والجدات داخل الجمعيات النسائية وتعرض في المعارض والمناسبات العامة، فالجمعيات النسائية كانت بمثابة البيئة التي تضم ملامح تراثية بتفاصيلها الدقيقة التي كانت منذ عهود بسيطة هي الأدوات التي يعتمد عليها الأجداد في تسيير أمور حياتهم اليومية، فهي نتاج ما ضمته تلك الأرض من مواد خام نسج منها الكثير من الأعمال والمشغولات التي كانت مصدراً لكسب الرزق». تضيف: «تم في عصرنا الحالي إحياء التراث الشعبي من خلال غرس فنونه ومبادئه في نفوس الأجيال وتلقينهم أسس هذه الفنون التي تفنن الأهالي في إبداعها، لتكون في نهاية المطاف خير ما يقدمه الأجداد للأجيال من مفاهيم وصور ستعزز مفهوم الأعمال الحرفية التي لا بد أن تضيء مجدداً وتبرز بطريقة جذابة». دورات تدريبية داخل أروقة الاتحاد النسائي قدمت الوالدة خديجة مجموعة من الحرف النسائية وسط أجواء أعادت إلى ذهنها مشهد نساء الفريج، وهن مفترشات الأرض في باحة الحي يتجاذبن أطراف الحديث وأيديهن تنجز مجموعة من الحرف، هذه المشاهد التي ظلت في ذاكرة الزمن لم تغب عن اهتمامات الوالدة خديجة، تقول في ذلك: «طرقت بوابة الاتحاد النسائي لأكون أقرب إلى هذه الأعمال في محاولة جادة مني لأن أكون واحدة من ضمن اللواتي يقمن بإحياء هذه المشغولات الفنية اليدوية، وأعرّف الفتيات وعضوات الجمعية بمختلف هذه المشغولات وكيفية إنجازها من خلال دورات تدريبية». تضيف: «من الجميل أن نرى الفتيات يبحثن في خبايا هذه الفنون ويحرصن على المشاركة في العديد من الدورات التي تقام في الجمعيات النسائية، ويبادرن إلى الحضور والعمل والتدريب لاكتساب هذه المهارات، وأنا كمعلمة أحاول أن أذلل المصاعب لهن من خلال تلقينهن أسس الأعمال بطريقة سهلة وبسيطة. فمشاركتي في إحياء هذا النوع من التراث عبر الاتحاد النسائي فرصة لي لأمارس عملاً أمضيت فيه أحلى سني حياتي إلى جانب نقله للجيل الجديد لضمان عدم اندثاره». برامج منظمة تشير الوالدة خديجة إلى أنه تم إطلاق برامج منظمة عبر الاتحاد النسائي تستهدف الفتيات والسيدات بغية إحياء تلك الحرف والفنون، أشرف عليها «قسم التراث» في الاتحاد، تقول: «استقطب القسم مجموعة من الفتيات اللاتي وجدنا لديهن رغبة قوية في تعلم هذه الفنون، وعملنا على جذبهن من خلال تعليمهن الحرف الأسهل ثم تأتي المراحل الأصعب من هذه الحرف، كما قمنا بعملية تطوير بعض المنتجات باستخدام الأدوات نفسها، فمن غزل الصوف وهو عمل «النول» أنتجت الفتيات مختلف أشكال وأحجام السجاد والحقائب، ومستلزمات يمتزج التراث فيها مع المعاصرة، إضافة إلى عمل بعض النماذج من البيوت القديمة التي ارتبطت بالبيئة المحلية لتعريف الأجيال بالنمط المعيشي للبيئة القديمة». تسترسل مضيفة: «كانت هناك مشاركات فاعلة في الكثير من المناسبات سواء المحلية منها والخارجية لعرض هذه المنتجات والتشجيع على وجودها في الأسواق. فلابد أن نغرس هذه الفنون في نفوس فتياتنا، ونعمل على بناء لغة تواصل فنية حية من خلال عملية تطوير هذه الفنون، بحيث تواكب التطور والحداثة، مع الحفاظ على الطابع الأساسي للعمل». بيئة خصبة لاتنسى الوالدة خديجة طبيعة الحياة الاجتماعية السائدة في البيئة المحلية قديماً، إذ كان لها الأثر الكبير في التنمية ثقافياً ودينياً ومهنياً وتعزيز ارتباط النسوة ببعضهن اجتماعياً، تقول: «لم نكن ننفك عن مشاركة بعضنا في جميع المناسبات التي تقام في منازل الفريج، كنا أسرة واحدة مترابطة نهب لتقديم المساعدة لبعضنا، وكل منا تكمل الأخرى في العمل الذي تقدمه، فيما أضحت جلسات نساء الفريج ملتقى مهنياً ثرياً، وهن يتجاذبن أطراف الحديث ويناقشن مجمل القضايا التي تشغلهن». هذه البيئة الخصبة بمهارات وفنون حرفية تقليدية كان لها الدور البارز في حياتهن، تشير إلى ذلك الوالدة خديجة وتقول: «جعلتنا كفتيات في تلك الفترة نتعامل مع هذه الحرف بجدية من خلال المثابرة على تتبع مراحل تعلمها خطوة بخطوة، ونحن نرقب أمهاتنا وجداتنا الحريصات على غرس هذه الحرف وتوريثها لنا، فكنت شغوفة بتلك الحرف التي أبصرنا وجودها وهي بين أنامل أمهاتنا وجداتنا، فأول ما تقوم به الفتاة في الماضي هو أن تباشر في تعلم بعض الأسس والمهارات الحرفية التي كانت ضرورية في تلك الفترة الزمنية، حتى تكون على دراية تامة بكل ما يجب أن تتعلمه الفتاة قبل أن تدخل بيت الزوجية». تضيف: «أذكر أن أمي أرسلتني إلى البحرين وبقيت لمدة عام، لأكون قريبة من ابنة عمتي التي تعلمت على يديها فنون الخياطة، ونسجت بضلها الكثير من الملابس النسائية إضافة إلى أعمال التطريز لنزين به الأثواب، لم تكن أعمالنا محصورة فقط في خياطة الملابس ولكن أنتجنا الوسائد والأغطية باختلاف استخداماتها وأشكالها، فضلاً عن مهارات الخياطة التي أتقنتها، إلا أن فنون ومهارة الحرفة التي ارتبطت بطبيعة المكان كانت كثيراً ما تحاكي شغفي المستمر بتعلم فنونه، ومنها فنون ارتبطت بعمل النساء كنسج التلي، والتطريز، والسدو- غزل الصوف، والخوص وصناعته المتعددة»
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©