الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل نسيت روسيا و«الناتو».. دروس الحرب الباردة؟

13 يونيو 2015 01:38
أن تعرف عدوك لا يعني أن تكسب الحرب فحسب، ففي بعض الأحيان قد يكون هذا أيضا حاسماً للحفاظ على السلام. وكان هذا هو الحال عام 1983، خلال تدريبات ضخمة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» لاختبار قدراته للرد على أي غزو سوفييتي محتمل لأوروبا الغربية. ومع ذلك، بدت المناورات العسكرية «إيبل أرتشر»، التي اشتملت على استخدام محتمل لأسلحة نووية لوقف تقدم العدو، في عيون السوفييت تماماً بنفس الطريقة التي توقعت بها المخابرات السوفييتية «الضربة الأولى» النووية الاميركية في سيناريوهاتها المفترضة. وعلى رغم أن الكثير من التفاصيل عن كيفية تجنب الحرب لم يُكشَف عنها، إلا أن الخبراء من كلا الجانبين يقولون إن العالم كان على حافة «هرمجدون» نووية من خلال سلسلة من حالات سوء الفهم التي يمكن تداركها. وكانت هذه واحدة من حالات عديدة خلال الحرب الباردة أقنعت موسكو وواشنطن بضرورة تعزيز الاتصالات العسكرية وإنشاء قنوات اتصال رسمية وغير رسمية من شأنها أن تحول دون وقوع الأسوأ في حالة الطوارئ. وكل هذه الروايات القديمة المستدعاة من الذاكرة لها صلة جديدة وعاجلة بما تقود إليه الأزمة حول أوكرانيا من توترات متنامية بين الشرق والغرب، وصلت الآن إلى مستويات غير متوقعة منذ الحرب الباردة. وتشارك الآلات العسكرية من كلا الجانبين في جولات حرب لا تتوقف تقريباً وترمي إلى استعراض الاستعداد أمام شعوب الطرفين القلقة، وهناك مناورات وتحركات مخيفة بين الطائرات الحربية تتضاعف فيما تحاول القوات الجوية الروسية العودة إلى نمط الحقبة السوفييتية الذي يتمثل في تسيير الدوريات العالمية في الأجواء الدولية. وكل هذا يحدث في الوقت الذي يغيب فيه الحوار، حتى على أعلى المستويات. وفي هذا السياق يقول «فيكتور بارانيتش»، المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الروسية: «ليس فقط الاتصالات، ولكن الآليات الأخرى التي كانت موجودة لم تعد ببساطة تعمل بعد الآن». واستطرد «لا أريد أن أبدو مثيراً للقلق، ولكن بالحكم استناداً إلى الوتيرة السريعة للأحداث والتصعيد المتنامي من كل الجوانب، ربما نكون متجهين نحو كارثة. إن الأمر يبدو وكأننا نعد قنبلة، ولكن لا أحد يعلم متى وكيف ستنفجر. ونحن نتحرك تدريجياً من الحرب الباردة إلى حرب ساخنة». إن تراجع التصعيد بين الجيشين الروسي والأميركي يعد في جزء منه نتيجة طبيعية لنهاية الحرب الباردة. ومعظم آليات التواصل القديمة ألغيت بعد أن أصبحت غير ضرورية منذ 25 عاماً. ونتيجة لذلك، أصبح طيارو المقاتلات وقباطنة السفن يفتقرون إلى خبرة أسلافهم في الحرب الباردة، الذين كانت لديهم عزيمة قوية وخبرة كبيرة نتيجة اللقاءات المنتظمة مع العدو. بيد أن روسيا وحلف «الناتو» قطعا العلاقات فيما بينهما العام الماضي وسط خلاف متصاعد حول أوكرانيا، كما انتهت تقريباً الاتصالات على المستويات الدنيا أيضاً. وفي الشهر الماضي أعلن «الناتو» أنه بصدد تأسيس «خط ساخن» على نمط الحرب الباردة مع هيئة الأركان العامة في موسكو. ولكن هذا جاء فيما طرد «الناتو» عشرات من ممثلي روسيا الذين كانوا يتمركزون سابقاً في مقره في بروكسل. ويقول مسؤولو البنتاجون إن القرار الأميركي، ضمن «الناتو»، بخفض مستوى العلاقات العسكرية مع روسيا كان هو الشيء الصواب الذي ينبغي فعله «في ظل أعمال روسيا في أوكرانيا». وتقريباً تم إغلاق جميع التعاقدات الثنائية، بما في ذلك التدريبات العسكرية، واللقاءات الثنائية وزيارات الموانئ ومؤتمرات التخطيط. وهم يقولون، مع ذلك، إنهم يواصلون الحفاظ على «خطوط مفتوحة للاتصال مع روسيا». ويخشى بعض الخبراء من أن يثبت الخط الساخن عدم جدواه مع ارتفاع حدة التوترات ومع زيادة التصعيد ومدة المناورات الحربية من كلا الجانبين، وتراجع الجهود الحقيقية المبذولة لرؤية وجهة نظر الطرف الآخر. ويقول رئيس أركان الجيش الأميركي «ريموند أوديرنو» إن انحسار الاتصالات يشكل حقاً مصدراً للقلق. وأضاف في يوم 28 مايو الماضي «إنني مقتنع بأهمية مواصلة النقاشات. وفي رأيي، عندما لا تتحدث، فإن العلاقات تتدهور بشكل أسرع لأنك ستسيء التفسير. إنك لا تفهم تماماً ما الذي يقال، وليست لديك الفرصة لمناقشة أصعب القضايا» مع الطرف الآخر. ولا تزال الأسلحة النووية الاستراتيجية تخضع لضوابط صارمة. ومنذ خمس سنوات وقعت روسيا والولايات المتحدة معاهدة «ستارت» الجديدة، التي تلزم الطرفين بأعداد محددة من الرؤوس الحربية وأنظمة التسليم. ولدى المعاهدة الجهاز الخاص بها من أجل التحقق والتشاور المتبادل. بيد أن معاهدة الحرب الباردة التي حظرت جميع الصواريخ النووية متوسطة المدى في أوروبا تتعرض حالياً لضغوط جديدة، مع اتهام الولايات المتحدة لروسيا بارتكاب انتهاكات ودعوة بعض السياسيين الروس علناً لإلغاء الاتفاق تماماً. وتحذر روسيا بأنها ربما تنشر صواريخ إسكندر النووية في القطاع الغربي من منطقة «كالينينجراد» والقرم، ما يضيف بعداً نووياً آخر للمواجهة الحالية، التي وصلت أصلاً درجة تصعيد غير مسبوقة. * صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©