الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التوابل تشعل نار الأسعار في الهند

التوابل تشعل نار الأسعار في الهند
16 يناير 2011 21:23
تشكل التوابل أهمية كبرى للاقتصاد الهندي منذ القدم، وفي العصور الوسطى كان الفلفل الأسود يستخدم كعملة نقدية كما كانت حفنة من حب الهيل تسد دخل صاحبها ربما لأسابيع، وبعد ذلك بقرون أضحت التوابل من أهم مؤشرات التضخم في شبه القارة الهندية. وقال سوراج جوبل التاجر في خاري باولي في حي دلهي القديم، المؤلف من شبكة من الأزقة الملتفة والذي يشكل أكبر سوق تجارة التوابل بالجملة في آسيا: “لم يسبق على الإطلاق أن ارتفعت أسعار التوابل إلى هذا الحد”. وتنشغل عائلة جوبل على بيع التوابل العطرية كالشطة الحمراء والزنجبيل وجوزة الطيب لأكثر من 65 عاماً. بلغ الفلفل الأسود وحب الهيل والكركم أعلى أسعارها على الإطلاق في الأشهر القليلة الماضية، بينما زادت أسعار الزنجبيل والتمر هندي ومسحوق جوزة الطيب زيادة كبيرة بحسب هيئة التوابل الهندية بنسبة تراوحت بين 30 و50 في المئة في عام 2010. ورغم ان القليل من أصناف التوابل يباع بعقود آجلة إلا أن تلك التي تباع على هذا النحو شهدت أسعارها ارتفاعاً حاداً، قفز سعر الكركم أهم مكونات مسحوق الكاري نحو 150 في المئة بين شهري يناير ونوفمبر، بينما زاد سعر الفلفل الأسود أكثر من 80 في المئة بحسب براناف مير كبير محللي السلع في مؤسسة منجال كيشاف المتمركزة في بومباي. وتعتبر سوق التوابل على خلفية العديد من العوامل ذاتها التي دفعت أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ أزمة الغذاء عام 2008، إذ تضرر الإنتاج جراء الأحوال الجوية غير العادية التي ضربت محاصيل عالمية كالقمح والشعير والسكر والبن، وقد أدى ضعف موسم الرياح الموسمية عام 2009 المتبوع بفترة أمطار طويلة عام 2010 إلى تقليص إمدادات المحاصيل العطرية. في ذات الوقت مع تيسر الهنود مادياً اضحوا يستهلكون مزيداً من التوابل المحلية. في ذلك قال ساكتي سينج المشرف في متاجر هالديرام التي تبيع الحلوى الهندية الطازجة: “نظراً لارتفاع دخل الناس في الهند تزايد إنفاقهم على الكماليات مثل الحلوى والوجبات الخفيفة سواء التي يصنعونها في المنزل أو يشترونها من السوق، وهذا يعني بالطبع زيادة استخدام التوابل بجانب الاستخدام المنزلي اليومي مثل القرفة وجوزة الطيب والزعفران المستخدمة في الحلوى”. يذكر أن بالهند أكبر سوق توابل في العالم يبلغ حجمه نحو 2,8 مليار دولار ينتج قرابة نصف توابل العالم بحسب هيئة التوابل، وتستهلك الهند 90 في المئة مما تزرعه ولا يستطيع أهلها حتى التقليل من ذلك. وقال جاييش شيتي مدير أحد المطاعم في سواجك في نيودلهي: “أسعار التوابل شديدة الارتفاع، انها كالذهب، ومنذ فترة ليست بالطويلة كنا ندفع 50 - 60 روبية في كيلوجرام الثوم، ولكن اليوم بلغت أسعاره 280 روبية (6,20 دولار) للكيلو جرام الواحد، ونحن نتحمل فرق التكلفة حالياً غير أنه إذا ظلت الأسعار في الارتفاع سنضطر إلى تحميل عملائنا الفرق”. كما قال سوريندر سنجال أحد تجار الكركم من الجيل الثالث: “في الهند تعتبر التوابل وخصوصاً الكركم والكمون سلعاً رئيسية، والناس سيشترونها أياً كانت أسعارها، في الواقع لم نشهد أي تغيرات في المبيعات رغم أننا نحمل العميل فرق الأسعار”. ورغم أن التوابل لا تشكل سوى واحدا في المئة من سلة أسعار الغذاء الحكومية في الهند إلا أن شيوعها في كافة الوجبات الهندية يشكل عبئاً مالياً ثقيلاً على الفقراء. وفي أواخر شهر ديسمبر 2010 تحولت زيادة سعر البصل إلى فضيحة قومية أجبرت رئيس الوزراء الهندي على التدخل وعلى استيراد البصل من باكستان. يبلغ تضخم أسعار الغذاء في الهند عموماً 14,4% بحسب أرقام أصدرتها الحكومة في منتصف ديسمبر 2010، ورغم أنه أدنى من مستويات 20 في المئة عام 2009 إلا أن التحول الهيكلي طويل الأجل في استهلاك الغذاء يعني أن الأسعار ستظل على الأرجح مشكلة مستمرة للساسة في الهند. كذلك فإن تزايد الدخول وتغاير النمط الغذائي وتدني إنتاجية المزارع قد يترتب عليها فعلاً زيادة جديدة في التضخم العام على خلفية أسعار الأغذية. وقال مير من مؤسسة منجال كيشاف: “ستدخل محاصيل جديدة السوق في شهر فبراير تقريباً ولذا سنشهد بعد ذلك تراجعاً قليلاً في الأسعار ولكنها ستظل مرتفعة نسبياً لفترة عام 2011”. وهناك بعض التجار الذين يقدمون تفسيراً آخر لارتفاع الأسعار المتسارع، إذ يرى راديشام بالكيشان تاجر التمر هندي بالجملة إن عملية تكديس السوق السوداء تزايدت حيث سعى المضاربون إلى الاستفادة من نقص المعروض فقال: “يشتري تجار السوق الأثرياء كميات هائلة من التوابل ثم يكدسونها سراً إلى أن تزيد الأسعار زيادة شديدة قبل أن يطرحونها للبيع، كما ينتظر المزارعون إلى أن تبلغ الأسعار ذروتها وحينها يبيعون ما لديهم”. وقد أثر ذلك على قارات أخرى إذ قال هاري ناجاراج رئيس نادي القرفة في لندن: “زاد الموردون الأسعار بشكل كبير، ونضطر إلى الانتباه جيداً إلى ما نشتريه من حيث الكمية والسعر بالنظر إلى أننا في نهاية المطاف نتحمل زيادة الأسعار”. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©