الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضحية المذنبة

الضحية المذنبة
12 يونيو 2013 20:13
بين صراع التقاليد الدينية ونظرة المجتمع لشرف المرأة في المجتمع المغربي الذي تحده قواعد الشرف والالتزام بحدود الشريعة الإسلامية وتخنقه الظروف الاقتصادية وتردي الأوضاع الاجتماعية التي تدفع بعض النساء للمجهول والوقوع في المحظور، تدور فكرة فيلم “نساء بلا هوية” لمخرجه محمد العبودي الذي حاول الدفاع عن نساء تعرضن للظلم بالاعتداء عليهن واتهامهن بالتفريط في الشرف ثم عانين من تخلي المجتمع عنهن واستغلال معاناتهن دون معاقبة الجاني الحقيقي. ويعد فيلم “نساء بلا هوية” واحدا من الأفلام الوثائقية القليلة التي تركت انطباعا جيدا لدى الجمهور في بلد لا تحظى فيها الأفلام الوثائقية بشعبية جماهيرية ولا باهتمام المنتجين، وحظي الفيلم بإعجاب النقاد والجمهور أثناء عرضه في مهرجان الفيلم المغربي في دورته الأخيرة، واعتبر النقاد أن عرض فيلم قوي وجريء مثل فيلم “نساء بلا هوية” يحسب لإدارة المهرجان التي تخلت عن أفلام كثيرة لعرض فيلم يخلو من التصنع ومن عناصر الإثارة المجانية ويعرض قصة إنسانية إحدى بطلاتها لا تزال رهن الاعتقال ولم تتمكن من حضور عرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان السينما المغربية حيث حظي بتنويه من لجنة التحكيم الدولية للمهرجان. ذنب غير مغفور يحكي فيلم “نساء بدون هوية” للمخرج محمد العبودي قصة من صلب الواقع، عن عالم بنات الليل، وينتقد تعامل المجتمع مع الأنثى محكوم عليها بالذنب حتى لو كانت مغتصبة، من خلال حكاية هند التي تعرضت للاغتصاب والطرد من بيت والديها وسنها لم يتجاوز الخامسة عشرة لتصبح راقصة في ملهى ليلي وبائعة هوى. واختار المخرج محمد العبودي قصة هذه الفتاة القاصرة التي طردت من بيت أهلها وتخلي المجتمع عنها ووقف القانون عاجزا عن معاقبة من ظلموها واستغلوها، لتسليط الضوء على حياة نساء الدعارة، وركز المخرج على الجانب الإنساني لهذه الشخصيات وعرض قصصهن بأسلوب تسجيلي ظل فيه المخرج بعيدا عن الأحداث والمواقف، وترك البطلات يتحدثن بتلقائية وعفوية عن قصصهن. وتدور أحداث هذا الفيلم الوثائقي الواقعي في إحدى مناطق الشمال المغربي، حيث الظروف القاسية والحالات الإنسانية التي تعاني في صمت من الفقر والظلم وتجد ضالتها في الانحراف بعد ان حكم عليها المجتمع بأقسى العقوبات الاجتماعية وهي النبذ والاحتقار والإنكار، ويتتبع الفيلم حكاية ضحايا هذه العقوبة الانتقامية القاسية التي ينفذها المجتمع ككل ضد هؤلاء النساء دون أن يكون ملما بالظروف والأحداث، وينتقد الفيلم بطريقة غير مباشرة المؤسسات الحكومية التي عليها أن ترعي مثل هذه الفئات وتنتشلها من واقعن وتساعدهن على بناء حياة أقل شقاء. البطلة مسجونة يحمل فيلم “نساء بلا هوية” اتهاما واضحا للمجتمع الذي أسقط من حساباته هذه الفئة المحرومة من أي دعم مادي او معنوي، وحكم على المرأة التي تضطرها الظروف لبيع جسدها بالبقاء على الهامش طيلة حياتها. ومن خلال قصة “هند” نجح المخرج في إثارة موضوع يندرج ضمن الطابوهات في مجتمع شرقي لا يرحم لا يسامح المرأة ولا يغفر لها خطيئتها. ويعرض الفيلم قصة هند الفتاة التي تعرضت للإغتصاب في سن الرابعة عشرة وبدل مواساتها ومعاقبة الجاني يتم طردها من منزل والديها، وتتلقاها حياة الشوارع والمغامرات العاطفية الفاشلة حتى تنجب طفلها الأول وتصبح أما وحيدة،، ثم تستمر رحلة ضياع هند لتعمل راقصة في ملهى، ولأنها لا تحلم سوى بسقف يحميها ناضلت هند من أجل البحث عن عمل شريف وحاولت استخراج بطاقة هوية تساعدها للعثور على عمل، لكن قسوة محيطها العائلي الذي لم يغفر لها ووقف حاجزا امام تحقيق حلمها ببناء حياة جديدة، حيث رفضت عائلتها تسليمها الأوراق الثبوتية والاعتراف بها. وتحت ضغط الظروف تعود هند لحياتها السابقة كعاملة في ملهى وتنجب طفلها الثاني، ومع توالي الأحداث تقبل هند العيش مع رجل مدمن في بيت لا يتوفر على أبسط المقومات وينتج عن علاقتها غير الشرعية مع هذا الرجل طفل ثالث، ورغم قساوة واقعها مازالت هند مؤمنة بتحقيق أحلامها بالأمومة والعيش الكريم. أزمة الهوية أثنى النقاد على واقعية الفيلم وحبكته الفنية ونجاح المخرج في اختراق الجوانب الخفية لعوالم نساء مهمشات ومنبوذات يفشلن في كل شيء حتى في الحصول على بطاقة هوية، واعتبر بعض النقاد ان الهوية التي ورد ذكرها في عنوان الفيلم لم يقصد بها المخرج بطاقة الهوية وإنما هي هويتها الانسانية كامرأة تحتاج إلى نظام اجتماعي ناضج ليستوعب معاناتها وتنتقم لها من مغتصبها. اما المخرج محمد العبودي الذي حاول الدفاع عن فيلمه المتهم بالإساءة للمغرب وتشويه صورة نسائه فقال إن إنكار المشكل لا يعني تجاوزه، وانها حالة المرأة التي تضطر الظروف إلى بيع جسدها كانت تستحق التوقف أمامها، ليتحمل كل مسؤوليته في تغيير هذا الواقع. وأكد المخرج ان بطلة الفيلم نزيلة في أحد السجون بعدما اتهمت بتعنيف أطفالها الثلاثة التي تمكنت من تجميعهم وجعلهم تحت رعايتها، لذلك فهي لم تتمكن من حضور مهرجان الفيلم المغربي نتيجة دخولها السجن عقب تصوير الفيلم. وتمنى المخرج الا تكون محاكمة هند حدثت بسبب الفيلم في إشارة الى العقوبة المشددة التي صدرت في حقها حيث حكم عليها بثلاث سنوات ونصف سجنا نافذة وقال “أنا فعلا منزعج لما حدث لها وآمل أن تكون خضعت لمحاكمة عادلة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©