الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد العالمي يراهن على أميركا والأسواق الناشئة خلال 2011

الاقتصاد العالمي يراهن على أميركا والأسواق الناشئة خلال 2011
16 يناير 2011 21:24
وضح أن العام الماضي كان عام خير للاقتصاد العالمي، الذي حقق ارتفاعاً يقارب 5% ليفوق كل توقعات المراقبين وخبراء الاقتصاد. كما فشلت كل المخاطر، التي كانت تهدد أسواق المال، في التحول إلى واقع خلال ذلك العام. ونجد أن الاقتصاد الصيني لم يواجه أي صعوبات تذكر، وأن تراجع نظيره الأميركي في منتصف العام لم ينجح في جر البلاد إلى دائرة الركود مرة أخرى. وعلى الرغم من حقيقة مشاكل الديون، التي شلت حركة اقتصادات منطقة اليورو الهامشية، إلا أن منطقة اليورو في عمومها حققت نمواً مقدراً، حيث يعود الفضل في ذلك للمساعدات التي قدمتها ألمانيا بوصفها أقوى اقتصادات المنطقة في 2010. والسؤال الآن ما إذا كان سيتكرر ذات النمط في عام 2011. ويعتقد الكثيرون حدوث ذلك، حيث تصادف ثقة القطاع التجاري والمستهلك ارتفاعاً ملحوظاً في معظم أجزاء العالم، كما أن وتيرة قطاع الصناعة في تسارع واضح، إضافة إلى القوة، التي تظهرها أسواق المال. وارتفع مؤشر “أم أس سي آي” لأسعار الأسهم العالمية بنحو 20%. ويجدر بالذكر أن أداء الاقتصاد العالمي في 2011 يعتمد على ما يحدث في ثلاث مناطق: الأسواق الناشئة، ومنطقة اليورو وأميركا. وعلى الرغم من أن اليابان هي قوة اقتصادية كبيرة، إلا أنه ليس من المرجح أن تأتي بمفاجآت. وتسلك كل من هذه القوى الثلاث اتجاهاً يختلف عن الآخر مع اختلاف مستقبل نموها وخياراتها السياسية المتناقضة. ويبدو أن لا مفر من بعض هذا التناقض حتى للمراقب العادي. ونجد أن اقتصاد الهند يختلف إلى حد ما عن اقتصاد أميركا. لكن أحدثت الانقسامات الجديدة فروقاً كبيرة خاصة على صعيد الدول الغنية. ولو بدأنا الحديث بالأسواق الناشئة، نجد أنها ساهمت بالقدر الأكبر في النمو العالمي في 2010. وبذلت هذه الاقتصادات من شينزين إلى ساو باولو جهداً كبيراً، حيث لجأت إلى استغلال احتياطاتها. كما حظيت أسواقها بتدفقات ضخمة من النقد الأجنبي، حيث حلت مخاوف ارتفاع معدلات التضخم، محل مخاوف الفقاعات العقارية. وتعتبر الصين خير مثال على الرغم من أنها ليست الوحيدة في ذلك. وفي البرازيل مثلاً، ارتفع معدل التضخم بنسبة 5%، وكذلك الواردات في نوفمبر بنحو 44% أكثر من السنة التي سبقتها. وكثيراً ما تتسبب الأموال الرخيصة في حدوث مشكلة ما، حيث إنه وعلى الرغم من أن ركود 2009 يمثل ذكرى قديمة، إلا أن الأحوال المالية ما زالت تعاني التفكك ويعود الفضل في ذلك إلى الجهود المبذولة لخفض قيمة العملات. ولوقف ارتفاع الأسعار تحتاج معظم اقتصادات الدول الناشئة إلى فرض سياسات نقدية أكثر صرامة في 2011. وإذا فرضتها أكثر من الحد المعقول فإنها ستحد كثيراً من النمو، وأقل من المعقول، ستخلق ارتفاعاً في التضخم ومن ثم تقود إلى سياسات أكثر صرامة. وفي كلا الحالتين، ترتفع فرص صدمة الاقتصاد الكلي القادمة من الدول الناشئة. أما منطقة اليورو، فهي مصدر قلق دائم، هذه المرة من ناحية الاقتصاد الكلي، بالإضافة إلى الناحية المالية أيضاً. ومن المتوقع أن ينخفض معدل النمو على المدى القصير نتيجة لخفض الإنفاق الحكومي. وبينما دخلت ألمانيا اتحاد العملة طواعية، لم يكن لدى دول مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا خيار آخر، بالإضافة إلى مستقبلها القاتم. وتشير الأدلة التجريبية إلى أن الدول التابعة لاتحاد العملة ربما ليس في مقدورها تحسين منافستها بسرعة من خلال تقليص الأجور وخفض الأسعار. والأسوأ من ذلك أن النتائج المالية الناجمة عن التحول إلى عالم فيه انهيار دولة اليورو من الاحتمالات الواردة، أصبحت أكثر وضوحاً. ولا تعاني دول منطقة اليورو من الديون فحسب، بل إن النظام المصرفي، الذي يقوم على الوحدة المالية، يحتاج برمته لنوع من الإصلاح. وأصبح في حكم المؤكد الآن، أن تشهد دول المنطقة في عام 2011 معاناة أكبر. وفي أميركا، سيشهد الاقتصاد نوعاً من التحول، لكن في اتجاه مغاير. وبعكس أوروبا، فإن سياسة الاقتصاد الكلي في أميركا بعيدة كل البعد عن انتهاج برامج التقشف. وتعتبر اتفاقية الخفض الضريبي، التي تم التوصل إليها في 7 ديسمبر الماضي، أكبر من المتوقع، حيث إنها لم تقتصر على مد سياسة الإعفاءات الضريبية، التي وضعها الرئيس السابق بوش لعامين آخريين فحسب، بل أضافت أكثر من 2% للناتج المحلي الإجمالي في شكل إعفاءات جديدة لعام 2011. وعندما يصحب ذلك شراء مجلس الاحتياطي الفيدرالي المستمر للسندات، تكون أميركا قد حقنت نفسها بجرعة أخرى من المحفزات. ونتيجة ذلك، إمكانية نمو أميركا بنحو 4% في 2011، مما يقلل حجم البطالة لكن ليس بالسرعة المطلوبة. وعلى الرغم من أن حاملي السندات يغضون طرفهم عن عملية التخفيف الكمي “طبع العملة لضخ السيولة في الأسواق”، إلا أنهم رحبوا بالاتفاقية الضريبية من خلال بيع سندات الخزانة. ولا شك في أن بعض المستثمرين يدركون أن هناك نمواً قوياً قادماً، لكن يساور القلق نسبة كبيرة منهم بخصوص حجم العجز المالي الأميركي. وإذا تحولت هذه المخاوف إلى حقيقة، فمن المرجح أن يشهد سوق السندات في أميركا المزيد من المعاناة في 2011. ما مدى تأثير هذا التباين في التوجهات؟ يضاعف التباين بين القوى الثلاث، من مخاطر كل واحدة من هذه القوى. وستشجع سياسة أميركا النقدية المتساهلة والتأخير في سداد الديون السيادية في منطقة اليورو، على تدفق رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة مما يجعل مصارفها المركزية مترددة في رفع أسعار الفائدة وخفض معدل التضخم. ومن المتوقع أن تشكل الأسواق الناشئة خلال السنوات الخمس القادمة 50% من النمو العالمي، لكن ليس بأكثر من 13% من زيادة حجم الديون العالمية العامة. وبدلاً من أن يستعيد الاقتصاد العالمي توازنه في المستقبل القريب، فإنه سيتأرجح بين دول الغرب المثقلة بالديون، ودول الشرق، التي تنعم بالازدهار. تفادى الغرب الوقوع في الكساد نتيجة لأن الغرب وأميركا يعملان مع بعضهما البعض ويتقاسمان فلسفة اقتصادية متشابهة. أما الآن فيواجهان مشاكل داخلية ليتبنى كل منهما استراتيجية مختلفة للتصدي لهذه المشاكل. ومن الممكن أن تنتهج الإدارة الأميركية خطة متوسطة المدى من أجل خفض عجزها المالي. كما من الممكن للقادة الأوروبيين أن يتوصلوا لاتفاقية تقف بموجبها العملة الموحدة والنظام المصرفي لمنطقة اليورو على أسس أكثر استدامة. ولأن تسمح اقتصادات الدول الناشئة الكبيرة بارتفاع عملاتها. لكن لا يمكن ضمان قيام ذلك. ومن المنتظر أن يجعل المزيد من انقسام الاقتصاد العالمي عام 2011، عام الصدمات المدمرة. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©